لجنة إزالة التمكين .. أي فتى أضاعوا؟
جعفر خضر – الشاهد
في هذه اللحظة يفترض أن يكون في ود الحليو يباشر زراعته في عدد محدود من أفدنة استأجرها، بدلا عن محلية القريشة التي زرع فيها العام الماضي.
إنه المزارع الصغير والبائع المتجول الزاهد، عفيف اليد واللسان، الكادح، الإنسان الصبور، المناضل الدؤوب، عاشق الفقراء، المخلص للعدالة الاجتماعية، الورع دون تكلف؛ السر القاسم.
رفض والي القضارف ثلاثة من المرشحين الذين دفعت بهم الحرية والتغيير للجنة إزالة التمكين، كما رفضت الحرية والتغيير بعض مرشحي الوالي، وانتهى التفاوض بإبعاد السر القاسم وأحد مرشحي الوالي.
وأرى أن الوالي كان حريصا على إبعاد السر القاسم، الذي واجهه أمام أعضاء مجلس السيادة عند زيارتهم للقضارف في أواخر رمضان المنصرم، وتحدث السر عن الصلة بين التمكين وفكر الإخوان المسلمين بما لم يسمعه الوالي من قبل.
للسر علاقات اجتماعية واسعة خصوصا مع الفقراء، الباعة، والخفراء، السواقين، الحرفيين، والعتالة .. الخ؛ كما له علاقات مع المثقفين والسياسيين، وإن كان بعضهم ممن يركزون على المظهر ويتعامون عن المخبر، ينظرون إليه كدرويش.
يرى السر أن جذر فكر الإخوان المسلمين ينهض على المقولة التي عبر عنها القرضاوي في أحد كتبه، أن المال مال الله، وأن الإخوان المسلمين هم المسؤولون عن هذا المال ، بمعنى أن الآخرين، من العلمانين والمسلمين العاديين، يجب ألا يتملكوا المال ، ويرى أن فساد النظام البائد كله ارتكز على هذه الفكرة الجوهرية في فكر الإخوان .
ومن هنا – وفقا للسر – نشأ مفهوم “التمكين” الذي يعنى إزاحة أعداء الله، وتمكين الإخوان في مفاصل الدولة، وجاءت الخصخصة لتحويل المال إليهم، والبيع بالتراضي لتمكين تجارهم، وتجنيب الأموال لتوظيفها لصالح التنظيم، والتحلل لحماية منسوبيهم.
ولا يخلو حديث السر في المنابر العامة والونسة العادية من هذه الأفكار. وهو دائم الانشغال بقضايا الفقراء ويعرف معاناتهم حق المعرفة.
درس السر القاسم المرحلة الأولية بمدرسة شاشينا ثم مدرسة السوكي الأولية ، والمرحلة الوسطى بمدرسة القضارف الشمالية ، ودرس المرحلة الثانوية بمدرسة أم درمان الأهلية الجديدة ، والمرحلة الجامعية بمعهد الكليات التكنلوجية الدراسات الإضافية قسم المحاسبة ، كما درس بكلية الفنون الجميلة . شغل منصب سكرتير اتحاد ثانويات غرب النيل بأمدرمان الذي تستظل بمظلته أكثر من عشرين مدرسة في سبعينات القرن الماضي والذي شارك في انتفاضة شعبان ضد النظام المايوي، وانتمى للحزب الناصري، وأضحت العدالة الاجتماعية هي همه الشاغل.
عمل السر موظفا بشئون العاملين بمكتب عمومي محافظة أم درمان ، ثم اغترب إلى ليبيا ، وعاد ليستقر في العاصمة القومية ثم عاد للقضارف، وانغمس وسط صغار المزارعين حتى تلاشت صورة الأفندي من مظهره تماما.
يعمل الآن مزارعا صغيرا وبائعا متجولا ، وهو أحد المناهضين لنظام الإنقاذ على مدى ثلاثين عاما ، وأحد أكبر دعاة العدالة الاجتماعية بولاية القضارف . وقد قدمته مبادرة القضارف للخلاص مرشحا مستقلا لها في انتخابات القضارف التكميلية ٢٠١٣، التي وظفت المبادرة هامش حريتها لمناهضة الإنقاذ.
شارك السر القاسم في الكثير من المخاطبات والندوات والمواكب، وعشق إدارة الحوارات مع الشباب، وتعرض للاعتقالات في مرات عديدة، ولم يتوقف عن عمله التوعوي والانحياز للفقراء قط.
نحتاج، ويحتاج أعضاء لجنة إزالة التمكين، الذين أدوا القسم اليوم، أن نتأمل ويتأملوا صفاته الخيرة وسيرته الصادقة، حتى نتقوى ضد الإرهاب والإغراء، وننجز مهامنا الوطنية بذات الإخلاص.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …