‫الرئيسية‬ تقارير أحداث مدينة الجنينة .. من الحرب والفوضى إلى الوعي والتلاحم الثوري
تقارير - يناير 5, 2020

أحداث مدينة الجنينة .. من الحرب والفوضى إلى الوعي والتلاحم الثوري

الجنينة – الشاهد
لم يسمع السودانيون من قبل بـ”النفير” وهو الاسم الذي يطلقونه على الاستنفار التلقائي لعمل طوعي واجب وعاجل لخياطة أكفان الموتى، لكن ذلك حدث في مدينة “الجنينة” عشية رأس السنة في دلالة واضحة وقوية على حجم المأساة المباغتة لأهل البلدة الحدودية بأقصى غرب البلاد.
غير أن اللافت في الأمر هو سرعة إستجابة السودانيين الذين تنادوا عبر وسائط التواصل الاجتماعي بالدم والمال وغيره، وما أن أصبح فجر الأربعاء الموافق 1/1/2020 حتى تفاعلت بشكل عملي وملموس كل مكونات الشعب السوداني مع مأساة الجنينة وإمتلأت شوارع المدينة والمناطق المجاورة بارتال المسعفين والمتطوعين وخاصة الشباب والشابات وتم جمع كميات وافرة من الاحتياجات الضرورية من غذاء وكساء وغيرهما، وظلوا يطوفون بها معا بمختلف قبائلهم وسحناتهم لتقديم يد العون الممكن للنازحين بالمدينة التي لا تزال تنتظر الكثير والكثير من الدعم لتضميد جراحاتها.
وكان الناشطون قد بدأوا التنسيق في اليوم السابق على مستويات ثلاثة، المستوى الأول توفير الأدوية العاجلة حيث يتم شراء الأدوية من الخرطوم وإرسالها عبر رحله “تاركو” للجنينة يوم أمس “السبت” وكذلك يتم التنسيق للتبرع بالدم لتوفير الاحتياجات الانيه من الدم والصفائح الدموية، واكتظت مراكز التبرع بالدم بالفعل بحشود من المتبرعين عشية رأس السنة.
وبالنسبة للمستوى الثاني ونسبة لصعوبة وصول المعينات الغذائية والاغطية في وقت مناسب من الخرطوم وتم بالفعل طرح حساب بنكي وأرقام هواتف للتبرع عبر تحويل الرصيد بغرض شراء المواد الغذائية من الجنينة والمناطق المجاورة لها، أما المستوى الثالث من التنسيق فقد اختص بمتابعة المصابين الذين تم ترحيلهم للخرطوم، ويجري كل ذلك بالتنسيق التام مع لجان المقاومة بمدينة الجنينة.
حسنا، لا مجال لاتهام القبائل المكرور، لقد شاهدنا كل المكونات القبلية تتحلى بأقصى درجات ضبط النفس ويشارك أبناؤها جميعا في توزيع الغوث والإعانة دون فرز، بل البعض جاءوا من مناطق بعيدة من داخل اقليم دارفور وخارجه لهذا الغرض، وفي السياق يقول مواطن خمسيني تحاشى آلة التصوير، وتحاشى دموع التأثر التي كادت تطفر من عينيه أثناء حديثه.
وأكد المواطن في حديثه لـ”الشاهد” قائلا “الحصل دا شغل سياسة وخباثة .. ما أكتر” على حد تعبيره بالعربي الدارج المكسر البسيط، ومعناه أن ما حدث لا يعدو أن يكون عملا ً سياسيا ً ماكراً وخبيثا ً حيث لا توجد مصلحة لأحد في إشعال النيران الآن في كل مكان في السودان إلا لفلول النظام البائد الذين اختاروها نموذجا للحرب والفتنة والفوضى فأبت إلا أن تضرب مثلا رائعا لوعي الثورة وتلاحم الثوار ونبذهم الأبدي لكل العصبيات وإصرارهم على تفويت أي فرصة للعودة بالبلاد والعباد إلى مربعات سابقة كئيبة ومشئومة.
وقبل أيام وصل وفداً حكومياً رفيع المستوى إلى مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور للوقوف على التطورات الأمنية في الولاية، عقب أحداث العنف الأخيرة التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، وضم الوفد الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” عضو مجلس السيادة والدكتور عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، وحسن شيخ الدين عضو مجلس السيادة، ونصر الدين عبدالباري وزير العدل، والنائب العام تاج السر الحبر، ورئيس هيئة الأركان الفريق أول محمد عثمان الحسين، وآخرين واستمع الوفد لدى وصوله إلى شرح مفصل حول الأوضاع بالولاية من الوالي المكلف اللواء عبد الخالق بدوي، كما أطلعهم على جهود حكومته لاحتواء الأزمة.
وفي سياق متصل بالمسألة قالت هيئة محامي دارفور، إنها ظلت ترصد انتهاكات جسيمة تمارسها الميليشيات المسلحة في ولاية غرب دارفور ضد الأبرياء العزل، خاصة النازحين بالمعسكرات، وأضافت أن الأحداث الأخيرة في مدينة الجنينة وقعت في ظل غياب تام للأجهزة الأمنية المناط بها مسؤولية حفظ الأمن.
وقالت الهيئة إنها كونت لجنة للتحقيق والتقصي في تلك الأحداث، وطالبت بإجراءات عاجلة لتجريد الميليشيات المسلحة من السلاح وإخضاع عناصرها التي ارتكبت الجرائم للمساءلة وتقديم الجناة للمحاكمة الرادعة، والعمل من أجل استعادة هيبة الدولة واتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف الانتهاكات.

‫شاهد أيضًا‬

دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر

د. أسامة تاج السر : تمثل دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر، واجهة كبرى من واجهات جامعة الخر…