‫الرئيسية‬ ولد في مثل هذا اليوم ولد في مثل هذا اليوم ٢ يوليو باتريس لوممبا

ولد في مثل هذا اليوم ٢ يوليو باتريس لوممبا

ولد في مثل هذا اليوم – الشاهد

ولد باتريس ايمري لومومبا في ٢ يوليو عام 1925 في قرية كاتاتا كوركومبي في إقليم ستانليفيل (كيسانغاني أو كاساي) بمقاطعة الكونغو الشرقية، وينتمي إلى قبيلة باتيليلا وهي جزء من قبيلة المونغو.
وهو من أبناء النخبة الكونغولية التي حظيت بالتعليم في فترة الاستعمار البلجيكي حيث تلقى التعليم الأولي بالمدارس التبشيرية، ثم التحق بمدرسة لتدريب عمال البريد في ليوبولدفيل، وفي التاسعة عشرة من عمره عمل موظفا للبريد بمدينة ستانلي فيل وشهد خلالها بأم عينه الفصل العنصري ضد السود. في الوقت نفسه درس القانون والاقتصاد واجتاز عدة دورات دراسية، وعقد خلال عمله علاقات وثيقة مع القبائل الإفريقية المختلفة.
بعد 11 عاما اتهم بالسرقة فسجن، وبعد خروجه عمل في عدة أعمال لإعالة أسرته.
شارك في مؤتمر أكرا الممهد لمنظمة الوحدة الإفريقية في ديسمبر عام 1958 وبعد سماح سلطات الاحتلال بالنشاط السياسي الوطني أسس حزب الحركة الوطنية الكونغولية الذي يهدف للاستقلال والوحدة الوطنية وكانت أقوى الحركات السياسية في الكونغو، كما رأس تحرير جريدة الاستقلال، وقام بالاتصال بعدة أطراف إقليمية ودولية لتأييد حق بلاده في الاستقلال وكان يحث الجماهير بخطبه النارية وبمقالاته الحماسية في الصحف المحلية والخارجية يشرح فيها جرائم البلجيك ضد شعبه وبلده معتمداً على البراهين والادلة المستقاة من ملاحظاته والتقارير والاحصاءات الصادرة من الأوساط البلجيكية حول الأموال الطائلة التي هربها المستعمر إلى بلجيكا، فحظي لومومبا بشعبية واسعة وقاد مظاهرات ومواجهات مع الاستعمار البلجيكي عام 1959 أدت إلى اعتقاله لمدة ستة أشهر، وأفرج عنه لإنجاح مفاوضات مؤتمر المائدة المستديرة التي كانت تجري في بروكسل لبحث مستقبل الكونغو، ونقل من السجن إلى بروكسل بالطائرة، على إجراء استفتاء شعبي عام في الكونغو تحت إشراف دولي لمعرفة رغبة الشعب أو رأيه في الاستقلال، وتم الإتفاق على استقلال الكونغو وإنهاء ثمانين عاما من الاستعمار البلجيكي، وإجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد.
أجريت انتخابات نيابية في مايو 1960 تنافس فيها أكثر من مائة حزب، وحققت الحركة الوطنية بقيادة لومومبا نجاحا ساحقا وحصل على حوالي 90% من الأصوات. وحاولت بلجيكا التي كانت تدير البلاد إخفاء النتائج وإسناد الحكم إلى حليفها جوزيف إليو خاصة أن منصب رئيس الوزراء هو المتحكّم في شئون البلاد؛ حيث يُعتبر منصب الرئيس منصبا شرفيا، وكان الرئيس آنذاك يُحابي الاحتلال على حساب شعبه، ولكن الضغط الشعبي وحفاظاً على ماء وجههم أمام الرأي العام الأوربي، أجبرت بلجيكا على تكليف لومومبا بتشكيل الحكومة في 21 يونيو 1960.
شكل لومومبا أول حكومة كونغولية منتخبة في 23 يونيو 1960 وحرص على أن تضم حكومته كل القوي الوطنية وأصدر عدة قرارات عشية استقلال البلاد لإبعاد البلجيكيين عن إدارة شئون البلاد.
حدثت أزمة سياسية بين الكونغو وبلجيكا يوم الاستقلال، ففي 30 يونيو 1960 حضر ملك بلجيكا بودوان ورئيس وزرائه وكذلك من الدول الأفريقية وبعض الشخصيات الاوربية إلى الكونغو لحفل إعلان الاستقلال.
تقدم رئيس وزراء البلجيك لإلقاء كلمتة فمنعه لومومبا بحجة أن اسمه غير وارد في قائمة المتكلمين فامتعض رئيس الجمهورية كازا فوبو من هذا التصرف، فقام ملك بلجيكا وألقى كلمة قال فيها “ان بلجيكا ضحت بشبابها وأموالها الطائلة من أجل تعليم الشعب الكونغولي ورفع مستوى اقتصاده، وحذر الوطنيين الكونغوليين بعدم اتخاذ إجراءات متسرعة أو غير مدروسة تؤدي إلى تدمير المدنية التي خلفها البلجيكيون لهم”.
فأغضب ذلك الكونغوليين واعتبروا حديثه مهينا ويفتقر إلى اللياقة، فقام لومومبا واتجه إلى المنصة فقاطع الملك البلجيكي بخطاب أطلق عليه خطاب “الدموع والدم والنار” قائلا :”أيها المناضلون من أجل الاستقلال وأنتم اليوم منتصرون، أتذكرون السخرية والعبودية التي فرضها علينا المستعمر؟ أتذكرون إهانتنا وصفعنا طويلا لمجرد أننا زنوج في نظره؟ لقد استغلوا أرضنا، ونهبوا ثرواتنا، وكان ذلك بحجج قانونية . قانون وضعه الرجل الأبيض منحازا انحيازا كاملا ضد الرجل الأسود.
لقد تعرضنا للرصاص والسجون وذلك لمجرد أننا نسعى للحفاظ على كرامتنا كبشر”.
وهنا ساد صمت مطبق ما عدا همس بين ملك البلجيك ورئيس وزرائه الذين عزموا على قتل لومومبا، فبعد ثلاثة أيام فقط بعد هذه الحادثة دخل جيش بلجيكي إلى الكونغو عن طريق مصب نهر زائير ووصل إلى العاصمة كينشاسا وفي نيته تنفيذ خطة مبيتة ضد لومومبا.
لم تنعم الكونغو بالاستقلال سوى أيام معدودة، فقد دخلت في سلسلة من الأزمات لم تتوقف حتى اليوم. ووجدت حكومة لومومبا نفسها تواجه أزمات كبرى بدأت بتمرد عسكري في الجيش، وانفصال إقليم كاتانغا الغني بالثروات في الكونغو بدعم من بلجيكا، واضطرابات عمالية.
في يوليو 1960 قام مويز تشومبي حاكم إقليم كاتانغا، الغني بالمعادن الثمينة، بالثورة على الحكومة الكونغولية وأعلن الحرب عليها كما أعلن انفصال الإقليم عن الكونغو في دولة مستقلة.
استنجد لومومبا بالاتحاد السوفيتي ولكن السوفيت رفضوا طلبه، ثم طلب منهم فقط إعارته بضعة طائرات حاملة الجنود لنقل ما بقي من جيش إلى كاتانجا لتحريرها، ورفض هذا الطلب أيضاً. اضطر لومومبا إلى اللجوء إلى هيئة الامم المتحدة واستجابت لطلبه ظاهرياً وأرسلت (200) ألف جندي إلى الكونغو، ولكنها تدخلت ضده. وانفض عن لومومبا عدد من حلفائه الأساسيين، وساءت علاقته مع رئيس الجمهورية كازافوبو.
رغم أن منصب رئيس الجمهورية شرفي والسلطة الفعلية بيد رئيس الوزراء، فإن الرئيس كازافوبو بعد ثلاثة أسابيع فقط أصدر أمراً بعزل لومومبا وتجريده من كل صلاحياته وإقالة الحكومة، رغم أن مجلس الشيوخ صوت بأغلبية كبيرة ضد القرار، وتم تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة جوزيف إليو الموالي لبلجيكا.
أدرك لومومبا أنه عرضة للاغتيال في أيّة لحظة حتى أنه نقل عنه قوله “إذا مت غداً فسيكون السبب أن أبيض قد سلح أسود. مات لومومبا شاباً في سبيل الدفاع عن أمة عصرية”، فطلب الحماية والحراسة من قوات هيئة الأمم ولكنها تجاهلت طلبه، وبقي وحيداً في المعركة. فاضطر لومومبا إلى اللجوء إلى معقل أنصاره في شمال البلاد قرب الغابة الممطرة ولكن العقيد موبوتو رئيس هيئة الأركان الذي كان حليفاً للومومبا سابقاً -وتحت التأثير القوي لسفير بلجيكا في الكونغو آنذاك- قد انقلب ضده، واتهمه أمام كاميرات التلفزيون بأنه متعاطف بل مؤيد للشيوعية، كان موبوتو يريد بذلك التأييد والدعم من الولايات المتحدة.
حاول لومومبا الهرب من معتقله لكن قبض عليه في الطريق مع اثنين من أهم رفاقه هما: نائب رئيس مجلس الشيوخ جوزيف أوكيتو، ووزير الإعلام موريس موبولو، بعد ذلك أمر موبوتو بسجن لومومبا ثم سلمه إلى عدوه تشومبي – الذي أعلن استقلال إقليم كاتانغا- بدل تسليمه إلى الحكومة الجديدة وتشومبي سلمه فوراً إلى الجيش البلجيكي ونقلوا إلى سجن بلجيكي في سيارة جيب يقودها ضابط بلجيكي.
قام أنصار لومومبا بحرب ضد موبوتو فاحتلوا بسرعة ثلثي الكونغو لكن سيسيسيكو هزمهم بفضل الدعم الغربي واستولى على السلطة عام 1965 في انقلاب عسكري هو الأول من نوعه في أفريقيا في ذلك الوقت.
في 17 يناير 1961 حوالي الساعة العاشرة ليلاً، دُفع بالسجناء-لومومبا ورفاقه- في سيارة من الموكب المؤلف من أربع سيارات أمريكية وسيارتي جيب.
في السيارات الثلاث الأولى كان الرئيس تشومبي وعدة وزراء من حكومة كاتانغا، وفي السيارة الرابعة اللفتننت البلجيكي غات ويقودها المفوض فرشير. والسجناء في الخلف مقيدون بالسلاسل، وفي السيارة الخامسة عناصر من الشرطة العسكرية. انعطف الموكب نحو اليمين تجاه مفرق الطريق القريب، وبعد عدة مئات من الأمتار، أخذ مساراً ضيقاً إلى اليسار، يؤدي إلى الطريق الذي يصل لوانو باليزابتفيل. انطلقت السيارات الأمريكية بسرعة، ووصلوا إلى مفترق طرق، وتابعوا في درب إلى اليمين تؤدي إلى موادينغوشا المشهورة بشلالاتها، وهي منطقة مستنقعية وموطن لأسراب الطيور. وعلى بعد ثلاثمائة متر منها، وصل الموكب إلى فسحة في الأراضي المشجرة. كانت الساعة العاشرة وخمسة وأربعين دقيقة ليلاً؛ استغرقت مسافة الخمسين كيلومتراً أقل من 45 دقيقة.
كانت البقعة منارة بالأضواء الأمامية لسيارة الشرطة التي كان يسوقها المفوض فرشير، والتي وصلت أولاً. كانوا ينتظرون بقية الموكب. جرى اختيار تسعة من رجال الشرطة إضافة إلى الجنود التسعة للتنفيذ. كانت هناك شجرة مهيبة ترتفع إلى 10 أمتار ويبلغ قطرها 80 سنتيمتراً. لم يجد الجنود كثيراً من المشقة في حفر القبر لأن التربة كانت رملية ومفككة. خرج الجميع من سياراتهم وانضموا إلى الشرطة، ما عدا السجناء. تبادل اللفتننت غات بضع كلمات مع وزراء كاتانغا الذين كانوا واقفين أمام القبر، كانوا في مزاج جيد وأطلقوا عدة نكات. كان أحدهم عصبياً يدخن السيجارة تلو الأخرى.
أُخرج السجناء من السيارة. كانوا حفاة لا يرتدون سوى بناطيلهم وستراتهم. أزال فرشير قيودهم، وسار وراء لومومبا الذي سأله: ستقتلوننا، أليس كذلك؟ رد فرشير ببساطة: نعم. تقبل لومومبا بجرأة إعلان موته الوشيك. وقف السجناء الثلاثة على الممر يحيط بهم الجنود ورجال الشرطة، كانوا قد تحملوا الضرب في الساعات السابقة. أخبرهم فرشير بأنهم سيطلقون عليهم الرصاص، وأعطاهم الوقت ليتلوا صلواتهم. لومومبا رفض العرض. في تلك الأثناء، استعدت فرقة إطلاق النار الأولى المكونة من جنديين يحملان بندقيتين وشرطيين برشاشين، ويبدو أن أحداً ترنم بلحن محلي.
أخذ فرشير جوزف أُكيت إلى الشجرة، وأوقف عندها. قال أُكيت: أريد أن تعتنوا بزوجتي وأولادي في ليُبُلدفيل. أجابه: نحن في كتنغا ولسنا في ليو. اتكأ أُكيت على الشجرة ووجهه نحو فرقة القتل المستعدة على بعد 4 أمتار. وانهمر وابل قصير من الرصاص، سقط على أثره نائب رئيس مجلس الشيوخ السابق ميتاً. وجاء دور موريس مُبُل، أُسند إلى الشجرة، وكانت جولة جديدة من الرصاص من فرقة أخرى أسقطته أرضاَ. وأخيراً أقتيد لومومبا إلى طريق القبر، كان صامتاً مذهولاً تماماً وعيناه زائغتان، ولم يبد أية مقاومة، واجه زمرة القتل الثالثة ووابل هائل من الرصاص، وأصبح جسد رئيس الوزراء السابق كالغربال لكثرة ثقوب الرصاص.
بعد التنفيذ، كانت الأرض قد امتلأت بنحو نصف كيلوغرام من الرصاصات الفارغة. بعد سبع وعشرين سنة، كانت الشجرة لا تزال مثقبة بالرصاص. أنجزت العملية كلها بحوالي خمس عشرة دقيقة .
وتم التخلص نهائيا من الجثث بعد أربعة أيام بتقطيعها إلى قطع صغيرة وإذابتها في حمض الكبريتيك. ونفذ هذه المهمة ضابط شرطة بلجيكي اسمه جيرارد سويت، وكان الحمض في شاحنة مملوكة لشركة تعدين بلجيكية. وقد اعترف سويت بذلك في لقاء تلفزيوني أجري معه عام 1999، وقال إنه احتفظ باثنين من أسنان لومومبا كـ”تذكار” لسنوات عدة، ثم تخلص منهما بإلقائهما في بحر الشمال.
قتله البلجيكيون في يناير 1961 بعد سنة واحدة من توليه الحكم لتأثيره على مصالحهم في الكونغو

‫شاهد أيضًا‬

ولد مثل هذا اليوم… مديحة كامل

ولد مثل هذا اليوم – الشاهد ولدت في مدينة الإسكندرية في 3 أغسطس 1948 وانتقلت عام 1962…