الدعم السريع للجوهر المدني للسلطة الانتقالية
فتحي البحيري
كان قدر السودان أن يتحمل عن المنطقة بأسرها خلال الثلاثين سنة الماضية أصعب تجربة اجتماعية وسياسية يمكن أن يمر بها شعب ووطن. فليس هناك أسوأ من ان يتحكم في مصير بلد بكاملها طيلة هذه الفترة موتورون هذه أخلاقهم. وكان حظ السودان وسعادته الكبرى أن يتم التخلص من هذه الربقة التي تطاولت بأجمل الثورات السلمية الصبورة الصامدة واشدها أناقة، ثورة ديسمبر المجيدة الظافرة التي سطر السودانيون أروع الملاحم البطولية باجسادهم ودمائهم وبوعيهم وسموهم وهتافهم. فكان أفضل خلاص من شر نكبة. بالتالي من حق عموم الأسرة الدولية والجوار الإقليمي أن يرنو للاستفادة من هذا التحول العزيز وان يخطط لعلاقات متينة مع هذا الوطن المستعاد ترعى مصالح جميع الأطراف. ومن حق القوى والتكوينات السياسية الموجودة قبل هذه الثورة أن تتطلع للمساهمة في هذه الثورة وللاستفادة من منجزاتها.
ولكن يتعين على كل من يعي أن لا يتوقع انه من الممكن تكليف السودانيين فواتير إضافية بعد كل هذه المعاناة وأنه ليس في الإمكان اي تعاون مع الوضع الجديد في السودان الا على أساس من الاستقرار الراسخ والسلام الجذري الشامل واحترام واضح مطلق لخيار السودانيين المعلن في حكم مدني ديمقراطي يتم التأسيس له عبر فترة انتقالية كافية. وان يستوعب الجميع أنه لن تتحقق من الآن فصاعدا اي مصلحة لأي جهة كانت بغير هذه الشروط.
ما حدث ليلة الاثنين من تمرد قوات أمنية مسلحة يمثل تهديدا صريحا لثورة عظيمة انجزها هذا الشعب بتضحيات جسيمة ولابد أن يعي كل من تسبب في هذا التهديد سواء بالتواطؤ أو بالإهمال أو بالتستر انه يلعب بالنار لان الناس العاديين باتوا في درجة من الوعي تفوق كثيرا بعض الذين يعتقدون أنهم يعون بواطن الأمور ويعلمون خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ثورة السودانيين سيداتي انساتي سادتي غير قابلة لأن يتم تفصيلها على مقاس مصلحة ضيقة لفئة تعاني من ضيق أشد في الفهم والمشاعر وغير قابلة لتلوينها بلون الدم وغير قابلة للاحالة للمعاش أو التقاعد.
لا يمكن السماح مطلقا بالاعتداء على الجوهر المدني لسلطة الثورة ولا على الجوهر السلمي لادواتها ووسائلها ولا يمكن السماح ابدا باجهاض مهام التأسيس للدولة الجديدة واستحقاقاتها بالانسياق وراء ما يسمى بالانتخابات المبكرة التي لا تعني – بدون إتمام تلك المهام – سوى العودة المجانية بالشباك لنظام ظلامي خرج منه السودانيون بباب التضحيات الجسام والتكلفة العظيمة الفادحة.
لأجل كل ذلك فإن الميثاق غير المكتوب الذي تواثق عليه كل الثوار والمواطنين هو حماية الجوهر المدني للسلطة الانتقالية ودعمه دعما سريعا عاجلا ووهيطا آجلا بكل قوة وجدية وإخلاص دعما لا يستثني النقد الموضوعي الحادب المشفق لكل هناته وعثراته و اخطائه ولا يستثني البحث معه على كل ما من شأنه أن يقويه ويظهره على كل جوهر آخر يجاوره ويناقضه.
ولأجل كل ذلك فإن هذا الميثاق يقف أيضا ألفا احمر في موازاة كل مؤامرة تهدف لاجهاض هذه السلطة الانتقالية المدنية أو تكبيلها أو أسرها وكل محاولة ترمي لإعادة عجلة التاريخ السياسي السوداني إلى الوراء وحرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …