باقة ورد لقضاء السودان

محمد عباس(الجزيرة مدني) :

اليوم الاربعاء الموافق17/ مارس /2021 م شاءت الظروف ان اذهب مع صديق عزيز لي لادارة التوثيقات بمحكمة مدني للشهادة مع صديقي لاستخراج اشهاد شرعي والدنيا زحمة وحرارة الطقس تزيد الاعصاب توترا.. والكل ينتظر دوره للدخول وانهاء معاملته والمغادرة..
وكان من بين الموجودين رجل كبير في السن اقعده الزمن في كرسي مع تلك المشايات التي يستعملها كبار السن ذات الاربعة ارجل للمساعدة في السير وعلمت انه بصدد استخراج شهادة فقدان لمستند يخصه.. وكلنا نقف امام باب قاعة المحكمة بضجر ننتظر دورنا بالدخول لمولانا ..وجاء دور كبير السن واعلن الحاجب عن اسمه واراد عمك النهوض والسير مع شهوده ويخبر الحاجب القاضي بان الرجل يسير بمشاية وبعناء لذلك سياخذ وقتا اضافيا ولكن الحاجب يصيح بكبير السن البقاء بمكانه وان القاضي سياتي له في مكانه.. وقد كان خرج القاضي حاملا الاوراق خارج قاعة المحكمة ويدنو من الرجل المسن بحنو واحترام ويساله بعد جعله يودي اليمين من اين فقد الاوراق وماهية نوعها وتاريخ الفقدان..والكل مبهور من هذا السلوك الانساني الرائع الذي ظننا انه اختفي في هذا الزمان ..انبهار اراح نفوسنا وكسر رتابة الانتظار ورطب حرارة الجو الخانق ..هل من الممكن ان يكون هناك اناس لاتزال اخلاقهم بهذا النبل رغم فخامة المنصب والسلطة التي تغير الكثيرين ..انهي الرجل معاملته وانهينا لصديقي معاملته ايضا ..وقطعت الكهرباء وتوقفت المعاملات بجهاز الكمبيوتر في مكتب مراقب المحكمة وانا اراقب هذا القاضي الانسان الذي فتح شبابيك القاعة وواصل عمله كان شيئا لم يكن ووجدت فرصة خلو القاعة من الناس واستاذنت الحاجب في الدخول ..واخبرته باني ليس لدي شي عنده سوي شكره والاشادة علي ماقام به واطلب الاذن بالنشر في الفيس ..هل تصدقون انه رفض ذلك وبشدة معللا ماقام به انه امر عادي جدا وانه واجب تجاه كبار السن.. وانا مغادر للمحكمة اخبرته بان خصوصية الوظيفة ووضعها يمنعاني من النشر بالاسم والصورة ولكن من حقه علينا كمواطنين ان نرسل باقة ورد لقضاء السودان تعبير عن احساس عاشه اليوم كل من كان بادارة التوثيقات لهذا القاضي الانسان والتحية والتجلة لكل قضاة السودان ..ومثلما نري التقصير في اي مرفق ننتقده وبشدة من حقه علينا ان نشكره علي هذه الانسانية الراقية ونقول حواء السودانية والدة.. ودمتم طيبين.. محمد عباس ..ودمدني