من يملك حق رفض الولاة؟
الأستاذ / عمر عثمان
بغض النظر عن صحة البيانات المتضاربة باسم نظار قبائل الشرق والبجا تحديدا من عدمها، فإن الذي يحدث في الشرق وقبله في كردفان من تحشيد وازكاء لروح العنصرية البغيضة برفض الولاة على أساس قبلي ينافي الاهداف السامية التي من أجلها هبت ديسمبر المجيدة وتطعن في شعاراتها مرات ومرات.
التفكير في إصدار بيان عنصري من اي جهة اي كانت دوافعها هو ردة ثورية وان لم تكن تلك الجهة مؤمنة بمبادئ الثورة ولا موقعة على ميثاقها، لأن الأصل في الطبيعة البشرية و ما جاءت به الكتب السماوية جمعاء السلام والمحبة ونبذ التمييز على أسس عنصرية ودينية وثقافية، وديننا الحنيف وحبيبنا يقول انها من دعاوى الجاهلية.
وبالعودة لمطالب أهل الشرق وبالاصح كيزانه في رفض تولى (صالح عمار) لمنصب الوالي لأنه يمثل أقلية في المنطقة أو يحمل جنسية مزدوجة، مطلب مشروع وعمل ديمقراطي إذا ما جاء ذلك من قبل القوى الموقعة على ميثاق الحرية والتغيير أن لم تكن قد رشحته، حسب ماجاء في الوثيقة الدستورية وهي الجهة الوحيدة المعنية باختيار الولاة بالتشاور مع المركز، خلاف ذلك لم تنص الوثيقة ولا القيم السماوية على التوجه العنصري البغيض في التمييز على أساس القبيلة وأوباما الزنجي حكم أكبر دولة في العالم بل هلل هؤلاء أنفسهم الذين يرفضون الوالي الان لفوزه ونسجوا الأساطير والأقاويل فرحا ومرحا وذهبوا ابعد من ذلك بمحاوله نسبه لجنوب السودان وتفننوا في ترجمة اسمه للعربية (مبارك) وزين ذلك صحفهم واحتل اكبر المساحات فيها حينها.
الرفض والقبول للولاة حق مشروع للمواطن ولكن اي مواطن؟ وعلى أي أساس وأسباب موضوعية ليس من بينها العنصرية ولا الرفض على أساس جهوي أو ثقافي أو أثنى لأن ديسمبر المجيدة وقبلها كل الأديان كما اسلفت ترفض التمييز على هذه الأسس لمجموعة دون الأخرى أو لفرد دون الآخر.
فالكوز ترك وغيره من كيزان كسلا الذين يستغلون البسطاء من أبناء قبيلتهم الان، صمتوا حين تولي ارتري وزارة الداخلية بل وتدرج في المناصب القيادية داخل حزبهم البائس حتى تولى رئاسته ولم يفتح الله عليهم بتبرم شفاههم رفضا وليس تسيير المواكب والاعتصامات وإعلان العصيان على الدولة والتهديد بالانفصال، فالمعني باختيار الولاة هو من يحكم الان ومؤيدي ديسمبر المجيدة وليس رافضيها والذين أتت لتنزعهم ك(ترك) وبقايا كيزان الشرق ومن يحشدونهم ويدعمونهم من المركز، فالاختيار مبنى على ثوابت ومعايير محددة قابلة للرفض والقبول داخل جسم الثورة وحاضنتها السياسية.
فما قام به ترك يجد بكل تأكيد دعما مقدرا ولو معنويا من بعض الجهات الرافضة للتحول المدني من الشركاء، وهو متماشي تماما مع قناعة كباشي بأن المدنيين (لن يستطيعوا أن يحكموا ساعة واحدة لو انسحب العسكر)، وموقف الناظر ترك لن يتغير أو يتزحزح إذا كان الوالي شخصا آخر غير (صالح عمار)، لأن الأصل في الاحتجاج هو هز الحكومة الانتقالية وعرقلتها مثلما حدث في نهر النيل ودارفور وكردفان.
والرسالة هنا موجهة لجميع ثوار بلادي والمؤمنين بالتغيير داخل وخارج قحت بأن الذي يحدث الآن في الولايات صناعة كيزانية بامتياز، يجب أن تواجه بالوعي الكامل طالما الجانب العسكري المناط به حفظ الأمن ينظر إليها بالشأن المدني و(الاعتصامات وحرية التعبير حق مشروع كما قال حمدوك!!،) وهم الادري بأن التمرد وقطع الطرق لاعلاقة له بالسلمية والمطالب المشروعة التي لها طرقها ودروبها التي أسقطت النظام الفاشي بالصمود والتضحيات لا برفع السلاح وإعلان التمرد.
نكون واهمين إذا اعتمدنا على الشق العسكري داخل مجلس السيادة بحسم التفلتات والتمرد المتكرر في أكثر من ولاية، طالما كان هذا التمرد يهدد الحكومة المدنية ويعمل على عدم وصول البلاد لحكم مدني كامل، يجب أن ينكمش دور المؤسسات العسكرية فيه جزئي وفي نطاق محدد وفق اختصاصها، بعد أن ظل متمددا لثلاثة عقود، فالذي يحدث الآن هو رفض كيزاني متناسق للثورة في شقيه المدني والعسكري.
ورغم ذلك يبقى خيار رفض تولية صالح عمار لكسلا أو أي من رفقاه السبعة عشر حقا مشروعا لأهل الولايات المؤمنين بمبادئ ديسمبر لاسواهم أذا ما كانت الأسباب موضوعية وليست عنصرية.
الكيزان لا يملكون حق رفض وزراء و ولاة التغيير ، طالما لم يكونوا جزءا منه، وبكل تأكيد لن تأتي الثورة بمن يداعب هواهم على شاكلة ابقردة وسفنجات واللمبي الذي ارتضوه وزيرا للدفاع بالنظر ووزيرا للداخلية وواليا على الخرطوم فكهين ولا من جنس من تتكئ لهم الغزالة قائلة اذبحوني أو مثل الذي تحدث عن رائحة المسك تفوح من الشهيد الحي البيروني حين غسل جنازته شهيدا.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …