‫الرئيسية‬ رأي الى عبد الفتّاح البرهان حرّر نفسك، قبل أن تُحرّر الفشقة!
رأي - ديسمبر 29, 2020

الى عبد الفتّاح البرهان حرّر نفسك، قبل أن تُحرّر الفشقة!

احمد الملك :

جميل أن يعود الجيش الى دوره الطبيعي، في حراسة الحدود ورد العدوان الواقع على الأرض والمواطن.
ولكن…من سيرد العدوان الواقع على المواطنين (بعيدا عن الحدود) في داخل الوطن؟
شعبنا ينتظر منك أن تقدّم المتورطين في قتل المعتصمين السلميين من زهرة شباب هذه البلاد الى العدالة، حتى ان كان هؤلاء المتورطين من رفاقك العسكر، شعبنا ينتظرك أن تُسلّم الشركات التي تمارس نشاطا اقتصاديا بعيدا عن ولاية وزارة المالية الى الحكومة المدنية، ينتظر منك أن تُصدر قرارا بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتنظيفها من الكيزان ومن يواليهم من سدنة النظام القديم الجديد، كيف سيحقق من ظلّ يقتل الناس طوال ثلاثة عقود، الأمن في هذه البلاد؟ الشعب ينتظر منك قرارا بتوفيق أوضاع الميلشيات التي تمارس القتل في شوارع الخرطوم وفي كل مكان في بلادنا. كيف تتحدث عن تحقيق السلام ودماء الأبرياء تكاد تصبغ مياه النهر العظيم الذي يطل عليه قصر غردون الذي تقيم فيه؟
ما فائدة وجود نائب عام وجهاز قضائي وشرطة ان كانت اية قوة مسلحة تستطيع العمل خارج القانون، تعتقل الناس وتقتلهم وتستخدم سيارات بدون لوحات، أليست هذه هي الفوضى بعينها؟ ميليشيا خارج القانون وكل فعل تقوم به ينطوي على خروقات لا تحصى للقانون.
حرّر نفسك من سطوة الكيزان والجنجويد، فهما وجهان لعملة واحدة هي الفساد والاستبداد، الطريق الى الخلود في ذاكرة شعبنا يبدأ بالانحياز الى هذا الشعب وإعلان الحرب على من يحاربه، كيف تقبل لنفسك وانت رئيس الدولة، أن تقوم ميلشيا منفلتة باعتقال الناس واستجوابهم وتعذيبهم وقتلهم؟ على بعد خطوات من قصرك؟ ان كنا سنقبل ذلك فلم نحتفل بذكرى الثورة، ولم نمجّد ذكرى الشهداء ونحن لا نفعل شيئا سوى التفرُج على من يسئ لذكراهم؟ على من قتلهم وهو يواصل القتل والتنكيل بشعبنا!
كيف توقّع السلام في جوبا، وتطلب إنهاء مهمة يوناميد فيما الميليشيات المتفلتة لا تزال تقتل المدنيين حتى اليوم في دارفور؟
حرّر نفسك من سطوة النظام البائد الفاسد الذي لا يزال يحكم من وراء ظهرك، لم يفت الأوان بعد لتفعل ذلك، أن تنحاز متأخرا الى ضمير شعبك، الى ثورته، الى دماء شهدائه الأماجد، خير من أن يذكرك التاريخ أنك الرجل الذي أضاع واحدة من أعظم الثورات في تاريخ البشرية.
شعبنا ينتظر منك أن تكون سندا للحكومة المدنية، لا معولا يهدم كل إنجاز تحققه، سندا وظهرا، لا ساعيا دون كلل في تقويض سلطتها عبر الشركاء والأجراء وسدنة النظام البائد الذي أذاق شعبنا الظلم والقهر والعذاب طوال عقود ثلاثة.
حين تفعل ذلك لن تحتاج الى (تفويض) ليحملك هذا الشعب في حدقات عيونه، ويضعك في ذاكرة تاريخه في المرتبة التي استحقها عظماء مثل نيلسون مانديلا، الذي أفنى عمره في النضال من أجل حرية شعبه ووطنه، وحين جاءته السلطة تجرجر اذيالها اعادها الى الشعب، وبقي حتى آخر لحظة من عمره هو السلطة، ليثبت ان السلطة ليست استعراض حرس الشرف، أو تسلُم أوراق اعتماد السفراء وتوقيع المراسيم الجمهورية وتعيين الوزراء واقالتهم، بل هي الموقف، وهي المبدأ وهي التضحية ونكران الذات، هي التقدم في الحرب على الظلم والفساد والقهر، والتقهقر حين يحين أوان توزيع المغانم.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …