هواء طلق … عبدة الخنجر الجنجويدي
فتحي البحيري :
مع معانقة سطور هذا المقال لعيون قرائه الاماجد تكون التفاهة والسطحية والتهافت قد غادرت رسميا موقع الرئاسة الأمريكية ويكون “شبح” الكائن المسمى دونالد ترامب قد توارى عن أنظار مستقبل أطفالنا وأطفال الكوكب بقرار من الشعب الأمريكي الذي لا زال متأرجحا فيما يبدوبين اختيار “التفاهة” و”احتقار روح الديمقراطية” اللتان مثلهما ترامب في سنوات حكمه المنصرمة وبين رفضهما لحسابات تخصه ونحترمها لأجل أننا لا مناص لنا في نهاية المطاف من احترام اختيارات الشعوب ونتائج الديمقراطية شكلا وروحا .. والشاهد في هذه التقدمة غير الضرورية أن التشبث الذي يدعو للاستغراب بالسلطة والذي هو سمة في ديكتاتوريات العالم الثالث يمكن أن يصيب الديمقراطيات العتيقة أيضا ويمكن أن يتسلل “مرشح” لا يؤمن في قرارة نفسه بالتداول السلمي للسلطة وبحق الجماهير في اختيار من يحكمها وبالتالي لا ينطلق في أدائه العام من أن الموقع أو المنصب هو وسيلة لخدمة الناس وليس مغنما أو مكسبا بحال من الأحوال … وعندنا في سوداننا المنكوب الآن مجموعة هي خليط من مدنيين وعسكريين وجنجويد وشظايا حركات مسلحة تسلمت السلطة بعد ثورة جماهيرية سلمية مجيدة ومذهلة .. كان يفترض أن تعي هذه المجموعة الخليط منذ البداية أن تفويضها محدود جدا وأنها يجب أن تتلقى توجيهاتها من “الأحياء” في المدن “والقرى” في أرياف الأقاليم المختلفة ومن معسكرات النازحين واللاجئين ومن الشوارع التي أنتجت بالدم والعرق هذا التغيير المدهش العزيز وليس بحال من الأحوال من وحلان أو دحلان أو سحلان … وإن أي جهة تمنحها توجيهات سوى هذا الشعب إنما تحكم عليها بالإعدام الوجودي والرمزي على حد سواء .. وأن بقاءها في هذه المقاعد محدود بمدى زمني وبانجاز مهام انتقالية محددة وبرضا هذا الشعب الذي لم يعد قابلا للخداع والمداجاة بأي حال من الأحوال … فإذا بالمفاجآت المضحكة المبكية من مجمل سلوك هذه المجموعة الخليط … تتوالى عاصفة … وكان آخرها جرأة أحدهم أن يتبجح متجشئا أن عناصر لجان المقاومة لا تصلح لأن تكون ضمن عضوية المجلس التشريعي وجرأة آخر أن يتغزل في رمز من رموز القتل والقهر والإبادة والاغتصاب وسرقة الموارد وهدرها دون مراعاة لمشاعر الملايين من ذوي ضحايا هذا “الشخص” في دارفور وفي القيادة العامة ومن عامة جماهير الشعب السوداني الحر الأبي المحترم
والذين شعروا بالخزي أو الصدمة من “قبح” كلمات ذلك المتغزل المنزوع الحياء “الجميلة” بحق أمير حرب الإبادة السودانية في دارفور والخرطوم وغيرها هم أولئك لم يحسنوا استثمار الخزي والصدمة التي شعروا بها من قبح كلماته الجميلة بحق على عثمان قبل ذلك بحوالي 15 سنة حسوما مرت على الرجل دون أن تمر على وجهه نسمة مروءة أو حياء.
والخلاصة ما بين الصدمتين هي مأساة المواطنين المحترمين الذين يعلقون أحلامهم في تحويل السودان إلى دولة مواطنة حديثة على بعض المواطنين “غيرالمحترمين” بالمعنى الحرفي لهذا النفي المزعج القاسي.
واحدة من أهم إيجابيات الأحزاب العقائدية في السودان، ولا سيما الحزب الشيوعي السوداني، أنها شكلت مراكز عزيزة للتدريب ولصناعة “النجوم”. لكن واحدة من أهم سلبياتها أنها خلقت بهذا التدريب وهذه الصناعة “أعداء” و”مدمرين” فاعلين جدا ً للوطن ولفرصه المتاحة في أن يتحول إلى دولة مواطنة حديثة. ولهذه الأحزاب أيضا بعدما يتركونها لسبب أو لآخر. لا سيما عندما تخلق داخلهم هذه النجومية المصنوعة نرجسية طبعانية تجعلهم مؤهلين لامتصاص كل سلبيات تلك الأحزاب الأخرى وتوظيفها لخدمة أجندة الذات النتنة وحدها. ولطرد الإيجابيات الأخرى لتلك الأحزاب من سلوكهم وتفكيرهم كما يطرد الجسم الحي السموم، لا سيما تلك الايجابيات التي تعوق خدمة الذات ومطامعها
الضيقة الخسيسة.
كان العامان 2010 و 2011 هما قمة هرم نجومية الرجل الذي يعرفه البعض بأنه محترم ويعرفه البعض الآخر بأنه غير ذلك، ومها تواجد ذلك “النجم” بعد هذين العامين في سماء الأحداث إلى يوم القيامة فإنه لن يبلغ عشر ما وصل إليه فيهما من اجماع ورمزية واحترام .. فلماذا أصر على هذا التواجد الضار بصورته وسيرته وبالوطن على حد سواء .. ولا يعتقد كائن في الكرة الأرضية أن لدى البعض الذي يظنه محترما … بما في ذلك صديقه الذي كتب مقالا لم يجد له عنوانا في بحر اللغة العربية الواسع جدا سوى العنوان المثير للضحك والبكاء معا ” القائد الحق لا يكون ديوثا ” والذي جاء مليئا بالمغالطات والأكاذيب المكشوفة للجميع وتلك التي تكشف بعد ذلك فزادت المقال “قيمة” و”أهمية” وإثارة للضحك وللبكاء ولكل الانفعالات المتناقضة.
“القائد الحق” غير “الديوث” الآن محض طبال لرجل لم يصنعه سوى أنه يتم استئجاره لقتل الناس فتأمل! و”القائد الحق” غير “الديوث” يقول للناس أن الشخص المطلوب للعدالة الانسانية والربانية والأخلاقية والقانونية والتاريخية هو الضامن “لاتفاق سلام”، و”القائد الحق” غير “الديوث” يشارك في تسويق شخص بالمواصفات السابقة ليكون هو الحاكم المستقبلي لسودان ما
بعد ثورة جماهيرية ظافرة ومجيدة اجبرت حتى الرئيس الفرنسي على التنويه بها. فلا تتأمل عزيزي القارئ ولا تتحسر ولا “أي شيء” .
وبقى ان نقول انه لو كان الركون لحميدتي وبرهان وكباشي امرا حكيما وحصيفا لما كان البشير في السجن الان
ولو كان اخلاقيا وصحيحا لما كان هناك داع لاسقاط البشير أصلا
ولنا عودة
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …