‫الرئيسية‬ رأي أي ضَّغينةُ يحملها الرجل؟!
رأي - أكتوبر 5, 2020

أي ضَّغينةُ يحملها الرجل؟!

تيسير حسن إدريس

المبتدأ:-
(كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً،،
يؤذى برجم فيعطي خير أثمار
واصبر إذا ضقت ذرعاً والزمان سطا،،
لا يحصل اليسر إلا بعد إعسار)

والخبر:-
(1)
لا شك عندي أن الأستاذ النور حمد رجل صاحب اجتهادات فكروية بغض النظر عن تقييمنا لها ولكن ما يدهشني حقاً كيف ينكفئ فجأة من يكابد في حقل الفكر ويتحول لظاهرة (حسين خوجلية) يهمز ويلمز عوضاً عن أن يحلل ويشرح مواقف الحزب الشيوعي أو غيره من المكونات السياسية.
(2)
وإن كان المرء يجد العذر لحسين خوجلي؛ بحكم توجهاته الفكرية؛ ومصالحه الدنيوية؛ التي يظن أن توجهات ومواقف الحزب الشيوعي تضر بها؛ إلا أنه يصعب ادراك كنه الغائلة؛ التي يحملها صاحب الفكر الجمهوروي؛ على الحزب الشيوعي الذي ناصر جماعته في أحلك المواقف؛ وفتح لها مركزه العام؛ لتقيم فعالياتها وتسمع صوتها؛ وذلك حين أوصد النظام الباغي في وجهها الأبواب.
(3)
ولكن فيما يبدو؛ من كثافة وتواتر مقالات السيد النور الهجائية؛ في حق الشيوعي أن هناك شيئاً غير النقد البناء المقبول والمرحب به؛ لا نعرفه؛ يحرك في صدره ثقل هذه الغائلة؛ ويدفعه دفعاً غير حكيم ليقف مواقف غير رشيدة؛ جوهرها العداء لمكون سياسي سوداني اصيل؛ ظل يناضل ويكافح؛ وفق أفكاره وقناعاته لأكثر من سبعين عام؛ من أجل رفعة وتقدم هذا الوطن.
(4)
قد يكون لتلاقي شخصيتي (الحسين) و(النور)؛ في صفتي النرجسية والغرور؛ دور في اتفاقهما على حمل ثقل هذه الموجدة تجاه الحزب الشيوعي السوداني، وفي هذا يكاد الثاني يَبُذّ الأول تَنَطَّعَا. عموماً المتابع لكتابات الأستاذ النور حمد يشعر بالحيرة من كثافة الهجوم غير المبرر على الحزب الشيوعي؛ ومن عنف لغته الهجائية الفجة؛ التي تخرجه من دائرة المحلل الناقد؛ وتضعه مباشرة؛ في مربع الترصد الغرضي.
(5)
صحيح أن للسيد النور حمد؛ شطحات تحليلية شاذة؛ وفريدة من نوعها؛ يعرفها كل من يتابع كتاباته المبذولة؛ كتقييمه العجيب، مثلاً؛ لثورة أكتوبر الشعبية المجيدة في 1964م؛ والتي يرى الرجل أنها لم تكن ضرورية؛ ولم تنجز أي تغيير يذكر؛ بسبب أن اليسار السوداني كان رأس رمحها؛!! وأيضا مثل حكمه غير الحصيف على العقل الجمعي السوداني بالرعوية المطلقة!!.
(6)
بيد أني أرى سبب أخر قد يكون لعب دور؛ في تكاثف شدة عداء الرجل للحزب الشيوعي؛ يتمثل في الصدمة النفسية؛ والهزيمة الفكرية؛ التي مُنِيَ بها؛ عقب انتصار ثورة 19 ديسمبر؛ التي اسقطت كافة مخططات مساومة النظام البائد؛ وعطلت تنفيذ مشروع الهبوط الناعم؛ الذي كان النور حمد من مسوقيه؛ وداعميه؛ إلى قبيل اندلاع الثورة بأيام؛ بل حاز على سبق؛ الدعوة والتنظير؛ لتلك المخططات اللعينة مؤكداً وجازماً باستحالة؛ اندلاع ثورة شعبية أخرى في السودان.
(7)
ظل الاستاذ النور حمد ضمن آخرين؛ من الزاهدين في الثورة؛ والمبخسين لأي جهد يصب في معينها؛ وأظن أن تقييمه؛ لموكب الحزب الشيوعي؛ في 16 يناير 2018م والذي يعتبره؛ كثير من المحللين المحايدين؛ الشرارة التي أشعلت ثورة 19 ديسمبر؛ ما زال حاضراً في الأذهان؛ حيث وصف الحزب الشيوعي؛ بأنه (لا زال يعيش في أوهام الماضي ويحلم بإمكانية قيام ثورات شعبية)!!؛ ومضى يسخر ويبخس؛ أثر الموكب؛ قائلاً: (أنه مجرد محاولة يائسة لإحياء أحلام الثورة الشعبية والتي غدت من أحاجي التاريخ الذي مات وقبر)!!.
(8)
وليته لزم الصمت واتعظ؛ بعد اندلاع الثورة؛ التي اطاحت بالنظام الفاسد؛ وكالت الثرى؛ على جميع تحليلاته؛ السياسية الفطيرة؛ لكنا على الأقل؛ قد اعتبرنا جملة ما طرح من أطروحات؛ مثبطة للهمم؛ من باب الخطأ؛ في التقديرات؛ وضعف بصيرة؛ منهج التحليل المستخدم؛ وهشاشة الفكر الرغائبي؛ الذي يستند عليه؛ بيد أن السيد النور حمد على العكس؛ زاد سدوراً في الغَيِّ؛ بعد انتصار الثورة؛ وأشتد حنقه على القوى الثورية؛ وناصبها العداء السافر؛ متخصصاً في الحزب الشيوعي!!.
(9)
وهو لا يخفي مقته العظيم لليسار؛ فقد صرح بعظمة لسانه أنه؛ (لا يخفي اعتقاده في أن ما يسمى “اليسار السوداني” كيانٌ معتلٌّ بنيويًا) و(يتركز ذلك الاعتلال حصرا في الأحزاب اليساروية الأيديولوجية التي لم تدرك، حتى الآن، أن مفهوم اليسار قد تغيَّر بصورة جذرية عقب نهاية الحرب الباردة)!!. إن مثل هذا الطرح الختل؛ المعتل؛ ليس جديد؛ وسبق الرجل إليه الكثير من منظري اليمين؛ والعديد من مفارقي الأحزاب الشيوعية من ذوي النفس القصير.
(10)
نلحظ صيغة الاستخفاف؛ والتعالي الأخرق؛ في لفظ (ما يسمى “اليسار السوداني”) لنعلم أن صاحبنا حاتل؛ في النرجسية والغرور؛ حتى أذنيه؛ وليته بعد كل هذه الفذلكة اللغوية؛ قد كلف نفسه؛ مشقة التحليل والشرح فلسفياً؛ لكيفية؛ تغيَّر مفهوم اليسار جذرياً؛ عقب نهاية الحرب الباردة؛ عوضاً عن تلك الإشارات المخاتلة المكرورة البائسة؛ عن الصين وروسيا؛ التي فارقت الاشتراكية وفكرها؛ منذ أكثر من ثلاثين عاما مضت.
(11)
الكشوف التقريرية النوروية؛ التي كثيراً ما يتحفنا بها الرجل؛ لا تنتهي؛ لنتأمل مثلا؛ سؤاله الكوميدي؛ عن (الفرق بين رؤية الدكتور الراحل، حسن الترابي التي أرادت أن تجعل من السودان مركزًا لنضالٍ كوكبي ضد الحضارة الغربية والخطاب الذي تضمنه بيان الحزب الشيوعي المنتقد لممارسات الصهيونية والامبريالية العالمية؟) لنرى بوضوح كيف؛ يمارس المحلل الفطحل؛ لعبة خلط الأوراق؛ ويمتهن الفهلوية؛ عوضاً عن المنطق النقدي السوي، فبالله عليك؛ أين ومتى دعا؛ الحزب الشيوعي السوداني؛ لتأسيس مركزاً للنضال الأممي؛ ضد الصهيونية والإمبريالية؟!! هذا ليس فقط؛ اطلاق القول؛ على عواهنه؛ بل هو أَشْنَعُ؛ لما فيه من تحريف للكلم؛ عن مواضعه؛ بتأويل باطل.
(12)
لقد اصبح الأستاذ النور حمد فجأة عاشق؛ محب؛ للثورة؛ ومتيم هائم بها؛ بأكثر من هيام المناضل الأممي؛ (تشي جيفارا)؛ للحد الذي بات فيه؛ يخشى عليها؛ من (المكون اليساروي السوداني المتكلِّس العاجز عن التفكير النقدي وعن اقتلاع قدميه من وحل الأيديولوجيا، ذلك الذي لا يزال يفضل العيش في غيابة التاريخ السابق لكامب ديفيد ولأوسلو. يحاول جر “ثورتنا” لخدمة شعاراته البالية وتوجهاته الصدامية العابرة للأقطار، بعيدًا عن خدمة البلد وقضاياها الآنية الملحة) هذا ما جاء على لسان النور حمد بالحرف في إحدى تجلياته!!!!!.
(13)
نلحظ يا هداك الله؛ أول ما نلحظ كلمة “ثورتنا”؛ الواردة في مقال الرجل؛ ونتبسم؛ ومن ثم نذكر؛ بمواقفه المثبطة للهمم؛ إلى قبيل اندلاع الثورة بأيام؛ وبمقولته الشهيرة (قد انتهى عهد الثورات في العالم)؛ ثم نمضي في كلمتين؛ لتفنيد تهمتي؛ “التكلس والعجز عن التفكير النقدي”؛ الذي رمى بدائهما الحزب الشيوعي وانسل؛ ونحيله دون كثير لغط فارغ؛ لشعار ثورة 19 ديسمبر المجيدة؛ (حرية – سلام – وعدالة)؛ وندعوه ؛ ليدلف الى مكتبة الحزب الشيوعي الإلكترونية؛ أو للبحث؛ في أي محرك للبحث؛ عن شعار المؤتمر السادس؛ الذي انعقد؛ أواخر شهر يوليو 2016م؛ ففي صياغة ذاك الشعار؛ الذي تبنته الجماهير وسارت به مواكب نصرها؛ رد كافي على ما اطلق من تهم باطلة.
(14)
لم يجد النور حمد وثلة الهبوط الناعم؛ بعد اندلاع الثورة؛ ما يغطوا به؛ عورة الفكر المرتكس؛ ومناهج التحليل المعلولة؛ التي أذرت بأوهامها؛ رياح التغيير؛ سوي شغل الشارع؛ وصرف انتباهه؛ عن ضحالة ما تبنوا؛ بافتعال معارك دنكوشوتية؛ وتوجيه سهام الذم؛ وصب جام الغضب؛ على الجهة؛ التي اسهمت نظرياً وعمليا؛ في هدم عرى مشاريعهم؛ وفضح شرور توجهاتهم؛ وتعرية ارتباط البعض منهم؛ بمحاور إقليمية ودولية؛ وبأجندة مريبة؛ ليست في مصلحة الوطن.
(15)
بانتصار ثورة 19ديسمبر 2018م؛ التي شارك فيها؛ اليسار السوداني بنشاط ؛ فقد الرجل النرجسي؛ كامل اتزانه؛ فأطلق العقال ليراعه؛ لينضح بما فيه؛ من غل تجاه القوى الثورية؛ وبفقده الاتزان والمنطق؛ الوقوف المخزي؛ ضد إرادة التغيير كشف السيد النور حمد؛ أيضا أنه كان؛ طوال الوقت ينشر الوعي الزائف؛ ويتدثر بفكر أوهن من خيط العنكبوت وأشف وافضح من ثوب فرعون.
(16)
أن يختار المرء (طوعا أو كرها)؛ الدفاع عن؛ خبث وخبائث؛ مشاريع الإمبريالية المتوحشة؛ فهذا شأن يخصه؛ لا نحترمه؛ نعم ؛ ولكن لا نتدخل فيه؛ عملا بمبدأ (الحرية لنا ولسونا)؛ ولكن أن يحاول؛ تغبيش الوعي وتزييف الحقائق؛ بدعاوي أنه (أم العرافة)؛ ويجر الوطن والشعب؛ وثورة 19 ديسمبر المجيدة؛ – التي دفع شبابنا مهرها دم ومهج -؛ لمسار معتم ؛ ما سار عليه شعب؛ من شعوب العالم؛ إلا ورجع بخفي حنين؛ وهو يعض بنان الندم؛ فذاك دونه خرط القتاد.
(17)
افتعال معارك طواحين الهواء؛ مع كيان ثوري؛ واضح الفكر وثاقب؛ الرؤية وراسخ القدم؛ في تراب الوطن؛ كالحزب الشيوعي السوداني؛ قد تمنحك نجومية باهتة ومؤقته؛ وسط الدهماء؛ وانصاف المتعلمين؛ ولكن بلا شك؛ لن تجعل منك محلل رقم يعتد به؛ كمان أنها لن تمحو خطيئة؛ اطالة عمر النظام البائد؛ بنشر مقالات؛ أطروحات؛ أسهمت؛ في تغبيش الوعي؛ وتكسير مجاديف القوى الثورية؛ وهي مقالات لسوء حظ السيد النور حمد؛ حاضرة في ذاكرة الشعب؛ ومحفوظة في اقراص الأجهزة الذكية؛ يمكن استدعائها بضغطة زر؛ مما يصعب أمر نكران ما حملت من (زبد)؛ في عصر الثورة الرقمية؛ التي أزالت البلم؛ وفضحت القلم.
ولنا مع الجدب العقيم … محاولات واختبار … وغدا يكون الانتصار..

الميدان

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …