‫الرئيسية‬ رأي تماضر الطريفي: مبروك عبرنا
رأي - سبتمبر 28, 2020

تماضر الطريفي: مبروك عبرنا

عبد الله على إبراهيم :

الكتابة في تعريفي شفاء. ووقعت على صفتها هـذه في عنوان علقت فيه على كتاب “مذبحة الضعين والرق في السودان” لعشاري وبلدو في ١٩٨٧. كانت مذبحة وقحة وما زلت حاملاً على الجمعية التأسيسية تصويتها البائس ضد فتح التحقيق فيها. ،مع ذلك رأيت أن كتاب عشاري وبلدو خرج من جنس التحقيق في المذبحة كما زعم إلى مرافعة اتهام ضد طرف الرزيقات رغم ما كان بوسعه القول بحقهم. وتأخر الكشف عن مصدر ذلك التحيز في كتاب ذاع ذكره ككتاب عن أكاديميين. فكتب عشاري، الذي لم يخف انتظامه في الحركة الشعبية حتي تركها، منذ سنتين أو نحوهما أنه حزم ربطة من خمسين نسخة من الكتاب لتبلغ العقيد قرنق في جولة أفريقية له شاهداً من أهلها أي الشماليين. وسميت نوع كتابة عشاري تشفياً لا شفاء في عنوان كلمتي التي عرضت فيها للكتاب ونشرتها في كتابي “الثقافة والديمقراطية في السودان”.

قرأت للدكتور البوني أمس كلمة شفاء أثني فيها علي وزارة التربية والتعليم لاحرازها هدفين ذهبيين هما صدور نتيجة مرحلة الأساس وفق أعراف المهنية والقسط التي هي الميسم، وعقد امتحان الشهادة الثانوية في ظروف مستحيلة. وما قرأت كلمته حتي قلت: هذا سيسعد تماضر. وتماضر هي وكيل وزارة التربية. وهي نسيبتي. وظللنا في الأسرة مشفقين عليها من خوض تجربة عقد الامتحانات طي جائحات ما أنزل الله بها من سلطان. كنا نعرف أنها كانت ضمن من أصر على عقد الامتحان ممهما كلف. وخشينا عليها من عوج قلّ أو جلّ يربك عملية غاية الحساسية والخطر مثل الجلوس لامتحانات على النطاق القومي. فلم تكن الطبيعة وحدها المتربصة بها بل “خشامة” في الثورة المضادة يريدون تسجيل نقطة أخرى علي الثورة.

كانت دعواتنا معها والاجتماعات في الوزارة تأخذها حتي بداية الليل. ومكالمات من بعد ذلك حتي أنصاصها مع الولاة ومسؤولي التعليم والقوي النظامية القامت بترحيل الامتحانات فوق صخب السيول وتأمينها. فصرت من شفقتي لا يصبح صباح لا أخشى شيئاً فيه مثل أن أسمع ما أربك الامتحانات وكسر خاطر تماضر. ومع ذلك كنت أعزي نفسي أنها حليف نجاح جابدها والدها الطريفي عوض الكريم الذي عرفت متانته في طلب الغرض العام وسداد تصويبه.

لا أعرف معركة أخيرة للثورة منذ موكب ٣٠ يونيو ٢٠١٩ أسفر النبل السوداني فيها مثل معركة قيام الامتحانات التي طال تأجيلها في وقتها الجديد المضروب. إنني لأحني هامتي للمواطنين الذين وضعوا سياراتهم رهن ترحيل الطلاب لمراكز الامتحانات، وللمعلمين عن بكرة آبيهم قباطنة السفينة، وللسلطات المحلية التي أوت الطلاب الذين تهدمت بيوتهم وأطعمتهم، وللسلطات المدنية والعسكرية التي لم تدخر وسعاً لتيسير ما تعسر لتنعقد الامتحانات في موعدها. نحج كل أحد.

كلمة البوني عن احراز وزارة التربية هدفاً ذهبياً شفاء. ولكن ما قض مضجعي كلمات من أعرف عن صدق ثوريتهم ما أتحرج معه وصف كلماتهم عن الامتحانات بالتشفي. فاستغربت لنبيل أديب يجرد سيفه الحقوقي عليها. فقد أخذ علي إدارتها قطع الإنترنت لأربع ساعات لضبط حالة غش عن طريق الإي فون. فاحتج قائلاً: “”قطع خدمة الإنترنت ينطوي على إنتهاك للوثيقة الدستورية، لأنه ينطوي على إنتهاك لحقوق الإنسان المضمنة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه السودان”. وهذا قول ثقيل لا أعرف أنه خطر لمن قطعوا الإنترنت يظنون أنهم يحسنون حماية ذلك الاستثمار الوطني المتحرج. ربما “غِبوا” عن خطة أفضل كما سنري ولكنهم لم يريدوا هدم الوثيقة الدستورية في هذه الحالة على وجه الخصوص.

كان بوسع إدارة الامتحانات حيل أخري لتحقيق غرضها من قطع الإنترنت. فجاء عند عمر عبد الخالق عثمان أنه كان بإمكانها قصر قطع الإنترنت على مراكز الامتحانات دون باقي القطر. وهذا دليل نقص في الخبرة التقنية لا يرقى مرقي تبييت النية على خرق حقوق الإنسان كما قال نبيل وعمر نفسه. فبدا لي في كلمة عمر أنه كان بصدد جرد حساب قديم مع جهاز تنظيم الاتصالات والبريد الـذي يسيطر عليه، في قوله، فلول النظام القديم والعقلية الأمنية. فلم يقبل منهم قطع الانترنت بتوجيه من جهات الاختصاص كما زعم ليتساءل عمن هذه الجهات. وأخذ على الجهاز بؤس مهنيته لأنه كان بوسعه قطع الخدمة من مراكز الامتحانات بدلاً من “حرمان جموع الشعب السوداني من حقهم في التواصل” وهو حق انتزعوه بفضل الثورة. وقال إن قطع الانترنت أضر بسمعة الشهادة لشبهة الغش المذاعة خلاف ما ما يتعلل به جهاز تنظم الاتصالات من حفاظ على سمعة الشهادة السودانية.

استثقلت كلمتي نبيل وعمر لما شابهما من عقلية التآمر. وحامت هذه العقلية حول شغل للوطن في تعبئة الموارد المادية والبشرية والروحية لا أعرف من صدّق حصوله في وقت تُنتقص إرادتنا الوطنية من مركزها. ولا أعرف كيف عابا على هـذه الملحمة ما لم يطرأ على بال بشر ممن ظنوا الإحسان وأخطأوه خطأ مغتفراً من نوع العترة بتصلح المشي.

مبروك تماضر وأسرة وزارة التربية والتعليم. عبرنا.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …