هواء طلق… أين التيار الثوري داخل حزب الأمة؟

فتحي البحيري :

ما أسهل على أي صحفي مبتدئ او غير مبتدئ.. نجيض او غير نجيض.. أن يدور.. بواو مشددة مكسورة.. في قضايا وظواهر مثل التمكين الحزبي المزلوع الذي ظل يمضي على قدم وساق وورك وعجلة طيلة السنتين الماضيتين في معظم دوائر الخدمة المدنية والوزارات والمصالح الحكومية.. ليخرج (الصحفي) بما ينعقد له حاجب الرزين من الدهشة والخلعة من تكأكؤ الذين ظلوا حتى وقت قريب يهتفون ضد تسييس الخدمة المدنية وتحزيبها وتنافسهم على نفس الذي كانوا يهتفون ضده من خسيس الممارسة السلطوية والسياسية.

ولكن دعونا نعرض عن هذا الان.. ونفتي قبل التوغل في دهاليز هذا المقال المكروه… بحرمة أي قرش يتحصل عليه أي كادر حزبي من وظيفة حكومية شغلها بموجب انتمائه السياسي والأصل فيها أن يتم التعيين لها بواسطة تنافس علاني حر ومفتوح عبر لجنة الاختيار.. ثم تثني بحمد الله والصلاة على رسول الله وبعد

مع عودة قيادات حزب الأمة الشهيرة في مطلع الألفية عقب اتفاق جيبوتي. أخذ يتشكل بوضوح ما يمكن تسميته بالتيار الثوري داخل الحزب من أبرز ملامحه رفض ومقاومة كل اتجاهات التطبيع مع النظام البائد والمصالحة معه.. وربما كان ذلك هو ما قاد مبارك الفاضل لابتدار سلسلة من الانشقاقات والتشظيات التي ظلت تهدف باستمرار مقاومة هذا التيار العاني والتوغل في السقوط تجاه السلطة الانقاذية بدرجات متفاوتة.. وبالمقابل ظلت الجماهير والقواعد الثورية… ان جازت التسمية.. تتمسك بوحدة الحزب وبخطها الثوري بذات الوقت وبلغ من قوة هذا التيار في وقت من الأوقات ان تشكل كيان باسم مجلس كوادر وشباب حزب الأمة ووصل الأمر لطرح أسئلة القيادة البديلة للحزب بمواجهة رئيسه الراحل رحمة الله عليه ومقاطعته بالهتافات المضادة أثناء خطاباته الجماهيرية.

الملاحظ أنه.. وعكس ما كان متوقعا ومأمولا.. وفي أعقاب سقوط النظام ضعف هذا التيار الثوري داخل حزب الأمة او اختفى نهائيا وظهر كامل الحزب تقريبا بسلوك سلطوي أبعد ما يكون عن روح ثورة ديسمبر وقيمها وشعاراتها وأهدافها ومعاييرها وأقرب ما يكون لسلوك شظاياه التي تفتت عنه في أوقات سابقة لتندغم وتندمج في جسد النظام المباد.

هل كنا مخدوعين إلى هذه الدرجة في العناصر والكوادر التي لمعت خلال العشرة سنوات الماضية وكادت أن تكون رموزا وعلامات للمقاومة والنضال الثوري والتضحية والصمود؟ لماذا لم يتبلور داخل الحزب الآن تيار رافض لهذا الانجرار القظ السخيف نحو سلوكيات سياسية تتناقض جملة وتفصيلا مع شعارات ثورة ديسمبر حرية سلام وعدالة وحنبنيهو واي كوز ندوسو دوس؟؟ لماذا؟؟؟