دور موسى هلال في حريق الجنينة
بشرى احمد علي :
في محاكمات نوريمبرج سأل القضاة المارشال النازي غورينج عن دوره في حرق اليهود وقتلهم فيما عُرف بالهولوكوست ، كان رده أن كل ما فعلته كان من أجل مصلحة المانيا ، ونحن نُحاكم الان ليس بسبب قتلنا لليهود ولكن بسبب هزيمتنا في الحرب ، ولو كنا نحن المنتصرين لكنتم في مكاننا وفي نفس قفص الإتهام ..
لكن المذهل في تلك المحاكمات أنه لم تكن هناك أوامر مكتوبة من القادة الألمان بتصفية اليهود ، وكل تعليماتهم كانت في شكل إيحاءات بضرورة محاربة أعداء المانيا من الشيوعية والمستعمرين ..
ولا يختلف الحال في السودان عن الحال في المانيا النازية في تعريف الحرب التي تستهدف الإثنيات ، لم يكن موسى هلال في حاجة لتبادل رسائل نصية مع المخلوع البشير لمعرفة طبيعة الأوامر الصادرة ، فكان عنوان الحرب هو لا نريد اسرى أو جرحى بل نريد قتلى ، ووفقاً لهذه الرؤية المميتة انطلقت مسيرة الحرب في دارفور ، وكان موسى هلال هو الإبن المدلل للمؤسسة العسكرية قبل ولادة قوات الدعم السريع بسنوات ، لكن المخلوع البشير يحتفظ بنسخة من مفاتيح الحرب التي يستخدمها في حالة الطوارئ وتبدل المواقف ، وعندما إنتهى تاريخ موسى هلال قرّب المخلوع البشير الجنرال حميدتي وأغدق عليه بالرتب العسكرية والاموال وفتح له خط حرب اليمن كعطاء حصري ، وبنفس المستوى تقرّب الجنرال حميدتي للبشير واثبت ولاءه المطلق عندما غزا مستريحة واسر الشيخ موسى هلال وحمله بصورة مهينة إلى الخرطوم ووصفه في وسائل الإعلام بالشيطان الرجيم ..
زادات طموحات وآمال الجنرال حميدتي بعد الثورة وأعتبر نفسه صانعاً للتغيير ، وتحالف مع دول الخليج وأصبحت قواته توازي الجيش في الانتشار والتسليح ، لكن كما قال أبو الطيب المتنبئ :
وإذا كانت آمال النفوس كباراً **تعبت في مرادها الأجسام ..
كان حميدتي يحتاج لحرب يخرج منها منتصراً
لذلك قاد الجنرال حميدتي عملية فض الإعتصام ، وبالفعل نجح في ذلك المسعى وتمكن من قتل العشرات من الشباب ، ولكن كان لتلك العملية تبعات ومآلات خطيرة وغيرت خطوط حظه ، فقد قام الجيش بسحب سلاح جنوده في ليلة التآمر بفض الإعتصام وأغلق البوابات وترك قوات الدعم السريع تتحرك وهي يرافقها مراسل من قناة (زول ) وهي تقوم باعمال القتل والحرق والإغتصاب ، وأستطاع الجيش ان يهرب من المسؤولية المباشرة عندما سحب الفريق الفريق كباشي بيانه فترك كل القرائن تقود إلى قوات الدعم السريع.
لم تكن هذه هي خاتمة المطاف ، المخابرات الأمريكية لها مقولة حكيمة ، إذا إردت الإمساك بذئب محدد فأطلق في غابته ذئب آخر ، قام الفريق برهان بصورة إحادية ، وبدون الرجوع لمؤسسات الدولة ، بإطلاق سراح رجل الحرب موسى هلال ، فهو بهذا العفو قلب موازين التحالفات ، وسرعان ما تقاطرت القوى التي كانت مؤيدة للبشير لزيارة موسى هلال والتعامل معه مثل حالة سليم القنطار في لبنان ، كانت الحركات المسلحة ترى في الجنرال حميدتي بانه الضامن لسلام جوبا لذلك عقدت معه إتفاق السلام وتوحدت خلف رايته وأعتبرته بأنه (مسيح ) غرب السودان ومهديه المنتظر الذي يسقي الجلابة علقماً ويذيقهم جرحاً بجرح ، لكن بعد خروج موسى هلال من السجن سرعان ما أنقلبت الأمور ، فلم يعد الجنرال حميدتي هو الإبن المدلل وأعاد موسى هلال علاقاته مع المؤسسة العسكرية ورمم تحالفاته في وقت وجيز ، والقيمة المعنوية لموسى هلال هي التي فاقمت من أزمة الجنينة ، فقد عاشت المنطقة بعد سجنه سنوات من الأمن والإستقرار ، وها نحن اليوم نرى عودة الجنجويد فتكرر نفس السيناريو القديم ..
أزمة الجنينة هي تحصيل حاصل لمعركة بين الدعم السريع والمؤسسة العسكرية ، وموسى هلال هو العنوان القديم الجديد.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …