
ثمرات الجدب الفكري
د. معتصم اقرع :
ان كنت تود معرفة لماذا يبدو بـرنامج ثمرات كتلفيق, عليك بزيارة تاريخه وفكر في بعض جوانبه:
يقول البرنامج إن ثمانين بالمائة من المواطنين السودانيين سيحصلون على خمسة دولارات شهريًا (أو خمسة آلاف جنيه، لا أحد يعلم).
السؤال لماذا ثمانين بالمائة؟ لماذا ليس سبعين أو ستين أو خمسة وثمانين؟ من الواضح أن الثمانين في المئة هو مجرد رقم تعسفي تم سحبه من مخيال صانع قرار.
السؤال الآخر هو من هم المواطنون الذين سيغطيهم البرنامج ومن هم العشرون بالمائة الذين سيتم إقصاؤهم؟ وما هي معايير الدمج والإقصاء؟ وهل تمتلك الحكومة قاعدة البيانات والقدرة الإدارية لتنفيذ الإدماج والاستبعاد بناءً على أي معايير قررتها ؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة واضحة للغاية بحيث لا يجوز ذكرها وكتابتها فقط نذكر ان كل ما خطر ببال الحكومة حتى هذه اللحظة هو ان كبار رجال الدولة سيتم اقصاءهم ولكن هؤلاء لا يمثلون نسبة تذكر من واحد في الألف من الشعب السودان.
والسؤال المطروح الآن هو لماذا وكيف توصلت الحكومة إلى هذه النسبة الثمانين في المئة؟
الجواب بسيط. أولاً، قررت الحكومة إطلاق دعم نقدي مباشر كغطاء لإلغاء دعم السلع والدعم النقدي في صورته المنطقية يغطي من تنطبق عليه معايير الفقر فقط ويبدا بـاستهداف من هو اكثر فقرا قبل غيره. ولكن لاحظ النقاد وجادلوا أن الحكومة لا تمتلك قاعدة البيانات والقدرة الإدارية لاختبار مداخيل جميع السودانيين لتحديد من هم الفقراء والذين يستحقون الدعم النقدي المباشر ومراجعة هذه المداخيل بصورة دورية لاستبعاد من تحسن دخله وخرج من زمرة الفقراء. وقيل أيضًا إن هذه القدرات الغائبة صعبة التطوير ومكلفة للغاية وتحتاج الي جيوش من الموظفين في كل مدينة وقرية في بلد مترامي الأطراف.
في هذا المنعطف المنطقي قالت الحكومة ، حسنًا ، سنتجاوز مشكلة غياب قاعدة البيانات والقدرات الإدارية بتنفيذ برنامج الدخل الأساسي الشامل الذي سيحصل بموجبه كل مواطن على خمسة دولارات شهريًا. وكان هذا الحل اكثر تهافتا بكونه انتهاك مفاهيمي جسيم لمبادئ الدخل الأساسي الشامل. أضف إلى ذلك في ظل هذا الترتيب، سيحصل المليارديرات والمتسولون والمشردون على نفس الخمسة دولارات. وبالطبع فان أي برنامج يمنح أسامةداوُد نفس الدعم الذي يحصل عليه عجوز, مريض مدقع الفقر هو مهزلة كاملة الدسم.
وللتغلب على هذا الإحراج الفكري والسياسي، قالت الحكومة ، أوه ، سنجعله اذن دخلاً أساسيًا شبه شامل ، وسنغطي ثمانين بالمائة فقط من المواطنين.
اضف الي كل ذلك ما ذكرناه سابقا ان التكلفة السنوية الإجمالية 1.9 مليار دولار في السنة لا تملكها الحكومة ولم يعد مانح بدفع كل هذا المبلغ عاما بعد عام (حاليا تقول الحكومة ان المانحين تبرعوا بخمس المبلغ فقط). وعندما سأل ممثلو صندوق النقد الدولي وزير المالية الاسبق كيف سيؤمن هذا المبلغ الكبير – 1.9 مليار دولار سنويا -، قال المانحين. وعندما تساءل أهل الصندوق فماذا لو لم يدفع المانحون؟ قال الوزير في هذه الحالة سنطلق حملة إعلامية توضح للرأي العام تراجعنا عن البرنامج.
اذن لا مفر من استخلاص ان برنامج ثمرات عبارة عن تلفيق سياساتي هدفه تقليل التكلفة الأخلاقية والإعلامية لرفع الدعم السلعي التي تضعف صورة الحكومة والمانحين إضافة الي ان وجود استراتيجية لمكافحة الفقر هي أحد شروط الدخول في برنامج الدول المثقلة بالديون وهذا الشرط فرضه النقاد والناشطون والمنظمات غير الحكومية علي البنك لذلك لا بديل لاستراتيجية جادة أو الالتفاف عليها بالتلفيق.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …












