ماركسية أولاد امدرمان
صديق انصاري
اظن أن قضية الدعم السريع ضد الباشمهندس صديق يوسف يمكن أن نصنفها ضمن إجراءات (ماركسية اولاد امدرمان ضد الغرباء من الجنجويد) لم تعجبني هذه المنازلة العبثية والغريبة والتى اراد بها بعض الشيوعيين ومن تضامن معهم في المنازلة القانونية فقط لمجرد الرغبة في تزييت مفاصل النضال الحزبي اليومي وتجديد تمارين خيال المقاوم بجعلها ميدان معركة سياسية وقانونية لكسب موقع يعزز فقط العاطفة السياسية العامة لنخب المركز السياسي ضد قوات الدعم السريع . للدرجة التى رفض فيها محامو صديق يوسف طلب محامي الدعم السريع بحفظ الدعوى الجنائية وهو طلب بالطبع لا يستقيم مع الطبيعة الاجرائية للدعاوي الجنائية وإن عكس رغبة في التنازل عن الدعوى وعدم الرغبة في السير فيها للنهاية .
لكن بعيدا عن معترك القانون والتقاضي امام المحاكم ونحن هنا للمفارقة أمام قوات الدعم السريع التى لطالما رأينا فيها قوة باطشه وعمياء خارج ولاية القانون وأحكامه رأيناها هنا تلجأ للمحاكم وتطلب حقها من صديق يوسف (بالغانون) بدلا من السلاح والرصاص ألا يعتبر هذا الامر مكسبا لقيم المدنية ؟
قلت هنا (ماركسية اولاد امدرمان) تحاشيا لعبارة ماركسية اولاد المركز الصفوية ، وأعني بها تلك النظرة البرجوازية التى ترى في المشروع الثوري للماركسية نفسها كنظرية وممارسة وأستيعاب ضروري لكافة القوى الاجتماعية ضمن مشروعها الثوري وكأنه حالة خاصة يتم تبادل معطياتها الفكرية والثقافية وسط نخب المركز المديني وبالتالي يتم هنا استبدال العدو الطبقي الحقيقي داخل حركة الواقع الاجتماعي للمركز نفسه بقوات الدعم السريع دون تعريف هويتها الطبقية ضمن اليات وتصنيفات الصراع الاجتماعي والسياسي ، وهنا نحتكم فقط للهوية السياسية لا الهوية الطبقية لهذه القوات التى تم اقتلاع منسوبيها من مراعيهم وقراهم وفرقانهم البعيدة التى افقرت وهجرت ليتحولوا لادوات قمع وبطش وتعيد توظيفهم نفس السلطة المركزية لضرب خصومها وتعلقهم في اجندة تحالفاتها الطبقية ضمن الفضاء الوطني او ذلك المرتبط بتعقيدات النطاق الجيوسياسي والاقليمي.
في زمن سابق كان يحلو لاصدقائنا في الحزب الشيوعي مناداة زميلتهم المرحومة سعاد أحمد ابراهيم (بماما سعاد) والان يطلقون على الباشمهندس صديق يوسف (عم صديق) ومابين ماما سعاد وعم صديق تقنع هذه الأسرة الشيوعية السعيدة بغربتها الماركسية منهج الفكر النقدي الفكري والسياسي الضروري لرؤية الواقع كمشروع تغيير جذري وثوري لا برؤية (ماركسية أولاد امدرمان) ولعل النموذجي لتصوراتها الايدلوجية ستجدها كمثال في كتاب حسن الجزولي (عنف البادية ) حينما اندفعت الحشود الغاضبة من الريف في الستينات بعد حل الحزب الشيوعي السوداني بدعوة حزب الامة لهذه الحشود للدفاع عن الدين الذي اهانه الشيوعيون وكان الامر في جوهره ثأر الريف الذي جاء ليقتص من حداثة المدينة المشوهة وظلمها المتعالي.. لعل تجاهل الشيوعيين المستمر للريف مازال عالقا في خلل الممارسة والتفكير النظري والذي مازال ينتج معرفته السياسية من نظرة موغلة في المركزية .
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …