الحل في ( الكل ) …!!!
الطيب عبد الماجد :
عندما خرج الشعب في ديسمبر الأخضر كان يحدوه الأمل في إحداث تغيير جذري في حياته يعيده الى مربع الحرية والديمقراطية والمدنية والكفاية ….!!
وقد إستطاعت الثورة الشعبية العارمة ان تصل الي مبتغاها بتغيير النظام ….!!!
ولكن هل تغيرت النظم …!!؟؟
الجواب بالتأكيد هو ( لا ) الصريحة …..!!
حيث لم يحصل المواطنون على تطلعاتهم وآمالهم المنشودة ..وطموحاتهم العادلة المشروعة التي خرجوا من أجلها الي الشارع …!!
صحيح أن الفارق الزمني بين السقوط ..والنتائج والثمار والتغيير ليس بالكبير …!!
لكن هناك ما يعرف بعلم المؤشرات والدلائل وهي التي تمنحك القدرة على التنبؤ والإستشعار .وقراءة المسار
وهذه قد جاءت ضعيفة هشة لم تمنح ضوءاً أخضر
يفضي لآخر النفق …!!
لا تستطيع أن تحكم على نوايا إنسان وما بداخله لكن علينا أن نحكم بأفعاله على الأرض ….!!
ولا نود الخوض في السؤال الراتب …!!
هل قامت الثورة من أجل الخبز أم الحرية …!!؟ أم أنهما وجهان ( لدولة ) واحده تنشد الإستقرار والسلام الاجتماعي والحياة المعيشية …!!
وهي أحياناً أسئلة جدلية ..و كل فريق يحشد لها مبرراته وأدواته …!!
ولكن دعونا نشخص حال الدولة السودانية التي تعاني الفشل والتعثر منذ وقت طويل وتريد الخروج من هذه الدوامة …!!
شئنا أم أبينا فالسودان بلد كان قدره أن يكون محل تجاذبات وتقاطعات إقليمية ودولية…!!
ولسبب بسيط يكمن في ثرواته الطبيعية المهولة وموقعه الاستراتيجي الفريد …!!
وقد قرأنا ومنذ نعومة أظافرنا …!!
لماذا جاء المستعمر من أقصى الشمال البارد إلى السودان …وهو يعي ويعلم أن المخاطرة والمسافات تستحق عناء السفر والأرواح لبلد بهذا الثراء …!! وفي أذهاننا العبارة الأشهر …!!
جاء الأتراك للسودان من أجل
الذهب والرجال …!!
هذا الواقع …..!!! لم ..!! ولن يتغير ….!!
لذلك فنحن في منطقة منخفض ( دولي ) يساعد على هبوب رياح شمالية جنوبيه ومن كل الإتجاهات …!!
وكل له مصلحة …!! في زمن باتت المصالح هي التي تحكم ….!! وعلينا ان نتعامل مع ذلك وفق لغة المصالح المشتركة دون المساس بالسيادة والاستقلال حال كل دول العالم الحرة ….!!
أما في الداخل فنحن أمام تجاذبات تاريخية وحزبية وأيدولوجية في من له الغلبة والسطوة والتأثير على هذا البلد …!!
وهذا أيضا يدخلنا في متاهة الحجة والإقناع …..!!
فأي حزب أو كيان أو فصيل يرى أنه الأفضل والأقدر على قيادة هذا البلد ولا يستطيع أحد أن يثنيه عن هذه الفكرة وهذا التوجه ….!!
فهذه مسألة قناعات لدى الكثيرين …!!! ومصالح لدي البعض ….!! ومصير لدي آخرين ….!!
وهى ظاهرة يجب أن نتعايش معها أيضا
لتبقى في نهاية الأمر موافقة الشعب هى الفيصل ..!!
فهو الوحيد المخول له الرفض والقبول ….!!
وأكثر شيئ إيجابي في هذا الأمر أنهم كلهم ودون استثناء يعرفون هذه الحقيقة جيدًا ويعونها …!!
وقد شاهدوا هذا الشعب العظيم عندما يخرج …!! وكيف يكون الخروج …!!
والتاريخ قادر على كشف كل مستور …فهذه الدنيا يحكمها ملك ( ما مطلوقة ساكت )
ولم تترك هكذا لأهواء الناس ومكرهم …!! وهو خير الماكرين …!!
هذا هو الواقع داخليًا وخارجيًا لذلك يجد السودان نفسه وسط كل هذه العواصف والأنواء …!!
ويبقي السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه ماهو المطلوب للوصول الى غاياتنا وآمالنا وتطلعاتنا …!!
المطلوب هو تفكير وطني صميم يعلي مصلحة الوطن فوق كل اعتبار حزبي أو عشائري أو قبلي …وأن نتوحد
كلنا تحت راية العلم ..!!!
هل هذا هو حديث رومانسي وإنشائي ومنمق وأن تطبيقه صعب وعسير ….!!؟؟
من المؤكد أن الإجابة هي (( لا )) وأنه قابل للتطبيق وأمام ناظرينا تجارب ماثله ….!!
دعك عن ماليزيا وسنغافورة وغيرها من هذه الدول التي نهضت بعد كبوات …!! فقد تختلف عنا من حيث الثقافة والظروف … !!
وإن كان التحدي والعزيمة والإصرار .. لادين له ولا وطن …!!
ولكن إذا نظرنا من الشباك لوجدنا رواندا وإثيوبيا وكثير من الدول الأفريقية القريبة منا …!!
وقد قطعت بالفعل شوطاً بعيداً رغم أنه لم يتوفر لها ( عشر ) ماعندنا من إمكانات …!!
إذن فالخلل داخلي عندنا في الشبكة …!!! ويجب ان نصارح به أنفسنا ونعمل على إصلاحه …!!
نحن عددنا حوالي أربعين مليون نسمه على الأكثر ….!! ومصر بها أكثر من مائه مليون نسمة ….!!
مساحتها كلها مجتمعة عبارة عن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في السودان …..!!
لديهم نيل …!! ولدينا إثنان ….!! ورغم ذلك لاتوجد لديهم أزمة خبز ….!!
أمشو اسألوهم قولو ليهم قاعدين تعملو شنو !!!؟؟؟؟؟
الأوطان لا تبنيها التمنيات والآمال يبنيها العمل الجاد والتخطيط السليم …!!
يجب أن نعرف كم عدد الموظفين في القطاع العام بالضبط…!! ؟؟ وكم عدد العاملين في القطاع الخاص …!!؟؟
ماهو عدد العاملين في المهن الحرة والهامشية ….!؟؟ وكم عدد الطلاب في المدارس والجامعات …؟؟
وأعداد الخريجين …!!
وماهي نسبة البطالة الحقيقية في السودان …!؟؟؟؟
وكم هم السكان خارج سوق العمل ..!؟؟ وكم هو عدد من يعمل في الرعي والزراعة …!! ؟ وكم عدد اصحاب الحرف الصغيرة واليدوية …!!؟؟ كم عدد العاملين في النقل الداخلي من الرقشة وحتى البصات .!! ماهي مستويات مداخيلهم ….
في كم سمسار في البلد …!!؟؟
هل هناك أسر منتجه ….!!؟ وكم عددها ..!!؟؟ وماهي الفئات العمرية في السودان ..!؟؟
وماهي مستويات دخل كل هؤلاء ..؟؟ وكم نسبة هذه الي تلك …!!! كيف يتوزع السكان في السودان ….!!؟؟
ماهي نسبة الذكور الي الإناث …!! وهل يتناسب سوق العمل مع مخرجات التعليم
كم هي أعداد المغتربين السودانيين بالخارج والمهاجرين …ماهو حجم إسهاماتهم …!؟؟ ماهي المحفزات لاستفادة اكثر من مقدراتهم ..!!؟؟؟
إذا لم تتوفر ( داتا ) وقاعدة بيانات لكل ذلك ..!!
كيف نبني الدولة ..!! وعلي أي أساس …..!!؟؟؟؟؟
لابد من عمل إحصاء سكاني ديموغرافي وافي يوضح
من نحن …!! وماشين على وين ….!!
حالنا دا زي العربية البكون مؤشر البنزين فيها ما شغال لكن هي ماشه ….!! متى ستتوقف العلم عند الله …!!
علينا أن ننظر لنقاط قوتنا التي كانت …!! أين ذهبت وماهو السبيل لاستعادتها…!!
الإنجليز لما جو السودان وبدأوا بالسكك الحديدية لم يكونو ( مساكين ) وهم من أذكى الشعوب وأكثرهم دهاء …!!
هم عارفين إنو ( السكك الحديدية ) هي عصب العملية الاقتصادية لهم وهي التي ستنقل قطن الجزيرة الى معامل لانكشاير الإنجليزية …!!
لذلك يبقي الاهتمام بالنقل والمواصلات هو عصب تقدم الأمم ….!!
وهناك كثير من الطرق الاقتصادية والتفاهمات مع الدول لبناء هكذا طرق وفق عدة أنظمة معروفة ومعرفة تضمن الفائدة والمصلحة لكل الأطراف …!!
لابد من إعادة تأهيل الخطوط البحرية وقد كنا نمتلك من السفن ما يجعلنا بمأمن من الاستئجار والتلتله و( موت الضان ) على متنها مايعرض ثروتنا الحيوانية لسوء السمعة وهي إحدى مواردنا الرئيسية …!!
وكأن البحر قد ابتلع أسطولنا البحري …!!
أين الخطوط الجوية السودانية وقد سبقنا الأمم في الأجواء لكن طائراتنا هبطت ولم تقو على الإقلاع من جديد …!! وكادرنا البشري يمتلك من الخبرات في هذا المجال لكنه ( طار ) هو الآخر …!! ولابد ان تعود
ويعود معها مطار يليق بالسودان شكلًا وموضوع في الخرطوم محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم
حيث لم يذق الرئيس طعم نوم …والطائرة عادت يتيمة تكابد الأجواء …!!
بلد يمتلك أكبر مشروع مروي في العالم ونفرط فيه بهذه السهولة ….!!! ليبقى هذا واحد من الغاز العالم المحيرة ….!!
أعيدوا لمشروع الجزيرة هيبته وسيعيد للسودان هيبته
مصانع التعليب والألبان والغزل والنسيج تلاشت ..!!
ولا أدري أي عبقري هذا الذي قام بتفكيكها …ولمصلحة من ..!! وبهذا الشكل المريب
وآلاف القوى العاملة وجدت نفسها في الشارع …!!
مالذي يمنع من التفكير في الاستفادة من هذا الإرث
هذه هي الخطوط التي تبني دولة…!! لكن طالما لسا نحنا متابعين جدول القطوعات والكهربا جات ….ورطل اللبن الليله زاد عشرين جنيه ….والدولار بي كم ….!؟
دي ونسة ساكت …!! ما بتقوم دولة ….!!
وهناك من لايريد قيام دولة مكتملة الأركان في السودان …!!
وكل ذلك لا يتأتى الا إذا كنا نحن كشعب أيضا شركاء أصيلين في عملية البناء والتعمير …ومتعاونين في إنفاذها ومؤمنين بها .. ونتحمل مسؤوليتنا التاريخية في ذلك …!!
.ولكني أهمس في أذن من يقودون هذه المرحلة أن الشعوب لاتكون كذلك الا إذا وجدت القيادة المقنعة و المؤثرة والفاعلة والملهمة …!! فكونو لها
هذه هي أطراف المعادلة بوضوح كي يحدث الإحتراق وتتولد الطاقة …!! ونمشي لي قدام …..!!
إذا مافي انتاج حقيقي وصادر ودولار ( حي ) يأتي نتيجة لذلك …!! ما حنتقدم …!! ولا شبر ….!!
إذا واصلنا في تصدير الصمغ ( كعكول ) …!! والقطن ( قطن) …! واللحوم بي ( جلدا وصوفا ) …دون أي قيمة مضافة …نكون قد رضينا بالفتات …!!
أفريقيا تصدر أكثر من ثلثي ( الكاكاو ) في العالم ويعمل أطفالها الصغار في مزارع إنتاجه تحت ظروف بالغة السوء ….ولا يتذوقوا الشوكولاتة السويسرية ولا يشاهدوها إلا في إعلانات التلفزيون …!!
الأوطان لا تبنيها المنح والقروض والهبات ..
الأوطان يبنيها العمل الدؤوب والتخطيط السليم والإرادة الحقيقية …!! والوطنية الحقة …!! والتجرد من الأنا والأهواء الشخصية …!!
عايزين نمشي قدام ياخ ….!! تعبنا من مرافئ الانتظار والإحباط ….!!
شعب جميل زي دا ….حرام يتجهجه ….!!!
ولسا قدامنا الصباح …!!!
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …