العَشَم.. وعهد ورَثة البشير
محمد كبسور :
لعل العشم الشعبي في المجموعة الحاكمة الحالية كان كبيراً ولعل بعضه لازال صامداً برغم التآكل الكبير بسبب التخبط والتباطؤ والتناحر الذي اتسمت به تلك المجموعة. غير أن التجربة علمتنا أن العشم وحده لا يكفي..
فالمعاناة في ازدياد..!
ومظاهر الانفلات الأمني في تفاقم ووضوح سافرين..!!
وملفات العدالة ليست كما يجب، ما بين التسويف والتباطؤ الذي لا تخطئه عين..!!
والغلاء في تزايد مُربِك..
والخوف من المستقبل في كل مكان من جغرافيا الوطن المتسع..!!
والخدمات في تردي كبير ومتسارع..!!
والقتل والاقتتال لم يتوقفا برغم اتفاقيات السلام الشكلية العديدة التي أفرزت المزيد من ترهّل السلطة وتزايد منصرفاتها وبروز مظاهر التسلّح في المناطق السكنية..!!
الشارع في تململ واضح..
والسخط كبير..
ولعل خطأ المجموعة الحاكمة ومناصريها و(جدادها) أيضا، في أنهم اختزلوا الشارع في الشيوعيين، أو في محاولة إيهام الآخرين بذلك. وهو ذات النهج الذي استخدمه (البشير) وحزبه ومؤسساته الأمنية في احتفائهم بالسلطة وفي محاولات الاحتفاظ بها غض النظر عن الطريقة..!
ولعل مناصري المجموعة الحاكمة من الذين ليسوا في مواقع قيادية في السلطة، يظنون حقاً أن الشراكة مع العساكر وكيزانهم يمكن أن تَعبُر بالبلد وشعبه. غير أن واقع الحال غير مُبشِّر، حتي هذه اللحظة علي الأقل.
ولعل منبع الظن الحسن لأولئك المناصرين أتي من نجاح (حمدوك) في التعامل مع بعض الملفات الخارجية كقضية الديون وبناء بعض الجسور مع الأسرة الدولية التي كانت تتحرّج من التعامل المباشر مع (البشير) وتفضّل نوابه ووزرائه. وسيستمر الحرج أيضاً متي ما اكتمل إلتفاف حلقة الجنائية علي باقي عصابة (البشير )والموجودة في تركيبة السلطة الحالية كشركاء أصيلين.. للأسف.
لكن تظل القضايا الداخلية هي الأعقد والأهم والأخطر، وهي الفيصل في الحكم علي نجاح أو فشل المجموعة الحاكمة الحالية. والقضايا الداخلية تشمل حتماً العدالة (بعيدا عن لجنة أديب)، كما تشمل رد الحقوق والأمن الداخلي وتوفر الخدمات وتخفيف معاناة الشعب وغيرها من المسائل المصيرية واليومية المُلحّة.
الواضح أن شركاء السلطة بتركيبتها الحالية (عساكر ومدنيين وحركات)، أصحاب مصلحة في أن يكون التغيير الداخلي محدود ومحصور في أضيق نطاق. هذا تشرحه بوضوح أفعالهم المُناقِضة لأقوالهم، وكأنهم وَالفوا (السيستم) الإنقاذي، أو أن خيالهم المحدود لم يتجاوز تصوّر الكيزان للدولة التي تملؤها الشعارات والتَديّن الشكلي (مرادف التثَوّر الشكلي الحالي) دون طحين يذكر أوانتاج حقيقي أو معالجات اقتصادية ومجتمعية وثقافية حقيقية وعميقة. أو ربما بسبب استفادة الشركاء الحاليين من الوضع المختل الذي اورثه البشير لخلفائه، او ربما بسبب محدودية قدراتهم التي هي أقصر بكثير من قامة الثورة وتضحيات الشعب السوداني..!!
أيضاً الشراكة بشكلها الحالي والوثيقة الدستورية التي أطّرت لها، تضع أي مسئول (مهما كان كُويّساً أوثوري) في مسار محكوم ومحدود المساحة فيما يخص الحركة والتغيير، وهذا يعني أن الفعل المنتظر في أحسن حالاته، لن يكون بقدر المطلوبات في أدني حالاتها..!
هو فَخ كبير وضعنا فيه بعض السطحيين وقصيري النظر والانتهازيين وعابدي الكراسي من الساسة والنشطاء والذين تسلّقوا مشهد ثورتنا في غفلة من الزمن، وأنتجوا شراكة بائسة مع نظام (البشير) عبر بوابة اللجنة الأمنية لنظامه، مستغلين سِلميّة شعبنا وطيبته وعواطفه النبيلة، فتم التسويق للفخ بالشكل الذي شهدناه جميعا.
تغييب المجلس التشريعي، حوّل كل الملمّات إلي سجالات، والأسافير بطبيعة الحال جزء من هذه الملمات..
النقاشات داخل السلطة الانتقالية حول تمديد الفترة الانتقالية لا تنذر بالخير أبدا كذلك، بل تؤكد الشكوك بمحاولات استفراد عصبة جديدة بالسلطة وفرض رؤاها القاصرة علي البلد وشعبه بالخداع أو بالقوة إن استوجب الأمر..!!
أعتقد اننا في خضم عهد ليس فيه (البشير)، ولكنه متخم بكل ما زرعه البشير من سوءات، عهد (ورثة البشير). وهو عهد يصعب الدفاع عنه.
وهنا تراني اتفهّم ضعف موقف المدافعين عن السلطة الانتقالية..
غير انه وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …