‫الرئيسية‬ آخر الأخبار هل أخطأ ثلاثتنا؟
آخر الأخبار - رأي - مارس 25, 2021

هل أخطأ ثلاثتنا؟

الطيب بشير :

الموقف الأول
أنا كنت صبي محدود الحكمة…. والزمن داك كان مستشفى طابت بيشتغل فيها طبيب واحد…. ساعاته محدودة ويرجع البيت يرتاح، وكانت شقيقتي قد دخلت للوضوع وتعسرت ولادتها فقالت القابلة (الداية) إلا تمشوا تجيبوا الدكتور من بيتو، ما رد لي في التلفون…
وفشلت المحاولات المتكررة لطارقي باب دكتورنا الوحيد وعادوا للمستشفى تباعاً بدونه… أنا مشيت تسوّرت عليه محرابه…نطيت الحيطة عدييييل زي ناس تُلّب…هو كان نايم في الحوش…. قعدت جنبو في السرير وصحيتو:
يا دكتور
يا دكتور
قوم ياخ الله يرضى عليك…. عندنا حالة ولادة متعسرة!!
قام منزعج وقال لي بغضب مستحق: إنت عارف أنا ح أسلمك البوليص؟

قلت ليهو بمشي براي وبسجل اعتراف… بس انت أعمل واجبك الإنساني وأنقذ أختنا….

الضربة على الوتر الإنساني دا جابت حقها، قام طوالي ودور عربيتو، رفض اقتراح انو يركب معاي…مشى وقام بالواجب كأحسن ما يكون، وتعامل مع الجميع بلطف…. وهو طالع أنا جيت شكرتو …. وفي البال كلامو عن الشرطة…. قلت ع شان ما يقول زاغ …. عاين لي قووووي كدا وقال لي:

إنت ح تكون بني آدم مُتعِب…..

بس الحمد لله النبوءة ما تحققت

……………….

الموقف الثاني برواية الصديق المخرج منير عبد الوهاب، إبن توتي البار، وقتها كان البنطون ملء السمع والبصر، وصوله لتوتي خبر وخروجه منها سفر…. لكن الرحلة الأولى من توتي للخرطوم كانت تخص (الخدرجية) وبعض المبكرين، وفي المرسى المقابل لقاعة الصداقة، أو مكانها زمان، جلس أعمامنا (الخدرجية) يرشرشون (الرزق)، وتشير المفردة هنا للخضار، ويمثل ضابط الصحة أسوأ مخاوفهم … فهو الغرامة وهو المصادرة وهو الآمر المطاع…. جاء ضابط الصحة يومها في كامل زيه الكاكي الأصفر الحرجلي يشبه لون أزياء الضباط الإداريين، ومع البرنيطة والعلامات كان يحمل عصا، يهش بها على الخدار المخالف …. وبالقرب من عمنا الخدرجي البسيط الفارش على الأرض، رأى ضابط الصحة أن الإنحناءة للأرض مكلفة فوكز (الرزق) برجله ناحية كوم الطماطم وكزةً آلمت عمنا أكثر من كلام ضابط الصحة:

فارش في الأرض ليه…. مخالفة صحية…

وأعاد الوكزة بحذائه الملمّع باتجاه كوم البجنضان الأسود… فصاح به عمنا الخدرجي: ما تلكد الرزق بي رجلك!

إستهجن جنابو توجيه الرجل البسيط، وفات عليه تقدير نبرة الغضب، فقام للمرة الثالثة بركل كوم الجرجير

وقبل أن ينبس الضابط ببنت شفه… انفلت عمنا الخدرجي من عقال وقاره وشال بسطونتو ووقع في ضابط الصحة (محطك…زبطك…. شبطك … محطك…زبطك…. شبطك)

تقول الرواية إن (الوفد المنافق لسيادته) أبطأ في عملية الحجازة!!

فهم من ناحية مليانين من ضابطهم وعايزين ليهو الجلدة

ومن ناحية أخرى شافوا الغلط بي عينهم وعايزين عمك ينفشّ…

جاءت الشرطة… ومسكت الخدرجي ….

العسكري قال ليهو:

تمشي معانا القسم…. وأردف عسكري آخر إسمك منو ياااااا

قال عمنا: هيا…. أرح…. فرّاجا فووووق….

فحسبوه قد ذكر اسمه وكتبوا: إسم المتهم

(هيا…. أرح…. فرّاجا فووووق)

…………..

الموقف الثالث

موقف طراحات الجريف غرب الشيطة … نهار صيفي حار في منتصف التسعينات …. لما بتاع التاكسي يقيف ع شان يشحن طراحة …بيكتمل العدد في لحظات، لأنو الطراحة كانت حاجة مناسبة كدا مع لفح الهجير … وقفت سيارة بيجو 4 4x …

وبسرعة ركب شاب أنيق بجوار السائق وأمسك رجل وقور الباب ليركب بجوار الشاب، وكان أربعة قد ركبوا (بي ورا) …. والسواق قال ليهم تلاتة بس…. واحد فيكم ينزل….بالطبع رفضوا….أما الموقف بي قدام …. فقد قام الشاب الأنيق بمخاطبة عمك:

أنا جيت قبلك … لازم انت تدخل لي جوة وأنا أقعد طرف!!

الكلام كان خالياً من الذوق؛ بعض أنصاف المتعلمين يستشعرون في ذلك متعةً ما، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!

المهم الشاب الأنيق نزل… ع شان عمك ينحشر لي جوة جنب السواق، وهو يستمتع بي جدعة يدو في الباب…

نزل الشاب…..

ركب عمك…

وقبل يتصلح لي جوة جنب السواق….. قام صبي مراهق من الأربعة الراكبين ورا…..قفز بين السائق وبين عمك!! واكتمل العدد…صاح السائق المغتاظ من حركة الشاب الأنيق…. أقفل الباب يا عمك…أقفل أقفل…. والعربية طالعة والشاب جاري وراها…وسمعوه يردد (يا جماعة …أنا…المفروض…. أنا….)

…………………………..

لا يكفي القانون وحده للضبط الاجتماعي، بعض المواقف تقتضي التجاوز عن القانون لإصلاح الخطأ البائن، بل والقبول بهذا السلوك بديلاً للإجراء الصحيح في حال توافرت ظروف معينة. هذه ثلاث مواقف (أولها يوم نطّيت أنا بالحيطة بعد نص الليل في بيت زول غريب)، وثانيها (يوم شال عمك البسطونة وجلد بيها الضابط…. محطك…زبطك…. شبطك) …. وثالثها (حين قفز مراهق في سيارة عامة، دون المرور بالباب، واحتل مقعداً كان يشغله قبله شاب أنيق سبقه للدنيا والسيارة التي دخلها من بابها بعكس المراهق) … فهل أخطأ ثلاثتنا؟ أو أيّنا؟!!…

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …