بين رسالة الفن وفن القونات
محمد ضياء الدين
بالأمس شاهدت برنامج في أحد القنوات السودانية، إستضاف مقدم البرنامج شابه فنانه إسمها عشه الجبل، إنشددت لمشاهدة البرنامج حتى نهايته، لأن الفنانه المستضافه كانت بالنسبة لي حاله خاصه وغير عادية، في طريقة الغناء والكلمات والصراحة في الرد على أسئلة مقدم البرنامج ، علما بأنها تتفرد بطريقة آداء غنائي خاص، ما عرف بغناء (القونات).
كنت دايما ما أسمع صوت غناء القونات عبر مكبرات الصوت، خاصة وأنا أسكن العباسية أمدرمان محل الزنق الأصلي والقونات والراستات.
صراحة وبحكم العمر والثقافة التقليديه كنت أحتقر مثل هذا الغناء (الهابط) وأنتقد الشباب الذين (هبط) ذوقهم بمقياسي الخاص .
كيف لا وأنا المدمن على سماع الست أم كلثوم ووردي وعثمان حسين وود اللمين.
يبدو أن من وصل لمرحلة العمر التي نعيشها نحن جيل الآباء العجائز ، قد أصبح بعيدا عن واقع حال ما يطلبه جيل أبنائنا الشباب، ليس في مجال التفاعل مع الغناء فحسب إنما في أغلب رغباتهم الخاصة والعامه .
أكثر من ذلك نحن لا نكتفي بالحكم على الشباب برؤيتنا فقط، بل نريد لهم أن يتذوقوا الفن والغناء وحتى الموسيقى بمزاجنا وذوقنا نحن، وهذا ظلم رفضناه عندما كنا شبابا في عمرهم ، رفضنا هذا (الحصار) حين سادت وإنتشرت موجة ما سمي وقتها بجيل الرفض (الخنفس/الشارلستون/الكعب العالي/البوقي /الرقي / الرقص … الخ ) .
على أية حال، سيظل الفن الأصيل راسخا في وجدان كل الأجيال ، وما عداه لن يتعدى كونه حاله طارئه، او موجه عابرة، ستأخذ معها ذكريات أجيال بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات، وبين هذا وذاك ستظل الحاله العمرية والنفسية.. الخ هي من تفرض حالة التفاعل مع الغناء والطرب والثقافة التي تعبر عن العمر ومتطلباته .
وبكل تأكيد، مجال الغناء وملحقاته يتسع للجميع.
الآن وبكل صراحة أعترف بأنى قد عدلت عن رأيي، ليس في قبولي لغناء القونات ، لكن في حق الآخرين من الشباب بالإستماع والإستمتاع بهذا النوع من الغناء، ولست هيابا في الإعلان ذلك.
عليه أقول..
كفايه وصايه على الشباب، الذين لهم كامل الحق في أن يستمعوا لمن يريدون، من يحب عشه الجبل أو الربع فهذا حقه، ومن يوفر حق الفطور والمواصلات حتى يكون حضورا في حفلة ودالأمين أو أبوعركي فهذا أيضا حقه، دون وصايه أو مصادرة لحقهم في التعبير عن تفاعلهم مع معطيات رغباتهم كل بطريقته.
ذلك بغض النظر عن الإتفاق أو الإختلاف حول مضمون محتوى بعض الأغاني أو بعض التصرفات والممارسات المصاحبه في بعض الحفلات العامه والمناسبات الخاصة
لكل مرحلة سنية حالة خاصة تعيشها ثم تتجاوزها.
لعشه الجبل وصاحبتها، الفن رساله، ولكل الشباب، إستمتعوا بشبابكم، فقط وظفوا طاقاتكم لفعل الخير. وضعوا في الإعتبار عدم تجاوز الفطره السليمه والأخلاق (بدون تفصيل).
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …