القبائل لا تحمي الفاسدين
عمر عثمان :
الأمر الذي لا يحتاج تفسيره لكثير عناء واجتهاد هذه الأيام هو لجوء الفسدة من اذيال النظام البائد ومن تمردغوا في نعائم فسادهم وهرولتهم المفضوحة تجاه القبيلة وإعلاء صوتها وكأن القبائل في السودان بدأ تكوينها حديثا وتذكر معظمهم أن القبيلة ستكون عاصما له من العقوبة وسفينة يمكنه الافلات بها من سيف العدالة.
وقد تناسي هؤلاء أن دعواتهم الباطلة أتت بعد ثورة عظيمة “لم تفارق حناجر شبابها وشيبهم” هتافات الحرية والسلام والعدالة وثلاثتها تنافي ما يسير فيه هؤلاء الذين لم يكونوا يوما جزء من أهلهم ولا مواجعهم بعد أن انفردوا بالسلطة لثلاثة عقود متناسين أن لهم قبائل يموت أطفالها تباعا بلدغات العقارب أو تبتلعهم مياه الأنهار في رحلتهم المشئومة إلى المدارس ينشدون مستقبلا أخضر، دون أن يحرك ذلك ساكنا، وهم أنفسهم الذين حرقوا قراهم وقصفوها بالأسلحة ثقيلها وخفيفها وهم أنفسهم الذين ضربوا اولاد القبائل واذاقوهم الأمرين في معتقلات هم وسجونهم لمجرد أن نطقوا بكلمة الحق وطالبوا بالحرية والسلام والعدالة.
فقد ظلت القبيلة السودانية نموذجا للتعاضد والتكافل الاجتماعي والتراحم والمواساة عن الفزع دون أن تحشر انفها في عالم ساس يسوس وتشكلت كل حكومات السودان الحديث من كل أرجاء الوطن، بما فيها سيئة الذكر الإنقاذ دون أن يكون لقبيلة شأن أو ملك أو جاه أو سلطان دون الأخريات وذلك هو التعدد والتفرد الذي امتاز به السودان على مر العصور، حتى جاءت قبيلة الفسدة من المؤتمر الوطني المحلول القبيلة الافسد على وجه البسيطة منذ أن خلق الله الأرض التي تضم كل أطياف الدم السوداني وتربط بينهم بجنزير الفساد الثقيل.
لم يشهد السودان اصطفافا قبليا كالذي يحدث الآن وهو اصطفاف معلومة أهدافه ومراميه وان وجدت دعاوى الفاسدين هوى في نفس من أتوا للسلطة حين غفلة من العسكر الذين لا مؤهلات لديهم لإدارة الدولة ولايملكون من الشهادات العلمية والقدرات الذهنية سوى حب السلطة مقرونا بالهلع من المطاردات القانونية جراء ما اغترفت أياديهم الملطخة بدماء الشهداء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وكل مدن وحواري السودان، فالذي يحدث الآن لاعلاقة له بالثورة وكل أطرافه لا صلة تربطهم بالجسم الثوري سواء أكانوا مدنيين فسدة أو عساكر أتت بهم الأقدار إلى سدة الحكم جنبا الي جنب مدنيي الثورة بمختلف مكوناتها، فمن العار أن نبدل شعارات ياعنصري ومغرور كل البلد دارفور وكل البلاد أمدر وعطبرة الطيبة إلى هتافات عنصرية تمجد القبيلة وتشحنها للانقضاض على السلطة وحكم البلاد، فالسودان أكبر من أن تحكمه قبيلة أو عدة قبائل مؤتلفة بهذا الأسلوب الرخيص والاستعراض الأحمق لسلاح القبلية بالتفاخر والتظاهر باعتماده منصة لعداء المسئولين والحكم المدني، فالقبيلة السودانية أكبر واعف في أن تستخدم في حرب قذرة وقودها أبناء السودان بمختلف قبائلهم وسحناتهم، فلا الحكومة المدنية تحتاج لقبيلة محددة لتدعمها ولا المعارضة الناضجة يمكن أن تقود حربها ضد الحكومة باسم قبيلة محددة، فالسودان ليس دويلة صغيرة يسكنها عدد محدود من القبائل التي تستطيع اي منها أن تمثل دور الحكومة حينا والمعارضة حينا بل شعوبا وقبائل تتجاوز ال500 قبيلة فإن سادت روح القبلية فنحتاج لعدد مثلها من الدول المستقلة القابلة للانشطار والتشظي.
أعود لأقول أن دعاة القبلية والذين يتخذون من تجمعاتهم مدخلا للافلات من المحاكمات أو أولئك المتسلقين الطامعين في السلطة دون أن يكون لديهم دور واضح في الثورة ويبحثون عن مدخل بعيدا عن الأجسام الثورية التي قامت بالثورة لن يجدوا ضالتهم في هذا الاتجاه وان زارهم كل مجلس السيادة ومجلس الأمن والسلم الأفريقي أو قل الأمم المتحدة نفسها وحشدوا لها الملايين من البشر، لأن الحقيقة التي لاتقبل الجدال أن إدارة الدول ليس مسخرة ولا أقلية واكثرية ولا هي مكة ليخرجن الاعز منها الاذل بل علوم تدرس وتمارس وتتبع بالخبرات الكافية التي يملكها الافراد لادارة الدولة، فالدول لاتبني بالهتافات والأشعار والهز بل بالمفاهيم والاستراتيجيات والدراسات والتخطيط السليم وفوق ذلك التسامي فوق كل ماهو عنصري، فالقبائل تظل محل احترام وتقدير ورمزا للتكافل والتعاضد والأعراف والتقاليد الكريمة ولا مكان لها في السياسة ودروبها وان تقدم الآلاف من قبيلة واحدة بفضل قدراتهم ومؤهلاتهم الشخصية لا القبلية فإن ذلك لايعني أن قبيلتهم هي الأجدر على حكم البلاد، كما أن القبائل لا تحمي الفاسدين ولا تحقق طموحات المتسلقين والانتهازيين وقد أثبتت القبائل السودانية على الدوام انها ليست مطية ولا درعا يمكن أن يستر فاسدا أن هرب واحتمي بها بل تحاكمه لأنه جلب لها الخذي والعار، بينما تفتخر وتفاخر بالشرفاء من أبنائها الذين يقدمون للوطن من مواقعهم العلمية والثقافية والسياسية.
فالفاسد الذي يبحث عن القبيلة كغطاء عريان ومن يسانده من المعسكر الآخر لايقل عنه عورة وعوزا.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …