دقش (الجنان ) …!!
الاستاذ الطيب عبد الماجد
لم تجمعني بالرجل هيئة أو منظمة …!! ولم ألتقيه في عمل ….!! جمعتني به الحياة العامة وقبيلة الإعلام …!!
فقد كنت أسمع به سودانيا يمارس أفريقيته من العمق في سوح القارة الساحرة …بملامح سودانية ( مشلخة ) وعيون تتقد ذكاءا …!!!
ومسحة أفريقية مكتنزة …!! خاصة عندما يرتدي ( الكونغولية ) ..!!
إنه إبراهيم دقش سفيرنا الي السمراء …!!
والتقينا بعد ذلك ….!! وكان قد سبقنا الود
بقفشاته البكر والتي تأتي دون موعد فتخرج مبهرة حال (الرباطاب ) …!! وخفة دم فصيلة ( السهل الممتنع ) …!!
التقيته في أكثر من حوار تلفزيوني وفي كل مرة كان يملأ المكان حضورًا وضياء …!!
لكن استضافتي له والفضلى حرمه الدكتورة بخيته أمين صاحبة القلم الرصين ….!! على الشاشة الزرقاء كانت من أمتع الحلقات التي حلق فيها الرجل فوق حدود المعقول …!!
لتكشف لي تلكم الحلقة بجلاء عن شخصيته الأخاذة وروحه المتداعية ….!! خاصة علاقته مع توأم روحه ( بخيته ) وهما يحكيان عن مسيرتهما الطويلة ومواجهتهم لظروف صعبه أيام زواجهما الأولى
ولم أتمالك نفسي من من الضحك أن حكي لي أنهما وفي بداية حياتهما الزوجية كانا في ( بريطانيا ) وحالهما حال أي زوجين في البدايات وقتها يعيشان الكفاف وضنك العيش في بيت صغير وعمل متقطع ….!!
ولان الراتب لايكفيهم فحكى أنه عمل في أحد مصانع المخبوزات والحلوي وقتها وانه كان يحب الحلويات …!!
( لأنك حلو يا دقش ) …!!
فقال لي الظاهر إنو كترت شوية من ( الضواقة ) ….!!
( وهي مسموح بها للعاملين ….!!! ) …
فخاف صاحب المصنع علي الإنتاج ….!! وأنهى تسجيل الرجل …!!
فضج المكان بالضحك وعلى الهواء …!!
وغيرها من القصص والحكايا التي كانا يتبادلانها علي الشاشة برشاقة تشبه ( باصات ) الشفت ( تشافي هرنانديز ) ….!! ( سيد نص البرشا )
ودون عقد وتعقيد ….!! في تتداع ملهم …! وثقة مفرطة …!! وتناغم مثير يكشف عن عمقهما وجمال الروح …!!
وعرفت حينها أن ( دقش ) ليست اسمًا لعائلته وذويه بل هو اسم منطقتهم وهو المولود في عطبرة البنقابل فيها ناس طيبين …!!
وقد سميت محطته بدقش لأن أحد أجداده إرتحل غاضبًا من الضفة الشمالية الي الشرقية وقد كانت جدباء غفراء فلما سألوا عنه الي أين اتجه قالو …..( دقش الخلا ) ….!! حيث قام بتعمير الضفة الأخرى ….!! فسميت (دقش ) ….!! تيمنًا بهذه الدقشة والدهشة ..!!!
فاستصحبها الحفيد بعبقرية معه في ( شنطة الهدوم ) ووصل بها الي تخوم أم درمان التي منحته الإقامة الدائمة وبالتجنس هذه المره لزواجه من بتها ( بخيتة ) …وكعادة ( البقعة ) تمارس سحرها في إحتواء كل من يتعلق بها وتمنحه من عطرها بذات العشق والإفتنان …!!!!
فوصلت منطقته ( دقش ) وجلست الي جوار بيت المال وحي البوسته …!! وعلايل أبروف …!!
ومن ثم غزا بها القرن الأفريقي وتمدد بعدها
ودخل دخول الفاتحين عرابا لإعلام المنظمة والقارة المنسية فرفع صوتها عبر وكالة ( بانا ) الأفريقية للأنباء وكان ( دقش ) هو الذي نقش على حجر تأسيسها
فوصل من خلالها صوت أفريقيا وخبرها لكل العالمين …!!
كنت أراه شخصية ….مختلفة وهو كذلك …!!
فقد كان عصاميا موهوب …..حفي وكريم …!! طويل اليد والذكر …!! عفيف القلب واللسان نقي السيرة والسريرة ….!!
باسم في غير تكلف ….!! ذكي دون صنعة …!! ودود ( خلقة ) …..كتااااب وموضوعي …لطيف جدا ….!! نكتتو حاضرة ….!! لماح …!!
وظريف شديد ..!!
إنه ( دقش ) ….!!
سوداني الأصل ….!! أفريقي الهوى …!! عالمي المذاق …!!
رجل بقلب طفل..!! وعقل قارة …!!
اللهم أرحمه…. وصبر ( بخيته ) ….. وأهله وكل قبيلة الإعلاميين …!!
جدك دقش الخلا … !! وإن شاء الله إنت داقش الجنان ….!!
رحلت جسدًا ….!!! وعطرك باق لن يزول ….
وداعًا ( إبراهيم )
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …