‫الرئيسية‬ آخر الأخبار الفترة الانتقالية
آخر الأخبار - رأي - أغسطس 28, 2021

الفترة الانتقالية

د. محمد صديق العربي :

شاركت كل أطياف شعب السودان في ثورة ديسمبر لاقتلاع نظام الجبهة الانقلابي، من شباب ونساء السودان والفئة العمرية التي كانت اكثر حضورا ما دون سن الثلاثين عام أي الجيل الذي ولد ونشأ في ظل النظام السابق وكل الأحزاب السياسية المعارضة وحتى الرمادي منها أي الذي ما بين معارض ومهادن او منشق ببعض منسوبيه بمسميات أخرى وكذلك مجموعات معارضة للنظام بمختلف المسميات كان لها أيضا اسهاما واضح في الانتفاضة ومنظمات المجتمع المدني التي كانت تعمل في النشاط الإنساني وغير تابعة للنظام السابق وبعض الطرق الصوفية وحركات الكفاح المسلح كلها قامت بمباركة الانتفاضة الشعبية التي راح ضحيتها نفر كريم من شعب السودان، أي تقريبا كل شعب السودان قام بمباركة الخطوة تجاه اقتلاع النظام الإسلاموي، خلال تلك الفترة كل الخطاب السياسي العام كان اقرب الى رؤية واحدة وهى استبدال النظام الحاكم وتكوين دولة جديدة وذات اهداف واضحة ومحددة متمثلة في حقوق المواطنة للجميع والعمل على توفير سبل العيش الكريم للفرد السوداني واستبدال ورفع الظلم والمعاناة التي يجدها انسان السودان في الداخل او الخارج من حاملي الجواز السوداني وادناها المعاملة الكريمة من قبل السلطات السودانية او مخاطبة أي جهة تعمل على هضم حق حامل الجواز وكثير من الخطاب الإعلامي الذي ملا الساحة في تلك الفترة حتى رفعت سقوفات طموحات الجميع بان الغد جميل ومشرق.
شركاء الحكم: –
بعد ان تم اعلان زوال نظام الجبهة ولم يعد له وجود وتكوين حكومة فترة انتقالية تقود الى انتخابات عامة وتأسيس دولة الديمقراطية والقانون الى هذه النقطة كان الجميع متفقون ولكن من كان بيدهم السلطة الفعلية وبذلك المقصود جهاز الامن وقوات الشعب المسلحة وظهور قوة في الساحة السياسية ما عرف بالدعم السريع كقوة مسلحة على الأرض وخاصة أيام البشير الأخيرة اذ سمح بدخول اعداد كبيرة جدا منها الى داخل الخرطوم ظنا منه بانها القوة الخاصة التي سوف تعمل على تثبيت اركان حكمه الذي بدا يترنح فعليا بسبب الاعتصامات والعصيان المدني والمظاهرات المتواصلة.
بدأت جلسات التفاوض والتكتلات الحزبية والاطماع الحزبية والشخصية وتلكؤ القوات المسلحة في تسليم سلطة مدنية كاملة الدسم وانما التفكير في كيفية ابتلاع الثورة بالكامل ولكن بالرجوع تاريخيا الى سبل اجهاض الانتفاضات الشعبية ورجوعها مرة أخرى في حضن العسكر وعدم قبول المجتمع الدولي بالانقلابات العسكرية جعل الامر أكثر صعوبة من السابق ومما عقد كذلك الامر وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب جراء الحكومة السابقة ووجود مطلوبين لمحكمة العدل الدولية وعلى رأسهم رئيس النظام المباد.
افضت المفاوضات الى تكوين حكومة تنفيذية مدنية بالكامل وتخضع لسلطة رئيس مجلس وزراء ومجلس سيادة ذو صلاحيات محددة وخلال تلك الفترة حدثت جريمة فض اعتصام القيادة العامة مما يدل على نية مواصلة نظام حكم عسكري ذو قبضة امنية وتشكيل حكومات حزبية تسعى الى كراسي الحكم وباي وسيلة ومع أي جهة كانت يمينية او يسارية.
تم التوافق على رئيس وزراء وبإجماع كافة أطياف الشعب السوداني بتشكيل حكومة تعمل على الأهداف المعلنة والموضحة وعندها بدا السقوط الفعلي لثورة ديسمبر المجيدة بالتكالب الحزبي والمحاصصات وتقسيم كيكة السلطة والارضاءات والعمل بنفس النظام السابق والفشل في إيجاد حلول أخرى، بعد مرور عامان علي تشكيل الحكومة التنفيذية الأولى والثانية حتى اصبح حال السواد الأعظم من عامة الناس الذين فقط يبحثون عن ما يسد جوعهم وضرورياتهم اليومية يعضون أصابع الندم وهذا ما خططت له جهات مثل الجيش والدعم السريع ولديهم تحالفات مع جهات أخرى منها المعلن والغير معلن وفقط همها الثراء والسلطة وتعمل على ذلك ليل نهار.
صعوبات الحكومة المدنية: –
1. شركاء الحكم العسكريين من بيدهم المال والسلاح وساعد في ذلك عدم جاهزية المدنيين بنظام بديل يغذي روافد الحكومة التنفيذية بمال حقيقي غير الصدقات والهبات التي كان يعتمد عليها النظام السابق او شركات امنية كان محدد لها توفير السلع الضرورية مثل الدقيق او المحروقات او خلافه ولديها الامتيازات المعروفة مما يجعلها منافس قوى للقطاع الخاص حتى ولجت سوق كل شي ومسيطرة عليها، حتى المليشيا التي تتبع للنظام السابق لها نفس الامتيازات واليوم يجنى شعب السودان تلك الثمار من الفقر والعوز ويجرى بين رجليه نهرين وارض منبسطة ومعادن.
2. التعجل في حل بعض الأجهزة بالدولة بدون تجهيز بديل حقيقي مما خلق فراغ منها الأمني وهو الأكثر تأثيرا في الواقع الان ويعاني منه شعب السودان فمثلا جهاز الامن لديه تاريخ سيء مع شعب السودان ولكنه كان مسؤول عن تامين العاصمة وحل فرع العمليات واحلال مقاره بالدعم السريع والأخير قطعا ليس قوة نظامية مدربة ومؤهلة انما مليشيا تكونت وبمرور الأيام أصبحت قوة ولها موارد مالية منفصلة حتى وصلت اطماعها بالحكم وقبيل الانتفاضة كان لها صفقة أسلحة متطورة ودبابات والمعلومة المنتشرة ان الانتفاضة من اجهضت هذه الصفقات.
3. ضعف الجهاز التنفيذي برمته او عمل شركاء الحكم على اضعافه بتضيق سبل العيش للمواطن وخلق أزمات متواصلة والسيولة الأمنية وعدم تقديم أي خدمة للمواطن الذي خرج على النظام السابق رافضا خبزة بثلاث جنيهات واليوم يقف لساعات من اجل الحصول على خبزة بخمس جنيهات أقرب واشبه ما تصلح علف حيوانات من كونها غذاء انسان.
4. شخصية رئيس الوزراء الساعية لترضية جميع الأطراف وفى آن واحد وغياب المحاسبة في تقصير العمل التنفيذي والتباطؤ في العمل العام الذي يخدم المواطن حتى أصبح السلوك العام في كل دواوين الدولة والمحاصصات الحزبية والشعرة التي بين الشعب والحكومة التنفيذية هي اليد النزيهة وبمجرد ظهور حالات سرقة في المال العام وقد يكون تم جرهم الى هذا المستنقع عن عمد اذ ان الحكومة عمدت العمل الى شخصيات اقل خبرة بالعمل في السودان.
5. الحركات المسلحة ومجموعات شرق السودان بعد سقوط نظام البشير عمدت كل من الجهات المذكورة على اقتسام اكبر نصيب من كيكة السودان وقد يكون لمواطن تلك المناطق اقل حظا ونصيبا من التنمية المستدامة والخدمات العامة ونصيبه كراسي رؤساء الحركات ومخصصاتهم وجيوشهم وخلوهم من برنامج خدمي حقيقي غير (مثالا) وعود بفتح دخول سيارات بنظام يضر بالاقتصاد العام اكثر من الصالح العام، اما شرق السودان فقد احدث النظام السابق فيه تغيير ديمغرافي ولكن يجب الاعتراف بذلك ولا يمكن لجهة نزع أي جنسية من شخص مالم يظهر الجنسية الأخرى ونحن كشعب السودان عددنا قليل نحتاج الى المزيد من القوة البشرية وكل من تملك الجنسية السودانية وولاءه الى السودان ولا يعمل لزعزعة الامن الداخلي ومتعايش مع القبائل المحلية لا باس بوجوده.
6. تقاطعات المكون السياسي والايدولوجيات المختلفة والعقليات المتحجرة التي تغذي الشركاء المدنيين وبعدهم عن الفهم الديمقراطي الذي يخدم الدولة وكل حزب او مجموعة تسعى لإضعاف الأخرى دون تقديم حلول عملية ويسهل تطبيقها في واقع الازمة السودانية المستفحلة وكل ما قدم كان بمثابة خطابات سياسية على نمط اركان نقاش الجامعة ولم تقم جهة او حزب سياسي بتقديم ورقة سياسات في تخصص معين تستوجب تحليل مشكل وإيجاد حلول عملية وتطبق على ارض الواقع.

مآلات الفترة الانتقالية: –
عدة احتمالات: –
1. يستمر الوضع على ما هو عليه وسوف يزداد الامر سوءا في الخدمات العامة وما ان تحل مشكلة حتى تدخل الدولة في مشكلة جديدة من تردي في البيئة العامة وانقطاع التيار الكهربائي وحدوث حالات سيولة امنية ونزاعات قبلية ونزوح وهجرة داخلية وخارجية طوال أيام الفترة الانتقالية الى وقت قيام انتخابات عامة حتى يترشح الذي العسكري بلباس مدني متوعدا بدولة توفر مقومات الحياة.
2. سوف تظل مجموعة الدعم السريع في هذه الفترة في حالة كمون وبرود الى ان يجد الوقت المناسب او ضمانات خارجية ودعومات وايادي داخلية من المكون العسكري والحركات المسلحة تساعده في الوصول الى الكرسي الذي اسماه الكرسي الأول اما الان فهو تحت سيطرة الجيش بالكامل وان خرج عليهم فبسهولة يمكن القضاء عليه ولكن الضحايا من المدنيين سيكونون كثر.
3. تكتل أحزاب تليدة ولها تاريخ سياسي طويل فيما بينها وتقدم السلطة الى الجيش نكاية بخصوم سياسيين اخرين وقد يكون ذلك بالدعم المباشر بانتماء احد القادة العسكريين اليها وتقديمه مرشحا وتبنيه او قد يكون بانقلاب عسكري ناعم بإقناع حمدوك بانه لن يصل الى نتيجة وعليه ترك السلطة بعد ضغط من الشعب بعد ان يصل مرحلة المجاعة وخاصة التقارير الزراعية غير مبشرة وغلاء اعلاف المواشي وعدم قدرة كثير من المزارعين والمربيين على مواصلة النشاط وهى شريحة كبيرة من فئات الشعب ويهجروا المجال وزيادة البطالة والفقر وكل الدعومات التي بشر بها لم تجد طريقها حتى الان الى البطون الخاوية ومثال لذلك برنامج ثمرات.

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …