رسالة مفتوحة إلى عضو مجلس السيادة التعايشي 1
سالم الامين :
انا أحد رواد الفيس الذين كنا ننادي بك عضوا في المجلس السيادي ، أو حتى رئيسا للوزراء ، أنشأنا لذالك الهاشتاق و نادينا بك عبر بوستاتنا :
#التعايشي للسيادي
#التعايشي رئيسا للوزراء …
حزنا جدا لان الترشيحات تخطت شخصك ، بعدها فرحنا كثيرا عندما تنازلت إحداهن بمقعدها لتشغله انت …
دعوتنا لترشيحك لم تكن لمعرفة شخصية ، ولا لقرابة اثنية ، إنما ظنا منا انك ستكون المخرج لهذه البلاد من وهدتها ، وذلك من خلال البوستات التي تكتبها ، فتضع يدك على موضع الجروح و تصف لنا الدواء …
من خلال بعض اللايفات كنت تستخدم السبورة و الطباشير و بطريقة مبسطة و عبر جداول إحصائية تشرح لنا كالاستاذ مع تلاميذه أزمة السودان و تحدد لنا تدرج العلاج و أولوياته و أدواته …
كنا نهز رؤسنا بأسى و حزن بالغ لأن السودان يرمي بأمثالكم في الغربة و يقرب امثال ربيع و صحبه إلى مراكز السلطة ، كنا نعتقد بأن سقوط البشير هو الفاصل بين الفوضى التي تخوض فيها الإنقاذ و بين الديمقراطية و التنمية و الرفاهية التي يخطط لها أمثال التعايشي و آخرين حال وصولهم الى مراكز صنع القرار …
شأءت الأقدار كما أردنا أن تكون اليوم في قمة الهرم السيادي للبلاد ، و يمكنك وضع الكثير من الحلول لازماتنا ، و التخطيط لنهضة أمتنا ، و التوجيه بوضع أسس لرفاهيتنا و ديمقراطيتنا …
لكن للأسف لم نسمع لك حتى الآن فكرة و لم نر خطة تطلب من حكومتك تنفيذها و البداية بها لتتدرج في تطبيق تلك الخطط التي كنت تطرحها في اللايفات قبل سقوط البشير …
منذ أن تقلدت هذا المنصب وانا لم أراقب مسئولا ولم اهتم بأحد ممن تسنم السلطة مثلما أفعل بشخصك … لا يهمني البرهان و لا الكباشي ما دام التعايشي موجود في هذا التشكيل ، فهو المخرج و المهدي المنتظر …. لا تهمني خرمجة حميدتي في الوقت الراهن فسيحسمها التعايشي بذكاءه و حكنته و تخطيطه .حتى حمدوك عندما كان الناس مشغولون ب شكره و تمجيده، كنت أنا ابتسم و أقول في سري :(حمدوك شنو انتظروا شوفوا التعايشي بسوي شنو! ) …
أصدقك القول كنت متفائلا جدا بوجودك وسط جوغة الحكم و السلطة ، كثيرا ما فكرت أن أوجه لك رسالة أذكرك بتلك الأيام ، أيام البوستات الرصينة و اللايفات الباهرة . لكن اقول لنفسي : أصبر فكيف تطلب من شخص لم يقضي على هذا الكرسي شهورا كيف تطلب منه وضع خطط و برامج و مخرج لأزمتنا …
ما جعلني اكتب هذه الرسالة صباح اليوم هو امي ، نعم والدتي . و انا لازلت أقضي معها عطلة العيد و اساعدها على قضاء حوائجها في البيت بالجلوس بجوارها لقضاء ما تحتاج إليه دون أن تنطق به ، سمعتها تتمتم و تلعن الحكومة و هي تحاول إشعال النار بفحم مبلول بأمطار الخريف ، و ما أدراك ما الخريف في سنار هذا العام ، الخريف في سنار ليس كما هو عندكم في دارفور ، فعندما تنهمر السماء فكل العيون تتجه إلى سقوفات غرف الطين الآيلة للسقوط ، و هناك فعلا الكثير منها سقط و تهدم و أهلها يعيشون في العراء ينتظرون اغاثتكم لهم ، و مشاركتهم محنتهم …
دعنا نعود إلى لعنة والدتي التسعينية التي تقوس ظهرها من آثار طبيعة الأشياء و مصاعب الحياة في السودان ، قلت لها و لماذا تلعنين الحكومة ؟؟ ، هل هي التي بللت الفحم ؟؟ …
ردت بدون حتى أن تنظر إلي بأن الحكومة التي عجزت أن توفر لها الغاز هي السبب في معاناتها اليوم … جعلت مدخل هذا الحديث فرصة كي اعاتبها على رفضها العنيف أن نشتري لها انبوبة الغاز بمبلغ الف و خمسمائة جنيه ( نعم سيدي الرئيس هذا هو سعر الغاز عندنا في سنار و ما جاورها من قرى و أرياف) …. سبب رفضها بأنها لن تدعم الحرامية الذين يشترون الغاز بمئتي جنيه و يبيعونه لنا بذاك الرقم الفلكي ، فالأفضل أن تدعم الفحامي الذي يعاني و يسكب العرق لصنع جوال الفحم بدلا أن تدعم ذاك الحرامي الذي يرفع أسعار الغاز … أمي أمية الكتابة و القراءة ، لكن لها فلسفتها في الحياة و رؤاها التي تبنيها على ثقافة محلية باذخة بالقيم النبيلة … كثيرا ما نعارض اراءها ظنا منا بانها متخلفة لكننا في الآخر نرجع لها و نعمل بها ، مرارا و تكرارا نحاول أن نمنعها من المطبخ و مشغولياته، لكنها ترفض بكل قوة بأنها لا تستطيع أن تأكل طعاما لم تكن هي صانعته لأيام متتالية ، و أن ابتعادها من المطبخ سيخلق لها فراغا يتسبب لها في الكثير من الأمراض اقلاها الخرف ، أقول انها في عمر أن تتفرغ للعبادة ، تقول لي أن العبادة موعدها الشباب و ليست الشيخوخة فاتركني انا و اهتم بعبادتك انت ، و تضيف و أي عبادة أعظم من أن أتفرغ لصنع طعام والدك !!! ؟
هذا الحوار الذي انقله الي اللغة العربية الجافة، ليس كذلك بلغتنا الأم فهو حوارا سلسا موسيقيا تتخلله الكثير من الأمثال و العبر و الأقوال المأثورة عندنا ، مع كثرة المعارف التي اكتسبتها من الحياة و من الاخرين فأنا لا زلت انهل من معين امي الذي لا ينضب ، و أحمدالله ع هذا الكنز ..
لقد اخرجتنا لعنة والدتي لحكومتكم عن سياق الموضوع ، لكنه ليس بعيدا عن ساس يسوس ، لأنها هي سبب أن أكتب لك هذه الرسالة المفتوحة في صفحتي التي انت صديق لها ، و اتمنى ان تقرأها إن لم تشغلك المشاغل ….
الناس أصبحت تمل من الرسائل و البوستات الطويلة لذا دعني أقطعها على جزأين ، أو ثلاث أو أكثر بقدر ما يصفو مزاجي و بقدر ما تتشعب المواضيع …. نواصل
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …