رقباء لا (بصمنجية) يا الضي
عمر عثمان
من أسباب قيام ثورة ديسمبر المجيدة ونجاحها الكبير الذي شهد به الاعدء قبل الأصدقاء، سوء إدارة النظام البائد لموارد الوطن وغياب المسئولية تجاه الحق العام الذي انفرد به الحزب الفاشي المحلول وتكريس كل السلطات بيده حيث أختلط حابل التنفيذي بالتشريعي والقضائي واصبح التنفيذي هو التشريعي والقضائي وكل حاجة فغابت المحاسبة مما جعل الفساد مستشريا في جسد الوطن من أقصاه لاقصاه،وكانت هذه واحدة من جملة أسباب أدت لخروج الشعب كل الشعب ( عدا أصحاب المصلحة) الذين لم يستمر حكمهم كثيرا أمام سيول الاحتجاجات ومواكبها الجارفة بلا رجعة حتى سقط النظام الفاشي.
الان وبعد نجاح الثورة والسير في اتجاه حكم رشيد الذي يحفظ للمواطن حقه في (الحرية والسلام والعدالة) من خلال مؤسسات محترمة وسلطات تحفظ له هذه الحقوق يخرج علينا وزير الحكم الاتحادي وعبر مجلس الوزراء بقانون معيب لا يحقق أي من أركان الثورة بل يكرس لتمكين جديد قوامه التنفيذيين أنفسهم، بمختلف مشاربهم واتجاهاتهم واحزابهم، بجعلهم ( الخصم والحكم) حيث لا خصومة بل حقوق وواجبات يجب أن تؤدي إلى أهلها عبر قنواتها الطبيعية مع ترك مساحة للمحاسبة أو فلنقل (مراجعة).
فقانون تنظيم الحكم اللامركزي الذي يحمل في جوهره كل المركزية، بتكريس السلطات التنفيذية والتشريعية بيد الوالي ووزير الحكم المحلي ورئيس الوزراء وجلهم (تنفيذيين)، يخصم كثيرا أو يعدم حقوق المواطن في المشاركة الفعلية في السلطات، بالرجوع لتكوينات المجالس التشريعية في الولايات برئاسة الوالي وعضوية المدراء التنفيذيين بالوزارات وعدد 6 من الحرية والتغيير، فطالما التنفيذيين أنفسهم يشاركون في سن التشريعات التي تحميهم وتفتح لهم أبواب الفساد واسعة دون محاسبة بل بحماية التشريع الولائي، فلما الحاجة لمجالس تشريعية باستصحاب 6 من الحرية والتغيير (محللين) رغبه أو غصبا (عبر أغلبية ميكانيكية) ليس لهم القدرة على رفضها، لتلك القرارات التي تحمي التنفيذيين اولا من المساءلة.
فالشاهد في الأمر أن قانون تنظيم الحكم اللامركزي قد كتب على عجالة دون خضوعه لتمحيص أو تدقيق (بافتراض حسن النية الثورية) رغم أن الثوار لا يلدغون من جحر مرتين باحتساب ما جاء من ضعف في الوثيقة الدستورية اول مرة مازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم.
فبهذا القانون أصبحت كل قوى الثورة الحية تحت رحمة التنفيذيين من والي ومدراء وزارات ومدراء تنفيذيين بالمحليات،(تنفيذا وتشريعا) يصل لحد الحق في حل المجالس التشريعية أن توافق هوى التنفيذيين، حسب ماجاء في القانون، فوالي الولاية هو الذي يعتمد المجلس التشريعي فكيف بربكم يمكن لمن عينهم أن يحاسبوه وكيف لأعضاء حكومته من مدراء عموميين بالوزارات والمحليات أن يقفوا في محاسبة زميلهم الآخر إذا عرض أمره في جلسات المجلس أو اخضاعه للمراجعة التي تعرض لمجلس الوالي للنظر فيها.
فالاعضاء الستة في المجلس التشريعي الولائي بموجب قانون الضي، لاقيمة لهم طالما هم أعضاء رفقة حكومة ( أدى أعضاؤها القسم مرتين أمام الوالي، مرة عند تنصيبهم تنفيذيا وأخرى بصفتهم التشريعية) وفي كلتا الحالتين، الأمر بيد الوالي الذي يجتمع بهم اسبوعيا.. بمجلس الوزارء). مما يجعل منهم (بصمنجية) على كل القرارات الصادرة من الوالي و مجلس الوزراء بغض النظر عن مكنونها، طالما تم التوافق عليها هناك وبالمثل عرض الخروقات والتجاوزات وتقرير المراجع العام أصبح قابلا للرفض أو الحفظ بلا قيمة طالما الغلبة في اتخاذ قرار تجاهه لا يخضع لرقابة و سلطات الشعب ومن تقدموا باسمه.
فحسب ماجاء في الفصل الخامس المادة(14 / 8) أن صدور قرارات المجلس التشريعي تتم بالأغلبية البسيطة، فإنه يصبح وجود الأعضاء الستة من الحرية والتغيير (تمومة جرتق) لكرنفال مجلس الوزارء وما يتوافق عليه، بالإضافة لرئاسة الوالي للمجلسين (التنفيذي والتشريعي)، مما يعني غياب المجالس التشريعية (البرلمان) طيلة الفترة الانتقالية وضياع صوت الشعب وبغياب التمثيل الحقيقي له وتكريس كل السلطات بيد الجهاز التنفيذي برئاسة رئيس الوزراء و الوالي ووزير الحكم الاتحادي دون خضوع اي من أعضاء حكوماتهم التنفيذية للمحاسبة والتقويم، طالما اختيار هؤلاء الأعضاء التنفيذيين منذ البدايةخضع لمشورتهم وقبولهم أن لم يكن قد اختاروهم بالكامل كتيم عمل مكمل لحكوماتهم التنفيذية في المركز والولايات.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …