الإنتقال في السودان في أقصى مراحل تعثره
مختار عاطف:
● فتح الحراك الثوري للشعب السوداني في ديسمبر 2018 صفحة جديدة من تاريخ السودان الحديث لتعود الجماهير الشعبية و في طليعتها الشباب الى ساحة الفعل السياسي المباشر اذ انها صاحبة الحق المسلوب و الصوت المغيب طوال العهود السابقة ، شكلت لجان المقاومة بوابة الفعل السياسي المباشر و الية الديمقراطية القاعدية الاساسية كانعكاس واقعي لحالة الفشل السياسي لكل مؤسسات الدولة بمختلف تكويناتها التنفيذية والحزبية والمجتمعية حتى ، لتصبح درع الثورة وسيف الشعب المدني المتمسك بالحراك السلمي و المؤمن بالنهج الديمقراطي و الساعي لتتويج نضالات الشعب السودان بتحقيق تحول مدني ديمقراطي حقيقي يعبر عن شعارات الثورة ( حرية سلام عدالة ) و يلتزم بمبادئ الحراك الثوري بعيد انقلاب 25 اكتوبر ( لا تفاوض لا تسوية لا شراكة ) و الشعارات الثلاث الأخيرة كانت موجهة إلى شركاء الفترة الانتقالية الذين تغولوا على الحراك الشعبي و حاولوا توظيفه عبر تسويتهم الثنائية التي أعقبت فض اعتصام القيادة العامة ( كورنثيا و وثيقتها الدستورية ) . تقلب شركاء الحكم بين المواقف السياسية المحكومة بالمصالح الذاتية لكل جهة مدنية كانت أو عسكرية حزبية كانت او شخصية و ان كانوا قد اختلفوا في بينهم على المصالح كيف يقتسموها فقد اجتمعوا على تغيب أصحاب المصلحة الحقيقين و دافعي الثمن الاعلى والاغلى الا وهم ممثلي الحراك رفاق الشهداء امناء الثورة الاوفياء .
● نتج عن التغيب المتعمد لحاضنة الثورة الحقيقية حالة من الفراغ السياسي مما سمح لكل أعداء الثورة بمختلف صنوفهم و واجهاتهم الفرصة للتمدد و ملئ الفراغات وفي هذا لا يلام أعداء الثورة فهم مدفوعين بغريزة البقاء والحرص على مصالحهم التي اكتسبوها على حساب الشعب السوداني وفي نظرهم أن حالة السيولة العامة التي يعيشها السودان الان ماهي الا فرصة لتحقيق مكاسب جديدة و تعزيز مواقعهم الى اقصى مدى وفي هذا يتساوى الجميع سواء كانت الأحزاب الفاقدة للديمقراطية داخل أجهزتها أو المؤسسات الحكومية المختطفة في شقيها من قبل ذات الجهات السياسية المتصارعة فيما بينها ، كل ما سبق فتح الباب مشرعاً للتدخل الدولي والذي يأتي تحت شعارات حفظ الأمن والاستقرار الدوليين ليصبح شريكا في الفعل السياسي وان تدثر بصفات مضلله كميسر او مشرف على عملية ( انتقال ديمقراطي ) يعيد السودان ( كدولة بمؤسساتها الرسمية ) الى ساحة الاعتراف الإقليمي و من ثم الدولي . في هذا يتعامل المجتمع الدولي بمعطيات الواقع على الأرض وعبر علاقات دولية متداخلة و موروثة الأفراد بعضهم اختطفوا قضايا الشعب و بعضهم الآخر اختطف تمثيل المؤسسات التنفيذية للدولة وليس في ذلك ما يستدعي الاستغراب ففي كل عملية سياسية تحكم الواقعية النفعية ( البراغماتية ) فوق أي اعتبار بحكم ان صناع القرار في تلك البعثات الأممية او الدبلوماسية مجرد موظفين أجانب لا يتعدى دورهم الوساطة و نقل واقع و تطورات المشهد السياسي السوداني إلى الجهات الاعلى منهم في ظل بيروقراطية المؤسسات الدولية وهي غير محاسبة او مساءلة من أي جهة حالها كحال شركاء التسويات في السودان الذين جمعهم العداء للثورة و تخوين حاضنتها الأساسية ( لجان المقاومة ) و فرقتهم السلطة حينما اختلفوا عليها .
● يضيق المقال عن ذكر شواهد انتهازية تلك الكيانات التى اختطفت الثورة و سعت بغباء الى احتواء او توظيف حاضنة الثورة الاساسية ( لجان المقاومة ) قبل أن تخونها وقتما تشاء و تغريدة أحد أولئك بالأمس خير مثال و قد تناسى انه تملق من يخونهم اليوم عبر استقطاب بعض انتهازيين في لجان مقاومة الصحافة الذين غرتهم المكاسب الشخصية فانتهوا في سجون بقضايا تمس الذمة المالية وخرجوا بعد ان عقدوا صفقات مع من كانوا أعداء الأمس حلفاء اليوم ، العبرة من تجارب الحراك الجماهيرية تستدعي التوقف و التفاكر بين مكونات حاضنة الثورة ( لجان المقاومة ) الحارس الأمين لشعارات الثورة ( حرية سلام وعدالة ) و شعارات الحراك السلمي الرافض للانقلاب ( لا تفاوض لا شرعية لا تسوية ) لتقييم التجربة و سد ثغرات الفراغ السياسي الذي تغولت عبره القوى المعادية للثورة وفي ذلك يتساوى الفلول و ازلام نظام الانقاذ و المتهافتين على السلطة من أحزاب غير ديمقراطية و واجهاتها التي نقلت أمراضها الحزبية الى ايقونة الثورة ( تجمع المهنيين ) و سعت مرارا و تكرارا الى توظيف حاضنة الثورة و اختراقها باساليب عديدة لا يتسع المجال لذكرها .
● ختاماً لا شك ان كل ما ذكر اعلاه هو حديث عام و مقتضب لا يفصل في كل القضايا ولا يضع الحلول و هذا ببساطة ليس من مسؤوليات الكاتب او اي جهة اخرى انما هو دعوة صادقة و حرص قديم على القوى الثورية صاحبة التضحيات العظيمة و الهمة الكبيرة بشأن رفعت و عزة السودان دعوة لاعمال العقل و تقيم التجربة عبر نقذ ذاتي صادق و حقيقي ليطور من قدرة حاضنة الثورة على التاثير و ان تتبوء موقعها الطبيعي و الطليعي في الفعل السياسي اذ انه هو و هو فقط ما ينقصها لتطلع بمهامها الرقابية و الاشرافية على الانتقال الديمقراطي السليم و المعافى الذي يعبر عن شعارات الثورة و الاهم شعارات الحراك السلمي لاسقاط انقلاب 25 اكتوبر ( لا تفاوض لا شرعية لا تسوية ) ، لتطرح كل الاسئلة الموضوعية عن كيف ؟ ولماذا؟ ومتى؟ واين؟ بشفافية عالية و نقد موضوعي لكل الاطراف طوال الفترة الماضية و الكاتب هنا لا يقدم اقتراحات او مطلوبات نقاش بقدر ما انه يسعى لفتح باب للنقاش الداخلي الضروري بين مكونات حاضنة الثورة.
● في تقديري الخاص إن الانتقال في السودان في أقصى مراحل تعثره نسبة للاتفاق الاطاري و تدخل المجتمع الدولي كمحرك أساسي للعملية السياسية في السودان دون وجود رؤية واضحة لقاضيا الانتقال الأساسية التي جاءت بها ثورة ديسمبر المجيدة. في ظل عدم وحدة قوة الثورة و النزاعات السلطوية في المرحلة النتقالية يوشك أن ندخل مرحلة خطرة على السودان خصوصا و أن العوامل الجيوسياسية في مرحلة انتقال أيضا من صراعات سوف تغير مجرى السياسة العالمية. و السودان في حالة هشاشه سياسية و اقتصادية و اجتماعية و بدون حكومة ذات رؤية لوضع سياسات خارجية سوف يضع السودان في موقع كارثي. فما هو الحل إذن؟ هنالك خطوات واضحة يجب على الشعب السوداني و الأجسام القاعدية مثل لجان المقاومة و النقابات المنتخبة و المجتمع المدني و الاكادميين و… الخ) ان تخلق رؤية واضحة للانتقال و اتفاق على أساسيات الثورة و اهداف المرحلة الانتقالية.
فيجب على لجان المقاومة و الحركات القاعدية ان تتوحد حول رؤية الانتقال بعيدا عن الخلافات المواجهة في قضايا التسوية و التغيير الجذرى او النزاعات السياسية التى ورثتها من الاحزاب السياسية (قحت أ و قحت ب و الحزب الشيوعي وغيرهم من الاحزاب السياسية). هنالك خطوات عملية يجب القيام بها من هذه الناحية:
١- على لجان المقاومة ان تبدأ في نقاش عملي عن تصورهم لأهداف المرحلة الانتقالية و رؤية الانتقال و ان تبعد عن مبدأ الرفض التام و إنتاج حلول عملية للوضع الكارثي الذي يحل بالسودان.
٢- ان تضع مسودة لهذه الرؤية المتفق عليها و ان تنوب ممثلين لها ان يوحدوا الرؤية مع الأجسام القاعدية الأخرى .
٣- ان تناقش نقاط الخلاف بينها و حلها اذا استاطعت و ان لم تسطيع تجميدها حتى الخروج من الازمة .
٤- ان تضغط على الاحزاب السياسية للاتزام بالأهداف والرؤية الموجودة في المسودة المنشودة…
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …