ثقرة أمنية يجب الإنتباه لها
سالم الامين :
تقسيم الحركات المسلحة التي قام بها جهاز الأمن أيام الإنقاذ ، بترغيب بعض الأفراد لتوقيع اتفاقيات سلام صورية ، رغم معرفتهم بضعف الجهات التي توقع معهم إلا أنهم يخلقون لها بروباغندا إعلامية تلفت أنظار الناس إليه ، و الهدف الأساسي هو حرق قيادات هذه الأجسام التي توقع الاتفاقيات مع الحكومة إعلاميا و سياسيا .
جهاز الأمن وقتها يعرف سلفا مدى ضعف و هوان من يبيعون زملائهم و يوقعون الاتفاق معهم ، لكن أهميتهم تأتي في المعلومات العسكرية التي يقدمونها عن رفاقهم ..
فتكون المناصب و الامتيازات المادية و المعنوية التي ينالونها بمقدار أهمية المعلومات ، و التي تكون عن المواقع و القوة و العتاد و اللوجستيات ، حتى عن المعاونين داخل البلاد .
و فعلا قد ساهمت بعض المعلومات في تكبيد الحركات خسائر فادحة ، و كانت مخاطرها عالية على القادة في الميدان . تسببت في اغتيال الكثيرين منهم . وليس ببعيد اغتيال رئيس حركة العدل و المساواة خليل إبراهيم . كما تسببت مثل هذه المعلومات في الخسائر الفادحة لحركة العدل و المساواة في معركة خور دونقو الشهيرة ، فكانت قاصمة الظهر …
هذا الأمر ولد احتقان و غبائن تجاه هذه الأجسام التي يوصمونها ب (المعرصين) . الغبائن و الكراهية تجاهها يفوق كراهيتها للطرف الآخر في الصراع سواء كان قوات مسلحة أو دعم سريع ، ولا يمكن أن تزول رغبة الانتقام منها بسهولة …
نتائج هذا الاحتقان ظهر بجلاء ايام البشير ، في فندق الروتانا سلام بين حركتي أبو قردة و التجاني السيسي في إحدى اللقاءات ، حيث كان الاشتباك بالأيدي و الكراسي، و كان يمكن أن يحدث ما لا يحمد عقباه لولا سرعة التدخل من الأجهزة الأمنية و النظامية وقتها ..
بالأمس تطور الاشتباك إلى الأسلحة البيضاء السكاكين و السواطير، و كذلك بالأسلحة النارية . و قد خلف عشرات الجرحى ، وذلك في منطقة الحاج يوسف في ندوة لحركة تحرير السودان بقيادة الهادي إدريس تهجم عليها مجموعة من أتباع عبدالواحد نور ، حسب ما جاء في الصحف …
ستتطور طرق الهجوم من الأيدي إلى الكراسي ثم السكاكين و السواطير إلى الأسلحة الخفيفة ، ثم الأسلحة الثقيلة . و للأسف كل هذه الخلافات و تصفية الحسابات سيتم هذه المرة في المدن وسط المدنيين و ليس في المعسكرات أو المناطق المحررة .
ستكون هناك كوارث تهدد الفترة الانتقالية ، و فترة الانتخابات ، إن لم يتم الانتباه لهذه الخلافات في متون الاتفاقيات التي تم توقيعها في جوبا أو التي تتم لاحقا …
الخلافات بين الحركات المسلحة ليست سياسية يتم علاجها ببنود في الورق أو في المكاتب المكيفة ، إنما غبائن يحس بها المغدور بهم تجاه من يسمونهم بالخونة ، الذين تسببوا في خساراتهم، و مقتل قياداتهم ، و ضعضعة حركاتهم …
إن لم ننتبه لهذه الانقسامات فإنها ستكون مهدد حقيقي للفترة الانتقالية ، بل للعملية السياسية بأكملها ، و سنعيش أمد الدهر تحت رحمة أمراء الحروب ، و من يملك قوة أكبر يحكمنا فترة أطول . وقتها ، الرحمة و المغفرة للسودان …
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …