نسبة العطالة بين الخريجين والشباب … كيف (وهل) ستخفضها الفترة الانتقالية؟؟
دكتور أسامة محمد ادريس : لابد من مشروعات قومية تستوعب أعداد كبيرة من العمالة!
قاسم نصر الدين : لابد من إنشاء جهاز خاص يجمع بيانات العاطلين عن العمل !!
تحقيق : فتحي البحيري
1
اختصاصي الحاسوب قاسم نصرالدين يقول لصحيفة الجريدة أنه بالنظر الى الواقع الذي نعيشه نجد أن البطالة قد تحكمت فيها ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية، وبالنظر الى الاحصائيات التي تطالعنا بها الصحف والمجلات و البحوث العلمية فلا مجال للشك في ان البطالة قد تجاوزت الخطوط الحمراء وبهذا الحد تصبح مشكلة لها خطورتها على المجتمع، لذا لابد من وضع خطة لمعالجة هذه الظاهرة و الاسراع الى تدارك المشكلة واحتوائها عن طريق ايجاد علاج مناسب لها للنهوض بالمجتمع ومؤسساته المختلفة، حتى لايصبح العاطل عاله على نفسه و على المجتمع، و نرجع للمثل السوداني القائل (من شب على شي شاب عليه).
وما لاحظناه طيلة الثلاثين عاماً الماضية – والحديث لا زال لقاسم – نجد بان سياسة التوظيف لم تستخدم فيها الشهادة العلمية مما أدى إلى إستخدام أساليب غير موضوعية في التوظيف وهي سياسة التمكين الحزبي ، و ايضاً دور وزارة الرعاية الاجتماعية ضعيف جداً تجاه هذه الظاهرة ، اذاً لابد لمجلس الوزراء إنشاء جهاز ( اتحادي ) يعني بالمتعطلين ، يقوم بجمع البيانات والمعلومات عنهم لترشيدهم إلى فرص العمل التي تتوفر ، ويمد المحتاجين منهم الراغبين في العمل بدورات تدريبية في المجالات التي يحتاجها سوق العمل ، ويجب أن توفر الدولة لهذا الجهاز الموارد والميزانية الكافية من الجهات المختلفةسمير عثمان شاب في الثامنة والعشرين من عمره، حاصل على بكالوريوس بتقدير جيد جدا من كلية علمية في احدى الجامعات المرموقة ويعمل سائق ركشة لأنه لم يجد وظيفة تناسب مؤهله الأكاديمي، اشتكى لصحيفة الجريدة أنه لم يعمل خلال الاسبوعين المنصرمين لأنه اختلف مع صاحب الركشة التي كان يعمل عليها نظير مبلغ معلوم يدفعه له كل يوم، لأن صاحب الركشة طالبه بمضاعفة هذا المبلغ بحجة أن سعر “كل شيء زاد” ولكن سمير “يحلف” للجريدة أن إيراده اليومي أصبح أقل مما كان عليه رغم أنه صار يطلب “أكثر” في كل مشوار يحمله.
وقال سمير أنه حاول أن يعمل كمساريا في حافلة ركاب يقودها أحد أصدقائه المقربين إلا أن الصديق المقرب كاشفه بعدم قدرته على توظيف كمساري في الظرف الحالي لأن الحافلة تضطر أحيانا “للمبيت” ليلتين أو ثلاث في طلمبة الوقود في انتظار حصتها التي لا تحصل عليها إلا بعد لأي شديد وبعد أن يكون السائق قد أنفق “الوراهو والقدامو” في الانتظار وفي سداد فاتورة هذه الحصة التي تضاعفت هي الاخرى أضعافا مضاعفة بأمر الحكومة وظلت مع ذلك في هذه الندرة والصعوبة ، وبالتالي – يقول صديق سمير المقرب – فإن الالتزام باجرة يومية لكمساري يصبح ضربا من “خراب البيوت” !!

2
النتيجة أن الشباب المؤهلين علميا لا يجدون وظائف تناسب قدراتهم ومهاراتهم وتسد رمقهم فيهرعون إلى ممارسة أعمال أخرى هامشية لا تمت إلي تأهيلهم بأي صلة ابتغاء التعفف وأكل لقمة عيش شريفة وحلال ولكن حتى هذه الأعمال الهامشية أصبحت تتمنع عليهم بسبب التدهور المتسارع والركود المريع في الاقتصاد الناتج عن التضاؤل المستمر في قيمة الجنيه السوداني وترى الناشطة بلجان المقاومة نادية آدم أن خفض معدلات البطالة يلزمه في البداية حصر فرص العمل المتوفرة في القطاع العام والخاص لتحديد حجم سوق العمل وايجاد فرص عمل جديدة للخريجين واصحاب المهن والحرفيين وتوفير فرص العمل هو مسئولية الدولة في الاساس لقيام تخطيط اقتصادي للموارد البشرية وخفض البطالة لن يتحقق الا بإيجاد وابتداع فرص للعمل مبنية علي استغلال الموارد الوطنية المتوفرة سواء كانت زراعية او معدنية او حيوانية والتجارب الوطنية سابقا في هذا المجال قادت لفتح مصانع ومراكز انتاج وطني بالافادة من المنتجات المحلية كمصانع الغزل والنسيج ومصانع للالبان ومصانع للبصل وللملابس والاحذية وكلها مصانع نشأت في مناطق انتاج زراعي وحيواني وعمل فيها الاف العمال والموظفين واسهمت في توفير السلع للسوق أضافة الي رفع الناتج القومي للبلاد ووفرت فرص عمل لالاف المواطنين

3
كانت تحديثات مسودة القطاع الخاص السوداني للإصلاح الاقتصادي، قد كشفت، حسبما نشرت الشرق الأوسط في سبتمبر 2019 أن أعداد العاطلين عن العمل ارتفع من ثلاثة ملايين إلى ثمانية ملايين خلال السنوات السبع الماضية. ووفقاً لتقرير وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، الذي اعتمدت عليه مبادرة القطاع الخاص السوداني في تحديث معلوماتها، فإن نسبة البطالة بلغت 32.1 في المائة من حجم القوى العاملة في البلاد البالغة نحو 25 مليون شخص، فيما يصل عدد السكان الإجمالي إلى 41.7 مليون نسمة وقال الفاتح القرشي، المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات أن 42 في المائة من أعداد الشعب السوداني هم من الشباب، و85 في المائة من هؤلاء الشباب عاطلون عن العمل، وذكر تقرير من وزارة العمل السودانية أن البطالة تعد من التحديات التي تظل تؤرق كاهل الدولة وأجهزتها المختصة، رغم الجهود المتصلة بين كافة أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني للحد من هذه الظاهرة، التي تنتشر وسط شرائح المجتمع، وبصورة أكبر وسط الشباب.
4
سالم الامين بشير؛ رائد أعمال، يرى أنه لا يمكننا الحديث عن محاربة البطالة بمعزل عن الأزمة الاقتصادية ككل ، ويعتبر أن استشراء العطالة وسط الشباب و مختلف الفئات هو واحدة من نتائج الفشل الاقتصادي الذي تعيشه البلاد ، بالرغم من الموارد الضخمة التي تتمتع بها ونحتاج أولا إلى وضع خطة اقتصادية واضحة و العمل على تنفيذها ، و هذا لا يتأتى بدون إزالة التشوهات المتمثلة في دعم الاستهلاك ، و سوء الإدارة لا يمكن وضع أسس اقتصادية دون استقرار سعر الصرف و هذا لا يتأتى إلا بتحرير الجنيه من أي دعم ، فوجود سعر حكومي و آخر موازي ، جعل إيرادات المغتربين و حصائل الصادر تهرب إلى السوق الأسود مما جعل سعر الصرف يتغير حسب أمزجة التجار، لأن البنك المركزي لا يستطيع التحكم على الأسعار ، ففاقد الشئ لا يعطيه . ولذلك فإن تحرير سعر الجنيه ، مع وضع ضوابط صارمة ، يمكن أن يضع حدا لتأرجح سعر الصرف ، و هذا يساعد في الاستقرار … واستقرار سعر الصرف يشجع البنوك على دعم مشاريع الشباب و رجال الأعمال ، مما يوفر حراكا اقتصاديا ووظائف تستفيد منها قطاعات المجتمع المختلفة .
لكن – والحديث لا يزال لسالم الأمين – لابد من إجراء إصلاحات حقيقية في النظام المصرفي المتهالك . فرؤوس أموال البنوك الضعيفة اصلا ، تآكلت و بدأت في التلاشي بسبب إنخفاض سعر الجنيه . تخيل أحوال البنوك خلال السنة المالية الحالية فقط ، فالجنيه خسر قيمته بما يتجاوز ال 300% . حيث كان سعر الدولار في بداية العام ب 90 جنيها و الآن تجاوز ال 270 . بمعنى أن أي بنك رأسماله أو قروضه على العملاء يساوي 30 مليون دولار ، أصبح رأسماله فقط الآن عشرة مليون دولار . و هذه خسائر كبيرة و تعتبر انهيارا مصرفيا كاملا لو حدث في أي دولة أخرى
ويرى الأمين أن النظام المصرفي يحتاج إلى إعادة هيكلة و مراقبة لصيقة، لأن كل البنوك لا تدخل في تمويل المشروعات طويلة الأجل ، و معظم تعاملاتها و منتجاتها عبارة عن مرابحات لا تتجاوز فترتها العام الواحد أو العامين ، و نادرا ما تجد البنوك تمول مشروعات تمتد لعقد أو اثنين …
يجب رفع رؤس أموال البنوك بفتح الفرص للبنوك العالمية و الإقليمية للدخول في شراكات مع البنوك المحلية ، ودمج بعض البنوك مع الأخرى تحت مسمى واحد . فارتفاع رأس مال البنك يساعد في توسيع مظلة التمويل لتشمل العديد من القطاعات الزراعية و الصناعية و التجارية . تمويل هذه القطاعات يوفر فرص عمل كبيرة تساهم في تقليل نسبة البطالة بصورة كبيرة جدا .. لكن أي محاولة لعلاج ظاهرة البطالة دون إعادة هيكلة الاقتصاد و النظام المصرفي ، فما هو إلا ذرا الرماد في العيون ، و إهدارا للموارد القليلة . والمشكلة الكبرى أننا موعودون بارتفاع نسبة البطالة أن تواصل التردي الاقتصادي بوتيرته الحالية ، فالعديد من الموظفين مهددين بترك وظائفهم بسبب ضعف الراتب الذي تضاءل و أصبح لا يفي باحتياجات أسرهم لأسبوع واحد ناهيك عن شهر . كذلك الشركات مهددة بالإفلاس و تشريد العمال و الموظفين بسبب انهيار قيمة الجنيه السوداني . و هذا سيزيد من نسبة البطالة . ويختم سالم الأمين حديثه لصحيفة الجريدة بأن الأمر يتعدى علاج ظاهرة البطالة إلى علاج مجمل الأزمة الاقتصادية ، و لا نستطيع حتى منع زيادة نسبته ناهيك عن علاجه ..ويحتاج إلى إرادة قوية من المسئولين و الخروج من حالة التبلد الحالية إلى طرح مبادرات جريئة و سياسات اقتصادية خلاقة .

5
الدكتور اسامة احمد ادريس الخبير في مجال المعلوماتية والذكاء الاصطناعي يقول أن الشباب في السودان يشكل الطاقة البشرية والحيوية القادرة على القيام بالعمليات النهضوية والتنموية الشاملة لبناء المجتمع الا أن نسبة كبيرة منهم يعانون من البطالة وغياب فرص العمل التي تلبي طموحاتهم التي يسعون الى تحقيقها. وليس خفيا على احد ان التحدي الاكبر الذي يواجه الاقتصاد السوداني هو تخفيض معدل البطالة، فان اي خطة اقتصادية لا بد ان تضع نصب أعينها تخفيض البطالة كأولوية قصوى. ويذهب دكتور أسامة إلى أن مفهوم البطالة يرتبط بوصف حالة المتعطلين عن العمل وهم قادرون عليه ويبحثون عنه، إلا أنهم لا يجدونه ويرى انه يجب لخفض معدل البطالة القيام بالتالي:
1. تتبنى الدولة مجموعة من المشروعات القومية التي تستطيع أن تستوعب عدد كبير من العمالة.
2. تتوسع الدولة فى تمويل المشروعات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات متناهية الصغر.
3. النهوض والتوسع في الزراعة والصناعة يساهم فى حل مشكلة البطالة ورفع مستوى الدخول.
4. تقوم البنوك بتسهيل شروط الحصول على القروض للشباب وتيسير طرق السداد.
5. إنشاء أماكن مخصصة لتأهيل الخريجين عند البحث عن وظيفة وتعريفهم بكيفية تنمية مهاراتهم للحصول على الوظائف التي تناسبهم.
6. الاعتماد بصورة اكبر في القطاع على العمالة الوطنية من العمالة الخارجية .
7. تنمية اتجاه إیجابي ورفع الوعي في المجتمع نحو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأثرها في عملية التعليم والتعلم.
8. الوصول إلى مخرجات تعليمية قادرة على مواجهة تحديات مرحلة التعليم بعد الجامعي وسوق العمل .
9. تنمية مهارات القرن الواحد والعشرون ومهارات اللغة وبقية المهارات

الجريدة

‫شاهد أيضًا‬

مقاطعة امتحانات جهاز الأمن بجامعة الخرطوم 1992 … الطريق إلى رد اعتبار الجامعة !

عبد الفتاح الحبيب : أرغم طلاب جامعة الخرطوم في 1992 على أداء الامتحانات تحت تهديد السلاح ا…