دموع فيصل ولا دموع غندور!
بثينة تروس
للأسف نحن شعب عبث الأسلام السياسي بعواطفه الدينية والوطنية، فصار له قدم في الفجيعة، يتوجس خيفة إن سحت دموع العين من الساسة ورجال الدين وعلماء السلطان!
فحين بكي السيد وزير الإعلام والثقافة فيصل محمد صالح، في المؤتمر الصحفي مؤكداً ان قرار تمديد فترة الحظر الشامل ماهو الا لحماية الشعب من الهلاك بسبب وباء الكورونا، و مشيرا الي قضية العالقين والمسئولية الاخلاقية والدينية.
لاشك عندي انه بكاء من العين ومن القلب، تجلت فيه الإنسانية ونقاء السريرة، فشاطرناه احزان ثقل تركة ثلاثين عاماً من القبح والدمار والفساد! حينها تذكرت نقدي المباشر للسيد الوزير حين قابلته وكان تعقيبه ( في النقد أنتم أصحاب حق وهذه ثورتكم) فقلت له (بل انتم أكرمنا اذ وضعتم إيديكم علي جمر مسئولية الثورة! لذلك نسألكم ان لايعيل صبركم بنقدنا)!
ولا أجد في بكائه من المسئولية! ما يعيب فقد بكي سيدنا عمر بن الخطاب خوف التفريط في العدالة ( لو عثرت بغلة فى العراق لسألنى الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر) !
لكن دون أدني شك حين بكي أشفقنا علي مكتسبات الثورة من الأعداء! وان يظنوا بالسيد الوزير ظنون الضعف وانفراط عقد الأمور، وفرح الشماتة، وهو الذي أوكلنا اليه زمام الإعلام والسلطة الرابعة وبيده مقاليد نجاح الثورة او تقاعسها وتقهقر صيتها!!
لقد عقدنا علي الاعلام الآمال العراض ولا نزال! في صد هجمات التخلف والهوس والرجعية، وان نشهد فيه ماقد شهدنا من ابداع وحرية ومدنية وأدب وفن راقي في ساحة الاعتصام، وان يكون مسارب ضوء ملك الشباب فيتكئون عليها نحو تحقيق الحرية والسلام والعدالة. متحرراً من تبعية القديم وان يجد الإعلام السعي في قطع الطريق علي الكائنات المتحولة التي تزحف عبر قنوات الإعلام المختلفة فتقوض الحكومة الانتقالية باجمعها .
الشاهد ان تخوفنا الإيجابي من دموع الوزير يرجع الي ان مدخل السيد الوزير علي الوزارة سابقاً كان به تسامح لايتناسب وخطورة المنصب، اذ لم يستفيد من عظمة الثورة وضراوتها في انجاز التغيير المطلوب، وان يكون التحدي الاساسي للإعلام هو مواكبة الثورة المدنية المعلوماتية والتكنولوجية. والانقلاب علي ما يذكر بالاعلام السابق من الشعار الي الشخوص! وليس مهادنة وجبر خواطر سدنة النظام السابق وحارقي البخور للانظمة السياسية.
الحقيقة هو توجس لا نلام عليه اذ هو ضارب في عمق المعرفة بسؤ حكام الاخوان المسلمين، الذين لم تذرف منهم الدموع حين أبادوا وشردوا 300 الف من ابناء دارفور ! ولم تقتلهم العبرات او ذهبت أنفسهم حسرات من عار اغتصابات الكنداكات، والثوار، والمعلم، والعنف الذي عصف بوجدان كل حر في مذبحة وعار القيادة العامة! ولم يبكوا اسفاً علي ضياع سيادة الدولة وهوان انسانها، ولم تدر المآقي خشية او خوفاً حين عبثوا بدين الله واستغلوا الشريعة الاسلامية لأهوائهم السلطوية!
بل كانت دموع وزراء المتأسلمين للسلطة وللجاه، فلقد الفنا استخدام الاعلام للبكاء والتضليل، والنواح علي فقد الوظيفة والمخصصات والتقرب من الحكام، واشعال الفتنة والتفرقة العنصرية، والبون شاسع ما بين دموع المناضل الشجاع فيصل محمد صالح الذي بكي احزان الناس والاهل، ودموع ابراهيم غندور وزير الخارجية السودانية في الحكم البائد.
فالاخير قد بكي فرحاً وابتهاجا حين رجع ولي نعمته المخلوع عمرالبشير هارباً من جنوب افريقيا بعد ان تمت ملاحقته بقرارات المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب والابادة الجماعية و جرائم ضد الانسانية.
وغيرها من نماذج دموع التماسيح فلقد بكي وزيرالطاقة والتعدين كمال عبداللطيف وانهمرت دموعه حسرات علي انه لم يتكمن من الوظيفة بالقدر الكافي! قبل ان تنزع منه! حتي عرف بين الناس (بالوزير البكاي )!
ولم يكن رجال الدين بافضل حالاً من الساسه فهم أرباب الحكام والاعلام احتكروه ثلاث عقود فصار جميع الشعب يكبر ويهلل لتكبيرهم وتهليلهم، يبكون اذا الوالي بكي واشتكي، ويشعلون الاعلام بما يشتهي السلطان، استغلوا منابر المساجد الطاهرة للبكاء الزائف من أجل قضايا الدولة الاسلامية، فساهموا في اشاعة الفاحشة بالصمت علي دموع المظلومين والارامل واليتامي، واستغلوا الاعلام في التطرف والتفرقة العنصرية والدينية.
العاطفة الانسانية هي اسمي مافي الوجود ان هي وظفت لاعمار البلد، والاستفادة من طاقات الشباب الثائر واصلاح حال الإعلام ليصبح بوق الثورة فينهض علي صوته كل من نام علي غفلة ووهم ان الذي مضي قد يعود.
كما تظل قضية العالقين امر يحتاج جهود وتدابير حكومية جادة، وتحية للجهود الشعبية الطوعية في مد يد العون للعالقين في مصر والهند وخلافها.
فلنتوحد علي يقين ان النقد للحكومة الانتقالية تتبعه معرفة انه احد معاول البناء وليس الهدم، واننا في وضع ينذر بان الطائفية امامنا والهوس الديني خلفنا، لكن اليقين في ان هذا الشعب رغم ضراوة المحن لا يرتضي غير المدنية.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …