صورة معيبة عن الحكم المدني
د. محمد صديق العربي :
بدايات الفترة الانتقالية راهن أحد الأصدقاء على ان شخصية حمدوك المعروفة لديهم لن يعبر بالفترة الانتقالية اطلاقا ونقلا عن أحدى زميلات حمدوك بالدراسة في بريطانيا قالت ( اختيار غير موفق في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان فالرجل شخصية تحاول إرضاء الجميع في نفس الوقت وهذه الفترة نحتاج إلى الحزم والانضباط العالي والكاريزما الحاسمة التى تعالج القضايا في مهدها وشخصية مقدامة اما حمدوك فهو رجل عمل طوال سنيه بالمنظمات الدولية وترقى فيها لانه Yes Man ويطيع الأوامر ويطبقها بحذافيرها ولا يناقش فيها فهي سياسات مرسومة وموضوعة للتنفيذ)؛ ولكن من كان يجرؤ في حينها النطق ببنت شفة على الشخصية التوافقية و التى اجمع عليها كافة شعب بني السودان.
في هذه الأيام والمشهد يبدو أكثر قتامة والأزمات تعصف بنا من كل جانب وميلاد كل فجر جديد نشهد فشل في إدارة الدولة من تعليم وصحة واقتصاد وندرة في كل شي حتى أصبح الواحد منا ياخذ جوال من العملة الورقية المهترئة حتى وصل لدرجة ان بعض التجار لا يقبلون فئات الخمس والعشر جنيهات من أجل الحصول على كيس صغير من الضروريات التى قد يتبدل سعرها بعد محاسبتك في اقل من ربع ساعة وفي هذا البؤس تذكرت نكتة سودانية قديمة تحكي ان رجلا من اهل البادية يضع سكين الضراع على يده اليسرى متوشحا بها ولا تكتمل زينته إلا بعد لبسها وفي يوم هجم عليه قاطع طريق واخذ ماله وحماره وحتى نعاله وضربه وشج أنفه، وهو على هذا الحال مر به رجل آخر بعد أن رحل عنه قاطع الطريق وسأله مابك يا رجل فقال له لص أخذ مالي وضربني ورحل؛ فقال له الرجل وما امر هذه السكين التى على ضراعك فقال له البسها ليوم اسود وقال له يوم أسود أكثر من يومك هذا لن ياتى!. فعليه سيادة رئيس الوزراء ضاق حالنا وسرق اللصوص أموالنا فمن منا يسير في الطرقات مشهرا هاتفه النقال حتى أصبحت وصايا الأسر لبناتهم اللواتي يقدن سيارات لا تتركي أبوابها بدون تامين وخاصة عند الإشارات المرورية نهارا جهارا وفي أماكن مكتظة بالمارة وتردى عام في كل نواحي الحياة وكثير من الظواهر السالبة التى لا يسع المجال لذكرها الآن.
مع مرور الايام تنجلى الرؤية رويدا رويدا بأن اختيار حمدوك لقيادة هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا كان فيه قصور وأداء الرجل المتواضع في حسم القضايا التى تمس حياة المواطن بصورة مباشرة وكلما سلك طريق ظننا فيه النجاة وقعنا في رمال متحركة رفع الدعم وتحرير سعر المحروقات وذيادة سعر الخبز وانعدام الدواء وندرة السلع وغلاءها الفاحش ان وجدت ولا حسيب ولا رقيب إلا ضمير الفرد منا وترك وزارات بدون وزراء لفترة ليست بالقصيرة وكل مسعاه في الترضيات التى ذكرتها زميلة الدراسة بأن الرجل ما وجد قبول إلا لانه يرضى كل من عرفوه وتعاملوا معه بصورة مباشرة هكذا واقع حال السودان يبني التصنيفات على الأهواء الشخصية والانطباعات لدى العامة التى بالتأكيد لا توضح امكانياته الحقيقية وبواطن الامور.
حينما قال الرئيس المعزول بأن النظام لن يغيره فيس بوك أو واتس اب كان الرجل مخطئ فالجيل الذي صنع التغير موجود على هذه المواقع ويبنى قراراته منها فالشارع السوداني لا تحركه أحزاب سياسية بالية همها ان تتنسم الكراسي باتفاقاتهم مع العسكر بصنع دولة مسخ تزاوج غير متوافق جينيا أنجب لنا نظام حكم غير مكتشف نوعه حتى هذه اللحظة ولكن ما يبدو واضحا ضعف جينات المدنيين المختارة في هذا المسخ؛ وإنما هم هذا الجيل الحياة الكريمة وحلم بمستقبل افضل وقد نلاحظ كمية الردود الساخرة والساخطة في صفحة رئيس الوزراء على منصات التواصل الاجتماعي فهذه قراءة عن تبدل الفكرة العامة حول الرجل وهم من صنعوا تغيير حقيقي وان جرها كلب فلن يقولوا له جر بعد الصورة المعيوبة التى تركها الرجل في ذهنية عامة الشعب عن ماهية حقبة الحكم المدني؟! وان حدث ما حدث بعدها فالرجل هو المسؤل الأول بإضاعة فرصة نكون او لا نكون.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …