ولكن الله يريد ذلك
سيد الطيب :
ألغى التعديل الثالث عشر في دستور الولايات المتحدة الأمريكية العبودية والاسترقاق في عهد الرئيس أبراهام لينكون الذي غامر بمستقبله السياسي حين مس معتقدات المجتمع الامريكي، خسر لينكون معظم اعضاء الحزب الجمهوري الذين رشحوه وخسر كل الحزب الديمقراطي الذي كان ضده، وقف في الكونغرس اكثر الديمقراطيين فصاحة وبلاغه وقال ان هذا التعديل يخالف شريعة الرب، ويعارض إرادة الله الذي خلق البشر مختلفين، خلق الابيض والاسود لكي يستعبد الابيض الاسود. تأججت نيران الحرب الاهلية بخطابات العنصرية بسم الله واهلكوا الحرث والنسل ولكن لينكون الذي كان رجلا نبيلا ونافذ البصيرة ومن أشد المناوئين للعبودية قال في خطابه الشهير “كل البشر خلقوا متساوين” «انهضوا أيها العبيد، فإنكم لا ترونهم كباراً إلا لأنكم ساجدون» لم يكن لينكون يواجه الطبقة السياسية الفاسدة المستفيدة من بقاء الاوضاع كما هي عليه فحسب، بل كان يواجه ايضا المتخازلين فقد انقسم المستعبدين الى عبيد الحقول وعبيد المنازل، كان عبيد الحقول يعيشون في قهرٍ شديدٍ وإذلالٍ ، بينما كان عبيد المنازل يعتبرون أنفسهم العبيد المرطبين لأنهم يعيشون على فضلات أسيادهم بقايا طعامهم وملابسهم القديمة، وكلّما اجتمع العبيد لتحرير أنفسهم عارضوهم عبيد المنازل وكانوا ينقلون أخبار عبيد الحقول إلى أسيادهم لإفشال حلمهم في التحرّر فبقايا الخبز والملابس كانت أغلى عندهم من الحرية.
ابراهام الذي اعلن التحرير اغتيل في نهاية الحرب الاهليه الامريكية واستمرت حركة الحقوق المدنية وسطع نجم مارتن لوثر كينج بعد سنوات وتلى خطبته الشهيرة (لدي حلم) امام النصب التذكاري للرئيس المغدور ابراهام لينكون فقد كان المستعبدين محرومين حتى من الاحلام، لدي حلم بأنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعني الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خلقوا سواسية
بهذا الإيمان سنكون قادرين على شق جبل اليأس بصخرة الأمل. بهذا الإيمان سنكون قادرين على تحويل أصوات الفتنة إلى لحن جميل من الإخاء لدي حلم.
اغتيل ايضا مارتن لوثر وواصل رفاقه المسيرة عام 1968 وكتب على قبره حر في النهاية، كان وقتها السودان بلد ديمقراطي بعد ان انجز الشعب السوداني ثورة 21/أكتوبر/1964م ولكن نخبته السياسية اعادته للوراء.
قال الرئيس الامريكي المغدور أبراهام لينكون “من الأفضل إن تمشى ببطء إلى الأمام على إن تمشى مسرعاً إلى الخلف” بعد ضياع أكثر من 60 عام من عمر السودان اتت ثورة ديسمبر المجيدة تحمل شعار حريه سلام وعدالة انتصرت وسقط النظام واتت حكومة انتقالية تسير ببطء شديد حتى اصاب الاحباط البعض وتساقط البعض وتمسك البعض بالمكاسب الشخصية فبعض الناشطين وقادة الاحزاب والحركات المسلحة لا يرديون المجازفة بمستقبلهم السياسي والبعض يهمه سلاحه اكثر من الوطن والبعض بذات ثقافة عبيد المنازل يحن للدكتاورية العسكرية بدلا من السير في طريق بناء الدولة المدينة الديمقراطية الكاملة حتى وان كانت الخطوة بنمشيها مشاوير وكما قال الشهيد عبدالعظيم تعبنا يا صديقي ولكن لا أحد يمكنه الاستلقاء أثناء المعركة.
بعد أكتر من 20 شهر على الثورة السودانية الدائمة لا تزال المعركة مستمرة فقد سقط النظام في اشخاصه وتبقى نهجه والمليشيات المسلحة والفتن القبلية والمتاجرة بالدين والضغوط المعيشية والتدخلات الخارجية والصراعات السياسية..الخ سقط البعض امام هذه الضغوط ولكن هذا البلد سينهض بالمؤمنين القادرين على شق جبل اليأس وتحويله الى صخور من الامل بالعمل، ومن يرحل منهم ويقابل ربه بالاماني الحقيقية لشعبه في الحريه والسلام والعدالة ويكفي انه حراً في النهاية وترك الرايه لمن يأتي بعده يكمل الطريق الشاق والطويل.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …