بعض من هواء ساخن
الأستاذ عمر عثمان :
والديمقراطية الثالثة تترنح كجواد أصيل يلفظ أنفاسه الأخيرة رغم الرهان الذي كان عليه إلا أن ساستها لم يعلفوه جيدا ولم يحصنوه بحيث يقوي على الصمود أمام آلة العسكر الكيزانية التي كانت تتربص به وتهم بالانقضاض في أي لحظة ولكن سبقهم الشريف زين العابدين الهندي بإطلاق رصاصة الرحمة من داخل قبة البرلمان حين قال عبارته المشهورة (لو شالها كلب ما بقول جررر).
وسار على نفس النهج القيادي الإسلامي يس عمر الإمام، الرجل الثاني في التنظيم أن لم يكن الأول وهو ينعى حكومته الإسلامية مبكرا وينفض غزله الذي صنعه بيديه قبل أن ينفضها تماما ويلزم بيته إلي أن وافته المنية، والحديث هنا للشيخ يس (أصبحنا نخجل أن نحدث الناس عن الإسلام في المساجد، وأضاف أنه اصبح يخجل في أن يحض احفاده على الانضمام للحركة الإسلامية جراء فساد إخوانه في التنظيم).
فالقاسم المشترك في التجربتين رغم اختلافهما هو ضعف الزملاء والرفاق والاشقاء والاحباب في الأولى وضعف الإخوان وفسادهم في الثانية، فالساسة يصبحون ضعفاء أمام المناصب أقوياء أمام رفاقهم يفكرون في أنفسهم قبل أوطانهم عندما تؤول لهم السلطة والعكس صحيح حين يكونون خارجها.
لن نسير خلف الفقيدين وننعي حكومة الثورة التي صنعها الشباب ومهروها بدمائهم عكس تجربتي الشريف والشيخ يس، ومكونات قحت مازالت تخرج علينا صباح مساء بأنقسامات وانشقاقات وقروح أصابت جسد الثورة بالوهن والتشوهات ولكن نحن على يقين أنه مهما تكاثرت عليه الخطوب لن يسقط صريعا، (لن نخجل ونحن نجوب الأسواق والشارع يطاردنا بالتساؤلات الصريحة والواضحة.) بل سنرد بكل رحابة صدر وثقة انها لن تسقط وماضون في الإصلاح مهما كلف، لن ندفن رؤسنا في الرمال ونقول أن حكومة قحت بعافية، لأنها لم تكتمل بعد والذي يحدث الآن من توتر وأزمات، مقدور عليها طالما نعلم مصدرها وان كان من داخل حكومتنا (شريكا) أو يريد الاستئثار بالسلطة (وحيدا)، مقصيا الآخرين بخبث سياسي.
فالشارع هو الذي صنع الثورة ورسم معالمها وقدم من يمثله وبنفس الطريقة يستطيع أن يبدله متى ما رأى أنه لا يحقق طموحاته لأن مبادئ الثورة ومنفستوها لايقبل التعديل واستخدام ال (corrector) للشطب والحذف والإضافة.
فالشاهد في الأمر أن هناك عثرات كثيرة وكبيرة أمام الحكومة الانتقالية في المركز والولايات ولكن الخطر الأكبر والمسكوت عنه محاولات الإقصاء المتكررة لقوى الثورة الحية من أجل الانفراد بالسلطة وتقسيمها على (أقل عدد من الصحاب والشلة) من قبل بعض الافراد الذين تجمعهم الانتهازية ومشاركة اذيال النظام البائد (كيمانا من الفساد) الذي يتطلب الحماية لأن نار تفكيك التمكين لا تفرق بين كوز ومعارض أذا كان فاسدا.
فالحكومة الانتقالية الحالية، حكومة كل مكونات الثورة بمختلف اتجاهاتها ومدارسها الفكرية، واي محاولة للالتفاف عليها وتجييرها لمجموعة أو فئة أو حزب يعتبر انتحار سياسي لأن الشارع لن يقبل بذلك، بل سيناهض بأكثر من ذي طالما رأي أن ثورته التي صنعها تتسرب من بين يديه لصالح شلليات هنا وهناك ادمنت ممارسة الاستهبال السياسي والعيش على ( دة نحن بنمارس سياسة) في تنصل واضح عن مبادئ وقيم الثورة باعتبار (ممارسة السياسة.. عمل قذر مباح)، متناسين الطريق الممهور بدماء الشهداء وزمجرة الشارع التي أتى بهم ولهيبه المشتعل.
# لا حا نقولها (جررر) ولا (بنخجل من الخروج للأسواق ونقاش الناس)، ولا حا (نقول لاولادنا ماتطلوعوا مواكب)،، بل مدنيااااااو.
# بعض من هواء ساخن.. قد يتحول للهيب قريبا…
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …