رفع عبء دولار الجمارك عن البسطاء و سكان الارياف

سالم الأمين بشير :

ماذا يستفيد مواطن بسيط في العباسية تقلي عندما تساهم الدولة في دفع جمارك الشوكلاتة لشريحة لا تستطيع أن تعيش بدونها ، ماذا يستفيد ادروب من إعفاء جمركي لملح طعام سعودي !! ، بل ماذا يستفيد اهلنا في الشمالية عندما تباع التمور الجزائرية و السعودية في ارفف مولات الخرطوم ، و الحكومة هي التي تتكفل بدفع نسبة كبيرة من جمارك هذه السلع من أجل سكان الخرطوم شرق و الاجانب ….

من من أصدقاء الصفحة يتضرر من ارتفاع اسعار هذه السلع ؟؟ . بالتأكيد نسبة ضئيلة . من يشتري البلح السعودي لا يهتم ابدا بقراءة سعره على رف المول ، فقط يدفع ببطاقته الالكترونية إلى الكاشير ليقوم بسحب قيمة المشتروات، يدفع دون أن يرفع رأسه من الهاتف حتى لا تفوته لقطة جميلة في تطبيق تيك توك الذي يتابعه بشغف .
يمزق الفاتورة و يرميها دون أن يقرأ الاسعار في أقرب سلة أثناء وضع المشتروات في خلفية السيارة بواسطة العامل ، هذا الذي تتكدس عجلة المول بمشرواته يمكن أن يكون سمسار مكتبه عبارة عن هاتف و بنبر ست شاي ، يكسب الملايين و لا يدفع للحكومة فلسا واحدا ، لأن موظفي الضرائب لا يستطيعون الوصول إليه ولا حتى يعرفون شيئا عن انشطته، و بالمقابل انت تطالب الحكومة أن تدفع جمارك استهلاكه !! .

أن يكون اهلك في أقاليم السودان يعانون من انعدام الخدمات الأساسية و فقر في الخدمات الموجودة ، فأمرك سيكون غريبا وانت تهتف و تلعن الحكومة من خلال هاتفك لأنها أوقفت دفع الجمارك للشوكلاتة و البلح و جل تصفيف الشعر ، بالرغم من انها تريد أن تفتح بهذه الايرادات قنوات الري في مشروع الجزيرة ، أو تمد أنابيب مياه الشرب إلى جبال الفقراء في بورتسودان، أو تبني طرقا لتربط مناطق الإنتاج في كردفان بالطرق القومية ، أو تريد أن تبني مدرسة لطلاب يفترشون الارض في كثبان دارفور ، أو توفر أمصال العقارب السامة لأطفال المناصير …
ما دخل هؤلاء البسطاء في أطراف السودان بإرتفاع أسعار البان المراعي السعودية في سناء هايبرماركت، أو أدوات التجميل الفرنسية في عفراء مول ، أو ماركات الجينز الأمريكية .
انت تهتف كي تواصل الدولة في دعم هؤلاء !!!؟ .
قرار إيقاف دعم الدولار الجمركي قرار شجاع يصب في مصلحة البسطاء الذين لا يأكلون الزيتون اليوناني ولا يعرفون الأجبان السعودية … من يشتري هذه الأشياء حتما يكون قد وصل إلى مستوى مادي لا يفرق معه إن دفعت له الحكومة فرق الدولار أو لم تفعل . لكن بالمقابل ستخلق الايرادات فارقا كبيرا عند الموظف أو المعلم أو الشرطي الذي سيرتفع راتبه ليتمكن من شراء أجنحة دجاج أو بقوليات تقيم أود أسرته. و كذلك ستفرق مع إعفاء الرسوم و الجمارك على حاصدات المزارعين في النيل الأزرق و المصارف .

لا تكونوا أبواقا للأثرياء الذين سترتفع أسعار احتياجاتهم المستوردة على حساب احتياجات الفقراء و سكان الريف ، من لم يستطع منهم شراء شوكلاتة فعليه بحلويات سعد ، و من لم يستطع شراء الجبنة السعودية لارتفاع سعرها فسيجد طلبه عند اهلنا في الدويم و شبشة، و تمور الباوقة تنتظرهم لتكون بديلا عن بلح المدينة الذي سيرتفع سعره بسبب رفع الدعم عنه ….
يجب أن ننظر إلى هذه الإصلاحات الاقتصادية بنظرة عميقة بعيدا عن الهتافات السطحية بأرتفاع الأسعار بسبب إيقاف دعم دولار الاستهلاك ، فالأسعار لم تستقر يوما منذ انفصال الجنوب ، لأن الدولة تدعم كل شئ و تطبع الورق للدعم لأنها لا تملك ايرادات حقيقية ، فلماذا نقف في وجهها لأنها تريد أن توقف طباعة الورق لخلق ايرادات نقدية من جمارك الاستهلاك !! .
رفع الدعم خلال عام واحد عملية جراحية قاسية سنعاني منها جميعا ، لكنها مهمة حتمية لأحداث الاستقرار الاقتصادي ، و البسطاء هم أكثر من يستفيد من عملية الاستقرار .