‫الرئيسية‬ رأي يومياتي في زمن الكورونا…(8)
رأي - يونيو 6, 2020

يومياتي في زمن الكورونا…(8)

نازك الملائكة الرشيد

الرسالة
إحدى صغيرات الأسرة في مرحلة التمهيدي سألتها الأستاذة بعد أن استفاضت في شرح قصة سيدنا نوح ؛ ماذا أرسل الله لقوم سيدنا نوح؟ فأجابتها الصغيرة بأنه أرسل لهم message (رسالة). أصبحت قصتها هذه مصدر للضحك والتندر من قبل البعض، وهم لأ يعلمون أنها ببراءتها ونقائها عرفت أن ذلك الفيضان ماهو إلا رسالة ربانية.

لا وجود للصدف أو للفوضي في هذا الكون فإنما هي رسالات واضحة أو مستترة ومشفرة تبحث عن من يفك شفرتها. فكل حدث أو شخص يظهر في حياة الإنسان ويختفي أو يستمر وجوده فانه يحمل معه رسالة لذلك الشخص ،فهم رُسل يحملون هذه الرسائل فمن عرف محتوي الرسالة والغرض منها ووعيها كان حكيماً ورشيداً ” ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً “..
فما علي المُرسل إليه إلا أخذ الرسالة وترك الرسول يرحل مشكوراً..

كذلك ليس هنالك معرفة لنوعية الرُسل الذين يحملون هذه الرسالات أو أن تاتي في أي شكل أو صورة. فذلك الغراب الذي دفن غراب آخر وكان في ذلك رسالة لمعشر البشر وهم من يتقاتلون فيما بينهم وإن كانوا إخوة تحمل من معاني الرحمة والتقدير والاحترام للموتي بدفنهم . وتلك الريح التي حملت الرائحة وبها رسالة البشري ليعقوب “إني لأجد ريح يوسف”. أو كما حدثتني صديقة لي لها من الفراسة والشفافية القدر المُعلي بأنها إذا خرجت من الإمتحان في الجامعة وكانت تحس بالإحباط لإعتقادها بأدائها السئ في الإمتحان ،تأتيها البشري بمجرد خروجها من الجامعة بأن تصادف عربة مكتوب بها ” إن ينصركم الله فلا غالب لكم” فتفهم الرسالة وتطمئن نفسها، وعندما تظهر النتيجة يكون تقديرها في هذا الإمتحان هو A.

يا تري من أرسل شكوي ،ليتم الجواب بإرسال فايروس الكورونا هذا ؟..
أيكون الكون من حولنا من أرسل الشكوي وهو أول المبتهجين بحبس هذا الكائن البشري الذي في ظل صراعه وتنافسه علي موارد الكون الطبيعية لم يترك فساداً لم يفسده من قطع جائر للأشجار، لتلوث بيئي عام في الماء والهواء ، وحتي الحيوانات لم تسلم من إيذاء بني البشر لها فكثير من التجارب تجري عليها بلا رحمة بها ،ويتم إستجلابها من بيئتها الطبيعية وحبسها للإستمتاع بالنظر إليها وهي بين الأقفاص.
فالكون كله يتعافي في ظل هذه الحبسة الكورونية لبني البشر فالسماء أصبحت أكثر صفاءاً والنجوم أكثر لمعة وضياءاً وطبقة الأوزون أغلقت ثقبها بنسبة كبيرة، وشواطئ البحار والمحيطات أكثر نظافة ، وأصبحت الحيوانات هي من تخرج وتستمع بجمال الطبيعة والكون كيف لا ومن كان يخيفها أصبح خائفاً، فالأيام دول..
ولا حزن يدوم ولا سرورٌ ** ولا بؤسٌ عليك ولا رخاء.

أم أرسلها أولئك المعذبون في الأرض، ضحايا ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ضحايا التفاضل والتمايز العنصري والديني والطبقي ،ضحايا الهوس التنافسي علي موارد الشعوب والإستحواذ عليها، ضحايا القتل الجماعي والتهجير.
فسلام وسكون حل عليهم في ظل هذه الكارثة الكورونية فالقاتل كف سلاحه عن القتل، والسجَّان والمسجون أصبحا سواسية كلهم تحت سجن جماعي ، والسارق أصبح مكتفياً بما لديه ولا يبغي مزيداً.

ويا تري أي رسالة يحملها لنا هذا الفايروس؟،
إن ملك الملوك هو القوة الأعظم ومن بيده الأمر كله “لمن الملك اليوم لله الواحد القهار”.
وبأن نعيش في سلام مع أرضنا الطيبة وكل الكون من حولنا، ونتسامي علي خلافاتنا وأحقادنا.

سيدنا عيسي كان يُشفي المرضي بالحب، وأثبت العلم لاحقاً صدق منهجه، فطاقة الحب تعيد التوازن للجسد.
فلما لا يبث بني البشر طاقات حب لكل هذا الكون ويتصالح مع كل من حوله ،طاقات حب تعيد توازن الكون بمن فيه، ويُشفي ما به من مرضٍ.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …