‫الرئيسية‬ رأي العام الذي انتصرت فيه الكتب
رأي - يناير 3, 2021

العام الذي انتصرت فيه الكتب

فضيلة الفاروق :

نشرت قارئة من العراق قائمة من 150 كتاباً قرأتها خلال سنة 2020، فنشر أصدقاء لها قوائم كتبهم أيضاً، جميعهم متابعون لصفحة نادي المدى للقراءة في أربيل تحت إدارة الشاعر والكاتب شيار عفريني، هذا النّادي النّشيط لا يتوقف عند اقتراح كتب لمناقشتها، بل فتح عالم الـ”أونلاين” آفاقاً واسعة أمامه، حتى بات منصّة لمراجعات كثيرة كُتبت بحرفية عالية، كما منح لنا فرصة التّعرّف على أشهر نهمي القراءة مثل الكاتب علي حسين الذي يقدم لنا يومياً صباحاً كتبه، مباشرة من مكتبه الذي يشبه مغارة علي بابا والأربعين حرامي يسرقون قلوبنا بتلك الكتب المغرية التي تفتح شهية القراءة.
متابعو علي حسين من كل العالم العربي، بعضهم أسس نوادٍ للقراءة، في مدن نائية لا تخطر على بال، ولكنّها عوّضت الفراغ الذي تعاني منه الصحف بشأن مراجعات الكتب، وأيضاً أكّدت أن “حب القراءة” مثل الفيروس المعدي، يصيب بالعدوى المحتكين به.

منصة أخرى لفتت نظري، وهي من المنصات الرائعة التي يزورها أكثر من سبعة وثمانين ألف متابع، هي “الفهرس” التي أسسها أيمن خيري، يأخذنا فيها إلى عوالم جماليات ذائقته كتباً وأفلاماً وأغان، وباجتهاداته الخاصة، وشخصيته الهادئة وأسلوبه المختصر المفيد، حقق -بالنسبة لي- نجاحاً باهراً بتحفيز متابعيه على القراءة، حتى أنّه من حين لآخر يقدم مجموعات من الكتب كهدايا لمن يريدها، المؤسف فقط أن مثقفاً من وزن أيمن خيري غائب عن نظر مسؤولي البرامج الثقافية في بعض الفضائيات والتي تصرُّ على منح الفرص لكل من يتقن تنفيرنا من القراءة، والكتب، ويعمل على تدمير مشهدنا الثقافي.

هذه الشراهة للقراءة زادت مع حلول “كوفيد 19″ ضيفاً عليناً في هذه السنة الغريبة، حيث عشنا الحجر عدة مرات، وبدأت رحلتنا في التنقيب عن الكتب بحثاً عن معلومات وجائحات سابقة ألمت بشعوب الأرض في أزمنة سابقة، مثلي أنا، أعدت قراءة الطاعون لألبير كامو، قبل أن يذكرني صديق برواية العمى لخوسيه ساراماغو، وكتب أخرى خاضت في الأوبئة التي شهدتها الإنسانية سواء كمتخيل أو واقع.

على المستوى العربي اضطرت مكتبات كثيرة للعمل بطريقة التوصيل المجاني من أجل بقائها، ويبدو أنها أحدثت اكتشافاً مهماً وهو أن الناس لا تقرأ لأنها لا تجد وقتاً لزيارة المكتبات. وعلى كل إن كان فاقد الشيء لا يعطيه، فقد غير تسويق الكتب عبر الـ”أونلاين” هذه القاعدة، فأصبح فاقد الشيء يجده بين يديه، فيعطيه بمحبة لغيره، إذ نشأت حلقات تضم القراء المفلسين الذين عادوا لعادة استعارة الكتب، حتى أن أحدهم على مقربة مني فتح متجراً لإعارة الكتب القديمة والمفقودة من المكتبات بأسعار رمزية.
المهم أن وسائل توصيل الكتب تطورت، والأهم أن الكتاب حقق انتصاراً عظيماً في عام الـ “كورونا” بامتياز.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …