‫الرئيسية‬ آخر الأخبار نائب محافظ بنك السودان: حتى لا ننتهي الى “أخونا اردول زودها حبتين”
آخر الأخبار - رأي - أغسطس 6, 2021

نائب محافظ بنك السودان: حتى لا ننتهي الى “أخونا اردول زودها حبتين”

محمد فاروق سلمان :

‎حاولت ان أتعرف على مجال الخبرة العملية للشاب فاروق كمبرساوي والذي عين مؤخراً نائبا لمحافظ بنك السودان، وهو يعمل في بنك سلطنة عمان المركزي وفق ما هو متداول حول الصلة بهذا الموضوع تحديدًا وفق خبرات وتأهيل يبدو متنوعاً ومتناسباً؛ بعد ان روجت اكثر من (جهة) لترشيحه لوظايف مختلفة بدءا من الوزارة وحتى محافظا للبنك المركزي.

‎وبعيدا عن الجهات التي حاولت الترويج له،ومن اشخاص مستقلين، لكن الشاب نفسه قاد حملة غير مخفية للترويج لنفسه، وهو شيء يحسب له علي فكرة، فاكثر ما يضر المشهد الان الراغبون الذي يتمنعون، فلا انت تقدر على محاسبتهم ان هم تقلدوا مناصب أبدوا زهدهم فيها، ولا تتخطاهم هذه الوظايف بعد ان نصبوا اعينهم عليها وسط قوم اسرى ثقافة تلخصها مقولة منسوبة للخطاب عمر رضي الله عنه: اننا لا نعطي الامارة لمن يطلبها، فصار الطريق للوظيفة العامة اعلان الزهد فيها، كما صار من سوء طالعنا طريق الوظيفة السياسية انكار علاقتك بالسياسة نفسها! وفي كلا الحالين هذه بدايات غير سليمة، فلم ينال احد وظيفة ما لم يرغب فيها الا وكان هذا باب اكيد للفشل.

‎لم اجد معلومات كثيرة عن مجال خبرة نائب المحافظ الجديد تحديدا، واكثر شخص مقرب لي يعرفه ومتحمس له، اكد انه يعمل في بنك سلطنة عمان المركزي في مجال السياسات النقدية (من خلال خبرتي المهنية دائما ما نظرت للـسيرة الذاتية كفرصة لكشف مهارة الشخص المتقدم لوظيفة في تقديم نفسه وليس بالضرورة مهاراته في الوظيفة)، وبعيدا عن كون الظروف المختلفة بين البلدين (السودان وسلطنة عمان)، اعتقد ان تعيين نائب لمحافظ بنك السودان كان يحتاج منحاً مختلفًا، وطالما صارت هذه الوظايف متاحة للسودانيين من خارج المؤسسة نفسها، كان الاولى اعتماد طريق اكثر كفاءة في عدالة الفرص للسودانيات والسودانيين من خلال منافسة معلنة واكثر شفافية من قدرة الاشخاص للترويج عن انفسهم وان ظلت هذه القدرة ذات اثر حاسم في تقلد اي منصب، لكن تقليل هذا الاثر مطلوب للوصول للمقدرات الحقيقية لاي منافس في الوظيفة العامة، أو اي وظيفة. وهو امر تعتمد المؤسسات احيانا طريق اكثر امانا من خلال الترقي الوظيفي داخلها واعتماد التدريب والتاهيل خصوصا في القطاع العام، للابقاء على ذاكرة مؤسسية داخل جهاز الخدمة المدني (والنظامي بدرجة صرامة أوضح) للوظايف في مستوى الجهاز البروقراطي للخدمة.

‎يتم تعريف الموظفين غير المنتخبين في جهاز الخدمة بالدولة ودورهم بالبيروقراطية، وعكس ما يتبادر من دلالات سلبية خلف هذا المصطلح نفسه، الا انه سلوك مؤسسي يحدد قيمة مهمة في جهاز الخدمة هذا ويحكم نظامه واداءه أيضاً، وبعيدا عن التحديات التي يخلقها هذا الجهاز في تعظيم دوره وتعطيل رغبات جهاز الخدمة السياسي وتهديد دور الموظفين المنتخبين، الا ان هذا الدور تحديدا يظل الضامن من مخاطر تسييس جهاز الدولة، والاهم يشكل خط الوقاية الاول والاهم من محدودية المعرفة وقلة التجربة التي قد لا تشكل الانتخابات وقاية كافية منها، وقد تقود اخطاء القادة المنتخبين نتاج ظروف متغيرة في اي دورة انتخابية لاخطاء قد تكلف الدولة بقاءها، وتهدد آمال الجمهور الذي انتخب هؤلاء القادة السياسيين، لولا الحصانة التي يجب ان يشكلها جهاز الخدمة البيروقراطي والذي يقوم الترقي فيه وفق معيار الكفاءة التي تحددها معايير موضوعية يمكن تطويرها وفق تطور انظمة الادارة نفسها والتطبيق الامثل داخل هذه المؤسسات (best practice) والتي تتشكل منها ذاكرة وعقل لا يجب الاستخفاف بهما، وعلّ تطبيقات انظمة الجودة قد تطرقت لعمليات اصلاح تحديات السلوك البيروقراطي (ISO, BSI, TQM) بشكل يتجاوز المهددات التي تشكلها على الاداء السياسي.

عمل الشاب فاروق كمبرساوي موظفا في بنك السودان لفترة من الزمن قبل اغترابه في سلطنة عمان، ووفق قصر هذه الفترة تظل الوظيفة التي غادر منها في درجة لا تؤهله لهذه القفزة لمنصب نائب المحافظ، وتجعل من تعيينه تعيين سياسي بالتاكيد مهما تدثر بالمهنية، والاسوا انه لا يمكن ان يكون تعيين ملهم للمؤسسة نفسها التي تركها ولَم يظهر التخطي في عودته في ثاني منصب على قمتها اي اهتمام بخلق إرث وظيفي مهما كانت هناك دعوات للحوجة للتغيير، او ان وجوده من ضرورات هذا التغيير والخروج من ارث الدولة (العميقة)، فالشروط التي اتاحت تعيينه في الدولة العميقة لا تجعل هذه الحجة تستقيم في الدفع به كوجه من وجوه التغيير اتيحت له نفس الفرص للموظفين الذين يتراسهم الان، وتنظر الدولة لهم بهذه الريبة!

هذا ليس رأي سلبي في الشاب فاروق وصلاحه ولكن يجب ان ننتبه جيدا للمنحى الخاطيء في وضع صلاح الافراد كبديل لعملية الاصلاح المؤسسي، وفي الحقيقة ما يهمنا هو صلاح النظام الذي يضمن توظيف الافراد بشكل اكثر كفاءة فنجاح الدول يقاس بنجاح نظامها الذي يتيح تجاوز القصور عند الافراد لمنظومة اقدر على تقويمهم والاستفادة منهم وخلق الفرص بشكل عادل ومؤسسي يمكن الاعتماد عليه منهجيا بدلا من هذا الباب للفساد والذي قد ينتهي بثوار جيدين الى رجال دولة فاسدين وحفنة اشرار.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …