نساء السودان ومناصب الولاة، مالكم كيف تحكمون!؟
د. سعاد مصطفي الحاج موسي
الموقرون:
السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك والوزراء
السيد رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس
قيادات الجبهة الثورية
قوي الحرية والتغيير
تجمع المهنيين
قوي المجتمع المدني
الأحزاب السودانية
لجان المقاومة
المجتمع السوداني
نلاحظ انه كلما تردد ذكر النساء في محافل السياسة وتوزيع المناصب والوظائف العليا، يصاب الكثيرون بالحمي والصداع وآلام المفاصل ويرتفع لديهم السكري والضغط وكأنما هؤلاء النساء تعدوا على ممتلكات شخصية لهذا الرجل وذاك، أو انهن أحرمن من نيرتتي وفتابرنو بدلاً عن جدة السعودية، وهؤلاء لا يتحدثون عن قضايا المرأة والطفل والمجتمع كما تفعل النساء، ولا عن التنمية والسلام الاّ بما يقربهم أو يضمن لهم مناصب لا يملكون لها استحقاقا أكثر مما تمتلك النساء. وعلينا أن نتذكر أن مكانة المرأة في العالم وقضاياها هي عوامل تقريرية في مصائر المجتمعات وأُس تجاوب المجتمع الدولي مع قضاياها، وما المبادرات الحقوقية النافذة التي قام بها وزير عدل الانتقالية الدكتور نصر الدين، له الشكر والثناء، الاّ ترجمة لأصوات النساء ومخاطبة همومهن وهي وحدها كفيلة برفع اسم السودان ثلاثة أرباع المسافة من قائمة الإرهاب لأن الإرهاب السياسي والاجتماعي الداخلي جله استهدف النساء منذ اختراق الإسلاميين دولاب السلطة في 1977 – قانون الأحوال الشخصية، ختان البنات، النظام العام، الردة، الاغتصاب، التمييز والعنصرية علي أساس النوع والجنس والاثنية والمناطقية، والقمع والقهر بشتي الأساليب.
ثورة ديسمبر 2018 المجيدة هي نقطة التحول والانطلاقة لعهد العدالة للنساء والمجتمع ولا نكن الاّ جاحدين إذا ظننا بأن الثورة كانت ستنجح دون تلك المشاركة الغير مسبوقة للمرأة السودانية والتي أذهلت العالم بأسره فانحني لها بالتحية! فالمرأة لم تشارك بالعويل والصراخ والنحيب من خلف أبواب مغلقة وستائر مسدلة، أو من داخل خيم معسكرات النزوح واللجوء المتهالكة، وانما كن في مقدمة ركب الثورة نهاراً جهاراً وبكل ما اوتين من إرادة وقوة أرهبن بها أعداء الثورة والوطن، وكن وقوداً وما فتئن، للمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات. وكم شاهدنا الثوار يعاودون التجمع والكر والالتحام بسبب زغرودة امرأة أو مصادمتها لرجال أمن الإنقاذ، ولم يسلمن من الاهانات والعنف الجنسي – حلقت شعورهن، تحرش، ضرب، اغتصاب… الخ. ولا نبالغ إذا ادعينا بأنه لولا ثورية النساء لكانت الحكومة الانتقالية لا زالت تزحف نحو القصر الرئاسي مع وقف التنفيذ!
ظهور النساء بتلك الكيفية هي التي أعطت زخماً للثورة السودانية، ودفع المجتمع الدولي للوقوف مع السودان ابّان ثورته وبعدها في محنته الاقتصادية والأمنية، وحمدوك يدرك ذلك الموقف فحرص على تنصيب النساء وأقام أول سابقة تاريخية، والعثرات لا يجب أن تكون معيار وعقبة أمام الاخريات في تقلد المواقع القيادية العليا، فمنذ استقلال السودان لم نر فيه الاّ تراكمات لعثرات وانحرافات استراتيجية وأزمات متلاحقة لم يكن للنساء فيها ناقة ولا جمل.
أضف الي أنه لولا مجتمعات النزوح واللجوء والمقصود بها هن النساء سكاناً وإدارة، لولاهن، كما ظللت أشير وأردد، لما اكتسبت مفاوضات السلام الزخم الإنساني الذي أحاطها والتجاوب والتعاطف من المجتمع الدولي. فالمرأة الوالي في مناطق النزاع هي أكثر قدرةً في محاولة نسج خيوط التواصل مع كافة أطراف الخلاف وبناء الثقة معهم وحثهم على التصالح، والأقدر على بذر بذور التنمية والسلام المستدام بما تملك من أفكار واستعداد وقبول اجتماعي وسط كافة فئات المجتمع بنبذها للقبلية والاسرية والحزبية والشلة. فمزايا المرأة وامكاناتها في تعزيز التعاون المجتمعي والثقة، وحرصها على خلق أجواء للتوافق والانسجام داخل المجتمع، هي أصول لا تقدر بثمن، وحتماً ستساعد في خلق سلام اجتماعي ونهضة ثقافية نوعية واقتصادية. وما تطرح النساء من أفعال ومبادرات تصير إرثًا يلهم الآخرين ويحثهم ويحفزهم على التفاعل واخراج أفضل ما لديهم لخدمة الوطن والمواطن.
ودون الخوض في مزايا حكم المرأة، نعلم جميعاً أن منصب الوالي هو حق دستوري للمرأة ضمن حقوقها في المشاركة السياسية كما نصت الوثيقة الدستورية وهي تملك استحقاق دوره ومهامه، ويجب على الحكومة وحاضنتها والجبهة الثورية الالتزام والإيفاء ببنود الوثيقة وعدم اقصاء النساء تحت أي مبرر، لأن ما يصاغ من مبررات للحؤول دون تنصيب النساء ولاة، تنطبق أيضاً على الرجل. وذلك لأن الظنون السالبة التي أوردت بالنساء بما يعني تبخيس مقدراتهن، انما هي إثمٌ وكلمة باطل اريد بها حقاً لتبرير صراع المصالح الشخصية والتنظيمية، وكلها مردودة على من بشّر بها وتبناها. فنحن النساء نؤمن ونقطع بالجزم بأن إرادة المرأة قادرة على خرق المألوف وتغيير الواقع المتأزم وصناعة المستحيل! فقد توالي الرجال على حكم الولايات منذ قانون الحكم الإقليمي في 1981، مثلما توالوا على حكم الوطن لأكثر من ستين عاماً ولم نر رفاهية تحققت للمجتمع ولا تطوير في أداء مؤسساته بل سادت الأهوال وعمت الحروب وولت طيور السلام هاربة. لقد جاء دور المرأة وحان الأوان أن تأخذ مكانتها حاكماً للولايات، بجانب أن الأرقام تشير الي تقدم البنات في التحصيل العلمي والدراسات العليا كماً ونوعاً علي البنين، فكيف يُحرم من يمثل غالبية المتعلمين من أدوار قيادية؟
ولا يفوت علينا أن نذكر بأن القوانين الدولية لحقوق الانسان والطفل والمرأة وحقوق الحماية في ظروف الحرب Responsibility to Protect))، جميعها تؤكد وتشدد وتنادي بالحقوق السياسية للمرأة وحقها في المساهمة في اصلاح المجتمع وتنميته، وليس من المقبول أخلاقياً أن نطالب بتطبيق الاتفاقات الدولية في موضوع تسليم مجرمي الحرب، الذين أجرموا في حق المرأة والمجتمع، للجنائية، ونرفض في ذات الوقت الشق الذي ينادي بتمثيل النساء العادل في المناصب القيادية العليا، أي قرار مجلس الأمن UNSCR1325، بمعني الكيل بمكيالين لذات المواضيع الإنسانية، والايمان بالبعض والكفر بالبعض الآخر. فعلي مؤسسات الدولة ذات النهج الذكوري ألاّ تجنح لعزل النساء وتصر على اقصائهن من باب الجنس والنوع، لتحقيق أغراض شخصية وتنظيمية وتغطية ذلك بمبررات لا تقبلها النساء. ونقول لهم بأن هذا السلوك الأبوي (Patriarchal) الاستعلائي والتمييزي ضد النساء مرفوض في أي مكان في العالم يسعي للحاق بموكب التقدم ورفاهية مجتمعه، ولن يخدم مصالح السودان وأهداف ما بعد الألفية حول تحقيق المساواة في النوع بنسبة 50/50 بحلول عام 2030.
ندعوكم يا حكومة الثورة وقوي الحرية والتغيير والجبهة الثورية وكل منابر الثورة التي لا تزال متقدة، ونحثكم على إعطاء المرأة حقها كاملا غير منقوص كما جاءت بالوثيقة الدستورية ونطق بها ممثلي الثورة ليلة نجاح الثورة وفي حفل توقيع الوثيقة. فالنساء سندن الثورة ضد الظلم والقمع الي أن نجحت ومن العار أن تمارس عليهن الدولة التي استمتن من أجل اقامتها، تمارس عليهن ذات الظلم الذي رفضنه وانتفضن ضده.
وستستمر حملتنا: حقنا_ كامل _ ما بنجامل
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …