‫الرئيسية‬ آخر الأخبار الفصل والإنذار عقوبة المُطالبة بالحقوق في الصحف السودانية
آخر الأخبار - تقارير - سبتمبر 2, 2019

الفصل والإنذار عقوبة المُطالبة بالحقوق في الصحف السودانية

معركة جديدة يخوضها الصحفيون السودانيون، لكن هذه المرة ليست ضد جهاز أمن الرئيس المخلوع عمر البشير بآلته القمعية التي طالما أودعتهم أقبية السجون والمعتقلات، كما أنها ليست في مواجهة ترسانة القوانين المقيدة لحرية النشر والحصول على المعلومات، بل هي معركة ضد ناشري المؤسسات التي يعملون بها، من أجل تحقيق مطالب أكدوا أن صبرهم على تحقيقها قد نفد.

عاشت الصحافة السودانية ظروفاً قاسية خلال عهد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، ليس في جانب التضييق على حرية النشر أو الملاحقات الأمنية المتكررة، والحرمان من الإعلان الحكومي فحسب، بل شملت المستحقات المالية الضعيفة والبيئة السيئة التي كان يُمارس فيها الصحافيون عملهم.

وبسقوط نظام البشير، الذي لعب فيه الصحافيون دوراً مشهوداً من خلال التزامهم المهني بنقل حراك الشارع السوداني خلال ثورته التي انطلقت في ديسمبر الماضي، وما شهده قبلها من تصاعد في وتيرة الرفض الجماهيري لسياسات النظام المخلوع، وجد الصحفيون أنفسهم أمام معركة أخرى في مواجهة ناشري الصحف الذين تبين انهم أكثر إصراراً على عدم تغيير واقع مؤسساتهم الذي يصفه الصحافيين بـ “السيئ”.

كانت صحيفة (الجريدة) على رأس الصحف التي تعرضت لمصادرة نسخها بعد الطبع، ما ترتب على ذلك خسائر مالية فادحة، جراء حرمانها من الصدور 70 يوماً، خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، بالمقابل ضاعفت هذه الإجراءات من شعبيتها وقبولها لدى القارئ وجعلت توزيعها في مقدمة الصحف التي تصدر من العاصمة الخرطوم.

لكن رغم ذلك يعتبر العاملون في (الجريدة)، أن ما يتقاضونها من مستحقات مالية وما تتوفر لهم من بيئة عمل، لا تتناسب وحجم الجهد الذي يبذلونه في سبيل صناعة صحافة تقوم على المهنية والموضوعية، ولا تمكنهم من الصمود أمام متطلبات الواقع المعيشي والإقتصادي المتدهور، الأمر الذي دفعهم للدخول في صراع مع إدارة الصحيفة التي واجهت مطالبهم بإجراءات إدارية شملت الفصل والإنذار بالفصل لعدد منهم، في ظل فشل وساطة قادها البعض بهدف تقريب وجهات النظر بين الطرفين.

تمسك العاملون في (الجريدة) بضرورة الاستجابة لمطالبهم وإصرار الإدارة على موقفها دفع عدة كيانات لإعلان تضامنها مع العاملين من أجل استرداد حقوقهم، منها شبكة الصحفيين السودانيين، التي نفذت اليوم الإثنين، وقفة احتجاجية أمام مقر الصحيفة استجاب لها عشرات الصحافيين، واعتبرت الشبكة أن ما يحدث في (الجريدة) هو بداية لمعركة قادمة من أجل استرداد حقوق الصحفيين السودانيين التي طالما حرمهم منها ناشري الصحف.

المتحدث باسم شبكة الصحفيين السودانيين، خالد ماسا، قال إن صحافيي (الجريدة) خاضوا معارك عديدة لاسترداد الحقوق، وان ذلك تطلب وقفة إجلال من الشبكة للمحافظة على حقوقهم والتأكيد على أن معركتهم ما زالت مستمرة.
وأشار ماسا خلال مخاطبته للمشاركين في الوقفة الإحتجاجية إلى أن المعركة التي يخوضها صحافيو (الجريدة) تخص كل الوسط الصحفي عبر المطالبة ببيئة صالحة للعمل، وأضاف “نحن مستعدون مثلما شاركنا في معركة استرداد الحقوق لكل السودانيين أننا سوف نسعى لتوفير بيئة صالحة للصحافة.

من ناحيته، أكد المتحدث باسم الصحافيين والمصممين والمدققين اللغويين في الصحيفة، حاتم الكناني، على أن قضيتهم هي مطالب قديمة ومتجددة، تتعلق بتحسين بيئة وظروف العمل وزيادة الأجور الضعيفة، ظلت الإدارة تتعامل معاها بالتسويف والمماطلة.

وقال “ظللنا نطالب في صمت، لكن إدارة (الجريدة) واجهت تلك المطالب بإجراءات تعسفية تمثلت في فصل (3) صحافيين، وتهديدات مستمرة لآخرين، بجانب تخيير صحافية كانت في إجازة (وضوع) بين الفصل وبين العمل بنظام القطعة”.
وأوضح الكناني، أن تلك الإجراءات قوبلت من قبلهم بإعلان الإضراب احتجاجاً، وتم إيقاف تنفيذ الإضراب بعد جهود وساطة من بعض الزملاء، إلا أن الإدارة واصلت تعسفها ووجهت إنذاراتٍ لعدد من الصحافيين، وهو ما دعاهم للدخول في إضراب آخر.

وجدد رفضهم الإجراءات التعسفية وطالب بإيقافها فوراً، كما شدد على إلغاء كل القرارات التي صدرت كرد فعل على مطالبهم والتي شملت الفصل والإنذار، والاعتذار عن ما بدر من الإدارة، والتعهد بعدم تكراره حتى تقوم العلاقة بينها والعاملين كافة على الثقة، وتابع: “نحتفظ بحقنا في مواجهة القرارات التعسفية بالطرق السلمية المتعارف عليها، ونشدد على قدرتنا على مواجهة أي موقف مهما كان، مستندين على ثقة وافرة في وحدتنا وقوتنا”.

وفي السياق أوضح مشرف قسم الأخبار الذي تم فصله من (الجريدة) أيمن سنجراب، أن قضية العاملين بالصحيفة تكتسب أهميتها لارتباطها بحقوق العمل التي اعتبرها من القضايا القديمة للحركة النقابية، وتزداد أهميتها بأنها ترتبط كذلك بحقوق الصحافيين، وذلك ليس من باب التمييز على حد تعبيره، لكن لأن الصحفيين تقع على عاتقهم مهام استرداد الحقوق، وان تعرضهم للظلم يقف عقبة أمام قيامهم بهذه المهمة.

وقال سنجراب لـ”الشاهد”، إن ما يكسب هذه القضية أهمية هي ضرورة أن تصبح منطلقاً لوحدة الصحافيين، وأن الوحدة التي تحققت وسط العاملين بالصحيفة كانت هي مصدر قوتهم، مضيفاً “من الأولى أن يتخذها الوسط الصحفي عموماً مدخلاً لنيل المستحقات وانتزاعها من أصحاب العمل”.

وأكد سنجراب أن الصحافيين يمتلكون كافة الطرق السلمية لانتزاع الحقوق، وتابع: “بما انه قد تم فصلي من الصحيفة، لكن من حق زملائي الإضراب عن العمل، لأن الإدارة كانت قد أقرّت هذا الحق في ظل النظام البائد، ومن الممكن أن تستمر هذه الوقفات للفت إنتباه المجتمع المحلي والدولي ومخاطبة الضمير العالمي للإلتفاف حول قضايا الحقوق”.

الوقفة الاحتجاجية شهدت كذلك مشاركة مبادرة (لا لقهر النساء) المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة، والتي أشارت المتحدثة باسمها تهاني عباس، إلى التمييز الذي يتعرضن له الصحفيات على أساس النوع وعدم مراعاة ناشري الصحف لخصوصية أوضاع العاملات في مجال الصحافة.

وقالت عباس “لم يكتف ناشرو الصحف بهضم حقوق الصحافيات وممارسة التمييز ضدهن على أساس النوع، بل تطور الأمر لفصل إحدى محررات الصحفية بسبب مطالبتها بإجازة (رضاعة) وتخييرها بين الفصل أو العمل بالقطعة”.

واعتبرت أن ما ذهبت إليه إدارة الصحيفة في هذا الصدد مخالفة صريحة لقانون العمل الذي يمنح الأم المُرضعة هذا الحق، وشددت على ضرورة عدم التراجع عن حقوق الصحافيات القائمة على خصوصية النوع.

الخرطوم: الشاهد

‫شاهد أيضًا‬

الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش

كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …