تهديدات اتحاد المخابز بزيادة سعر الخبز .. في “فتيل” الحقائق والحلول الموضوعية
الخرطوم – الشاهد
على الرغم من أن اتحاد المخابز تراجع عن الزيادة التي أعلن عنها في أسعار الخبز بعد لقائه بالوزير مدني عباس وزير التجارة والصناعة، إلا أن شبح الأزمة السياسية لا زال يلوح في الأفق، فصبر المواطنين وتفهمهم للزيادات المتواترة والمضطردة في أسعار كثير من الضروريات شيء وتحملهم لأي زيادة مهما كانت طفيفة في أسعار الخبز والمواصلات شييء آخر تماما .
المخرج المسرحي والموسيقار المرموق محمود ميسرة السراج يبدو مهموما جدا بالشئون العامة في سياق انشغاله بأوجاعه اليومية الخاصة، ولأنه بات ليلته منزعجا ً جداً من احتمال انفجار الوضع بزيادة مفاجئة لأسعار الخبز أو انعدامه وشحه على أقل تقدير.. قام بتنفيذ ما أسماه “جولة صباحية” على عدة مخابز في طريقه بداية من تقاطع المهداوي بشارع الوادي وحتى تقاطع الدومة ومن حي العمدة في شارع النص حتى محطة شقلبان واطمأن تماما على أن “كل المخابز تعمل بشكل عادي والصفوف معقولة وقطعة الخبز تباع بواحد جنيه.”
تتطابق نتيجة جولة محمود ميسرة السراج مع غالبية مشاهدات المواطنين إلا أن الفنان الكبير لا يكتفي بهذه الجولة وإنما يتحفنا بمزيد من التأملات والنقاشات على سبيل المثال لا الحصر يقول ميسرة : طالما أن البلاد تعيش ظروفا اقتصادية بائسة فلماذا لا يعيش الجميع هذا البؤس؟ لاحظت في التضريبات والتحسيبات التي قدمها اتحاد المخابز لتبرير زيادته المقترحة لسعر الخبز الى جنيهين من تكلفة عجن وخبز وعمالة الخ الخ..لاحظت انه يحرص على أن يكون ربح صاحب المخبز هو هو لا يتأثر.
لماذا تسهر لجان المقاومة وتراقب المخابز وتعمل ليل نهار بدون مقابل – والحديث لا يزال لمحمود ميسرة – بينما يحرص صاحب المخبز على أن لا يمس ربحه باي حال من الأحوال.. لماذا “لا يحس” صاحب المخبز هذا “على دمه” ويتنازل عن جزء من ارباحه اسوة بالشباب الذين لا يتقاضون مليم واحد على وقتهم وجهدهم؟
لماذا يندفع كل السودانيين تقريبا لبذل الغالي والرخيص من أجل عبور هذه الفترة الكالحة في تاريخ الاقتصاد السوداني بينما تصر الشركات الكبيرة والمصانع الكبيرة والرأسماليين الكبار على الحصول على أرباحهم كاملة حتى آخر مليم فاذا زاد سعر اللبن جنيها زادوا سعر الزبادي خمسة جنيهات واذا زاد الدولار جنيهين رفعوا سعر الزيت والسكر والخ بحيث لا ينقص ربحهم مليما واحدا؟ ما هذه الانانية؟ ما “تقل الدم” هذا؟ اليس هذا هو وطن الجميع؟ هل يتحتم على غالبية الناس أن يجوعوا ويشقوا بينما فئة قليلة لا تريد أن تتنازل عن مكتسباتها وارباحها مليما واحدا؟
ويختتم محمود ميسرة السراج تأملاته بقوله أن على ما يسمى بالرأسمالية الوطنية اذا كانت وطنية بحق أن “تحس على روحها شوية” وأن تبادر هي بخفض ارباحها الى النصف او أقل من ذلك – على الاقل في فترة الـ”6″ شهور القادمة – حتى نعبر جميعا بهذا البلد الى بر الأمان.
تحدثت صحيفة الشاهد الالكترونية مع أحد أصحاب المخابز الذي وضع النقاط على الحروف قائلا : مشكلة الدقيق وصفوف الخبز وكل هذه الأزمات هي في الأساس مشكلة الحكومة لأنها – وببساطة شديدة – هي التي يجب أن توفر الدقيق للمخابز وتشدد الرقابة عليه من المطاحن حتى الوصول إلى المخابز وتكون هناك أحكام رادعة للمتلاعبين.
ويواصل السيد علي بشير قائلا أن الدولة كما هو معلوم تقوم بدعم الدقيق والغاز للمخابز لكن هذا الدعم فتح بابا للفساد وكان للنظام السابق مافيا لهذا الفساد وللاسف الشديد لم تحسم الحكومة الجديدة هذه الفوضى تمام الحسم ونحن هنا – والحديث لا زال للسيد علي – لا نشكك في نزاهتها لكن في عدم معرفتها وقلة خبرتها وهناك مشكلة أخرى تكمن في وجود من أسماهم “حرامية النظام البائد” داخل شركات الدقيق.
يستطرد علي قائلا أن مشكلة أصحاب المخابز – وأنا واحد منهم – تتمثل في زيادة تفوق الـ 200 % في أسعار وتكاليف مدخلات الإنتاج من خميرة وزيت وعمالة وملح وايجار وكان حلنا الوحيد في إنقاص وزن قطعة الخبز حتى نستطيع أن نواصل لكن هذا الإنقاص في الوزن وصل الحد وزيادات أسعار المدخلات مستمرة وأصبح الحل يتمثل في أحد خيارين إما زيادة قيمة الدعم الحكومي اي خفض سعر جوال الدقيق بالنسبة للمخابز أو رفع سعر الخبز للمواطنين هذه هي المشكلة الآن بين الحكومة وأصحاب المخابز.
ويقترح السيد علي بشير أيضا أن تقوم الحكومة باستيراد مدخلات الانتاج من خميرة وزيت وملح بطريقتها وأن تقوم بتوفيرها لأصحاب المخابز بأسعار مدعومة أو أن يكون الحل في البديل النقدي الذي تم اقتراحه بواسطة وزير المالية من قبل، لكن في كل الأحوال يرفض السيد علي شيطنة أصحاب المخابز واتحادهم الذي يرى أنه قام بدور في هذه الثورة وكان له خيمته في ميدان الاعتصام بالقيادة العامة وأن صاحب أي مخبز هو مواطن مثله مثل بقية المواطنين مع تأكيده التام على وجوب تشديد الرقابة وتوقيع العقوبات الرادعة على كل متلاعب أو مخالف منهم.
ونبه الى أن التلاعب والمخالفة تتمثل في إعادة بيع الدقيق المدعوم أو تهريبه أو عدم خبزه ولا يمكن اعتبار بيع الخبز للمدارس أو المستشفيات أو المطاعم أو غيرها مخالفة أو تلاعبا في ظل عدم تخصيص مخابز تجارية أو مخابز خاصة للمدارس والمستشفيات والمناسبات.
أما فيما يتعلق بالحديث عن الأرباح العالية وما إلى ذلك فاصحاب المخابز الان يعملون بخسائر فعلية وليست أرباحا وحتى لو تم التوافق على حلول مرضية لكل الأطراف فإننا نكتفي بأرباح لا تتجاوز ١٠٪ وهذه أقل نسبة ممكنة لأي عمل تجاري وتمكننا بالكاد من العيش مثلنا مثل بقية المواطنين.
دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر
د. أسامة تاج السر : تمثل دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر، واجهة كبرى من واجهات جامعة الخر…