السودان على الطريق المصالحة
محمد فاروق سلمان
ما سيعتبره كثيرين اسرار في كتاب اللباد هو كشف لما لم نتعوده من الطبقة السياسية السودانية اثناء مداعبة طموحها في تصديها للعمل العام، واغلب ما سيكون مفاجئا للراي العام هي تفاصيل كان من حقه الاضطلاع عليها اولا باول.
سيتم كيل كثير من التراب على قيمة هذا الكتاب بقصد القدح في مصداقيته واول من يفعل هذا هم من يفترض انهم المستفيدين الاوائل من هذا الانحياز لحقهم في ان يطلعوا على ما كان يحدث من فاعلين على مستوى ما يمكن ان نسميهم النشطاء وليسو اصحاب المصلحة المباشرة في ترقي السلطة ممن التقاهم اللباد، وهذه هي الصفة المشتركة بين من كل التقاهم او عرضو انفسهم عليه كقادة حاليين او مستقبلا للبلاد في طريق المصالحة الذي عنون به كتابه.
لا يمنع ان ما اوردته اعلاه في كون مستوى الناشطين هذا ايضا تمتع بسلطة في الحراك السوداني، كما تداعبه احلام مشروعة عند اغلبهم في الترقي لطبقة اصحاب المصلحة المباشرة في ترقي السلطة والتي تعاملوا مع نقدها او التهليل لها كسلطة حصرية لهم في احتكار تشكيل الراي العام وفق تقديرهم لعلاقتهم بالاشخاص والاحداث، لذا سنجد قبيلة النشطاء نفسها اكثر انقساما من الفاعلين السياسيين في المشهد بين من يرى في ماذهب اليه اللباد معينا على الشفافية وتقدير الراي العام، واخرين سيرونه تهديدا مباشرا لحقهم الحصري في هذا.
حتى وان أتت هذه المبادرة من وجهة نظر فاعل كان يلعب دور الوسيط، والذي سيعطي سفره هذا قيمة مهما كان طموحه الشخصي فيها، الذي لن يكون ذو اثر على موضوعية سرده باكثر من انطباعه وتاثير اشخاص عرفهم لفترة في الاحداث التي لعبت الصدفة في ان يكون له دور بارز فيها، وهذا لن يكون اكثر من كشف اخر عن الطريقة التي كان يقدم بها هؤلاء الاشخاص انفسهم من اجل ترقيهم للعمل العام.
اتمنى قراءة هذا الكتاب كسرد لاحداث مهمة لن يخلو من الموضوعية لحقيقة كونه اتى في حياة شهود الاحداث والمشاركين فيها، فبالتالي لن يكون من طاقة من يعرض هذا: حشوه بالمغالطات، لحكمة لن تغيب لمن يتعرض لهكذا امر بالتوثيق والكتابة، كما لم تغيب عند من استعانوا على هذا بالمشافهة والمغالطة او الصمت، وليس منهج اللباد هذا، الذي وجب الاحتفاء به والاقتداء منه في مسالة طرقها عدد قليل من ساستنا عند صناعة الاحداث خلاف الكتابة في الاراء والافكار والتي ايضا مقلة عندنا بقلة المفكرين ربما، ولكن فقر المكتبة السودانية السياسية مقارنة بثراء التجربة الوطنية، مرده برأيي لآفة الكسل والخمول، والتي اتمنى ان ينفضه هذا الكتاب في طريق اخر للمصالحة مع النفس غالبا ما غالبناه بما اعتبر خمولا عندنا!
حمل هذا الكتابة مفاجأة لكثيرين لم يتوقعوه وقد نسمع خطابا على شاكلة مجافاة اعراف الوساطة، والعرف الديبلوماسي في اخفاء كثيرين لحرجهم مما سياتي منه، وشخصيا فاجأني فمن خلال متابعاتي الرجل حتى لم يكن حريصا على اخذ المحاضر للاجتماعات، واعتمد على ذاكرته غالبا في اعادة صياغة بعض التفاهمات، وعل فوضاه هذه قد لعبت دورا في نجاحه في لعب دور الوسيط في مرحلة حرجة من تاريخنا وكانت سببا لتناغم مع السودانيين عدمه دائماً الوسطاء الدوليين، هذا خلاف نشاطه طبعا في المواظبة على الحضور والتواجد دائما في قاعة المفاوضات وقبل المفاوضين انفسهم، بل وذهابه بنفسه (للقيطهم) من الردهات وحثهم على الجلوس!
لم تحمل هذه الشخصية التي يبدو ان ساستنا قد الفو عفويتها والتي تناغمت مع فوضاهم مفاجأة بقدر هذا الكتاب، والذي سيتفاجأ نفسه بفوضى الجماهير!
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …