
ولنا فى التاريخ عبر
شاكر سليمان حسين :
أول ظهور علنى للتنظيم الإرهابى المتشدد ( بوكو حرام ) عام ٢٠٠٩م الذي قوبل بمواجهة أمنية قاسية تداعياتها جثث متناثرة على قارعة الطريق ، وبمقتل زعيم التنظيم محمد يوسف ، تنفست الحكومة النيجيرية الصعداء فكان تصريحها ( أن هذا التنظيم أصبح نسيا منسيا ) .. ثم تتفاجأ فى العام ٢٠١١م بالظهور مجددا ، أكثر تنظيما وتكتيكا ودراية بالتخطيط الإستراتيجى لتوجيه الضربات الإستباقية الموجعة ، وتمدد إرهابها الى دول الجوار نتيجة غياب الحوار ومقارعة الفكر الضال بعقيدة وفكر إسلامى صحيح قادر على تصويب الفكر الضال وإرجاعه الى جادة الطريق فى مهدها …
توفى المناضل الوحدوى د.جون قرن عام ٢٠٠٥م ، بعد نضال طويل فى الأحراش قاده الى سلام هش ، فجاءت ردود أفعال متباينة ، حزن وصدمة قاتلة لعموم الشعب السودانى الذي إستقبله فى مطار الخرطوم فى مشهد وصف بالإستفتاء التاريخى الذي يؤهله لقيادة البلاد .. ذلك الحدث قابله موقف مغاير تماما ، فرحة عارمة من قيادات وصقور الحزب الحاكم الذين رأوا فيه كاريزما القيادة وتوافق الشعب على شعاره ( السودان الجديد ) المهدد الأول لمشروعهم الحضارى الفاشل .. رحل القائد وواصل أبناءه فى برنامجه إلى أن قادوا الجنوب الحبيب الى إنفصال فى العام ٢٠١١م والسبب تجاذبات وغياب الحوار فى ظل إنعدام مسببات الوحدة الجاذبة …
فى العام ٢٠١١م ٱغتيل د.خليل إبراهيم بهجوم صاروخى غادر بمؤامرة إقليمية ، حينها هلل الحزب الحاكم وكبر واصفا الموقف بقطع رأس الأفعى ولن يتسن لجسمها أن تتمدد مرة اخرى ، ناسيا أن هذا النوع من أفاعى النضال لديها رؤوسا كثيرة ، تلك الرؤوس قادت النضال الى مراميها المنشودة وتتويجها بالسلام عندما توفر معطيات الحوار …
نماذج ثلاثة وغيرها الكثير إقليميا وعالميا نتائجها برهنت أن غياب لغة الحوار ومقارعة الحجة بالحجة فى وجود الهيمنة الأمنية باعتبارها الضامن الأول لإسكات صوت المطالب والحقوق ، وبفقدان قياداتها تذهب إدراج الرياح . تصور عكس مدى ضعف عقلية الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية الهدامة لبلادها …
حكومة الشعب ، حكومة الثورة بقيادة الانموذج دكتور حمدوك إستخلصت العبر ودروس الماضى المرير بترجمة مثلثه ( حرية ، سلام ، وعداله ) على أرض الواقع والنتيجة باهرة ومدهشة خطفت الأضواء وأنظار الجميع وتلمسها الكل إلا من فقد حاستى البصر واللمس ، أو يدعى الطشاش والعمى وفقدان الإحساس الوطنى العام لخدمة أجندته الذاتية الضيقة بوسائل متنوعه رخيصة غير مبررة لإفشال المرحلة الإنتقالية ، وانجازاتها المتلاحقة آخرها توسيع مشاركة الحكم عبر مجلس شركاء الفترة الإنتقالية التى قوبلت من ( عيال أم قطية ) وتوابعهم بنقد لا يبرره منطق ولايسنده الراهن السياسي ما بعد اتفاقية السلام ، لكن هيهات فالنظام الذي يقف على مسافة واحدة من الجميع حتما يقف على أرضية صلبة ومتينة دعوماتها تواجه إى مهدد من أي نوع كان لأنها أدركت أن من لا يتعلم من الماضى ومواقفه لن يرحمه المستقبل …
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …