‫الرئيسية‬ رأي العين في (العسكر) والطعن في (حمدوك)
رأي - يناير 5, 2021

العين في (العسكر) والطعن في (حمدوك)

عمرو شعبان :

• يقول الفقهاء (لا اجتهاد مع النص).. اذا فمن باب اولى ألا يكون هناك اجتهاد مع الوقائع.. ووقائع التجربة تقول إن المحصلة الكلية لمطلوبات الثورة السودانية وشارعها تساوي صفرا..
• المؤسف اننا نتوقف عند محطة التوصيف فقط، قبل الانتقال الى خانة (السب واللعن)، ولا نبذل خطوة أخرى في سبيل العبور للضفة الاخرى وإكمال نصف الصورة وتفسير (لماذا صفر؟).. فعدم المحاولة او بذل الجهد في تفسير (لماذا؟) هو نتاج طبيعي لمناهجنا التعليمية التي تكتفي بالتلقين والنقل والتوصيف لا التحليل وممارسة الجدل الذي هو (اس) التطور البشري، ومع ذلك يهاجمون(القراي)..
• البعض عمليا يجتهد منطلقا من نظرية المؤامرة والشخصنة، ويرون أن الصفر يلام عليه الشخوص، معيدين بذلك للاذهان سيناريو المخلص والمهدي المنتظر، وكأنما لم يشاهدوا عادل امام في مسرحية(الزعيم) بأن (الشعب اللى مصيره فى أيده هو الفارس وهو الحارس).. والبعض حينما يعييهم التفكير يذهبون الى التعميم وباستياء ونفس متقطع يرددون(المدنيين ضعيفين).
• ومثلما يرى الاقتصاديون أن الحكومة لجأت للحلول السهلة على حساب جيب المواطن المثقوب بالاصل، ينتهج الكثيرون ذات السيناريو المؤسف ويتهمون المدنيين بـ(البيع) ويجلدونهم بـ(سياط التخوين).. متناسين ربما عن عمد انه (لا يوجد مشروع ثوري اصيل تحبطه خيانة) لكنها ربما تعطله قليلا ويتعثر بها، لكنها بحال من الاحوال لا تميته، وأن الشعب هو البطل، وبالدارجي(ماف بطل بيموت لكن بيتعب ساااي)..
• يتهمون رئيس الوزراء بالضعف تارة وبالبرود تارة اخرى، ووصلت الحملة الدعائية حد محاولة اقناع الشارع بفشل الرجل، مع العلم بأن الرجل لم يفوت سانحة الا واعلن للشعب (لماذا دوما المحصلة صفرية؟) لكن لأن مناهج التعليم في بلادنا جبلت على انتاج العقل السوداني الكسول، وفقا لقاعدة البحث عن (الساهلة) فإننا نريد أن يخرج حمدوك ويقول (الروووب) في بلاد تتكاثر فيها الافاعي بأسرع من انحياز الكتلة الحرجة ابان الحراك المجيد..
• الخطوات السياسية لرئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك توحي بأن الرجل ومنذ اليوم الاول يدرك جيدا حجم المطبات التي تعترض طريقه.. ومفردة (توحي) لأصحاب العقول الكسولة تعني أن الامر تقديري وتحليلي في قراءة وفك وتركيب الوقائع واعادة ترتيبها..
• اولى الخطوات السياسية الحمدوكية جاءت في فبراير من العام الماضي حين اشعل فتيل غضب الفلول والعسكر، عندما طالب ببعثة سياسية اممية تراقب تنفيذ السلام في السودان، ليقطع الطريق على سيناريوهات التملص من العهود وابتلاع السلام في بطن الحوت.
• لم يمض عام بالتمام والكمال على مفاوضات السلام، الا وكان الطرف البعيد عن مفاوضات المسارات اي الحلو يوقع مع حمدوك اعلانا للمباديء في اديس ابابا يحدد طبيعة المدنية لكينونة الدولة السودانية ويحرر قدسية الدين من تشويهات السياسة.. فلم يرض عنه من يريدون أن يظل السودان محكوما بـ(القبور) وحلفائهم من جنس الذين ترقوا رتبا في كنف حكم فقهاء الحيض والنفاس.. وتمضي الايام ويستند الحلو على ذات اعلان المبادئ الموقع مع رئيس الوزراء في ميثاق لتحالف جديد.. ويقول قائل إن رئيس الوزراء تكبر وتجبر وانفلت وبلا حاضنة، لكن الوقائع تقهقه ساخرة بان رئيس الوزراء عمليا وضع الاساس لحاضنة حقيقية بديلة تتكون من قوى الثورة الحية تاركا شركاء الدم في غيهم يعمهون..
• شهور طويلة وشعبنا يعاني ضنك العيش ومرارة الحرمان و(نقنقات الصفوف) ليخرج رئيس الوزراء بالـ(زيت) معلنا أن 85% من موارد البلاد خارج مؤسسات الدولة المعنية، اتساقا مع امتصاص مؤسسات الدولة الموازية لخيرات الوطن، في رد واضح ومباشر حينما حاول الشريك (المتناغم) أن يلقي اللوم على حكومة الثورة وابراز المدنيين كـ(فشلة)، لتسويق حملة الارتماء في حضن البوت مرة اخرى.. لـ(يحرق) حديث حمدوك كل مزايدات الشريك وتكتيكاته في خنق المدنية.
• تمض الايام ويرتحل اصحاب الهبوط الناعم الى مسارهم وفوق مقاعدهم، وينفرط عقد الحاضنة الام، بتكتيكات وتكتيكات، وعندما يحين اوان تسليم المدنيين لمجلس السيادة يبرز مجلس الشركاء يترأسه العسكر مرة اخرى في اغبى سيناريو للتمديد (البرهاني) وكحاضنة بديلة قوامها المتماهون مع العسكر والعسكر ورفاق الكفاح المسلح.. ويحرج حمدوك الجميع بحريق بيانه يوم ذاك، كاشفا للشارع الطموح في التغول على المدنية بديكور حزبي لا يسمن ولا يغني، ولايرضى عنه سوى المرتهنين للـ(كاكي)…
• وترتحل الايام ويغرق الناس في سيناريوهات اليأس والاحباط والجوع والصفوف، ويجأرون بالشكوى والسخط واللعن على (قحت) ورئيس الوزراء والمدنيين، في بؤس وتجسيد غبي لعدم الوفاء.. فالصارخون من أجل الوقود او الكهرباء او الخبز تناسوا لوهلة أن يخفضوا صوتهم قليلا تأدبا وحياء، فما تزال هناك امهات يشتعل(حشاهن) على دماء ابنائهن التي لم (تبرد)، من اجل ذات المطالب.. متناسين لوهلة أن الوقود لم يكن (ازمة) حين تطاير الرصاص في شوارع الخرطوم، ولم تكن المواصلات (أزمة) والمواكب الزاحفة تأتي من الكلاكلات والحاج يوسف واقاصي البلاد راجلة لأجل المدنية ولا سواها، ولو اعادوا سيناريو فض الاعتصام وجلدوا الجميع ليصرخوا (عسكرية)..
• اليائسون والمحبطون والمرددون لهتافات الدولة الموازية واصحاب المصالح في لعن الحكم المدني يتساوون مع قتلة الشهداء، وبدلا من التركيز وبإصرار والحاح على القصاص الذي تلقائيا يفكك الدولة البوليسية وينهي سيطرة العسكر والبوت، يصرفون الانظار بالشعارات البطنية التي تتخذ من مسار المجاري مصيرا لو يعلمون.. ويرفعون شعارا مزيفا(من اجل ابنائي) متناسين الاجابة على سؤال( اين كانوا حينما كان يقتل الابناء؟)، وعمى الله بصيرتهم، فلم يشاهدوا مواكب الابناء ما بعد الثورة، ومطلبها الاخير دوما وآخر الأولويات هو المعيشة.. فـ تبا لبؤسكم وبؤس من تصدقون ومن ترددون حديثه وتبا لما تنطقون، وسيظل الهتاف(هذا اوان خروجنا من زمان الخبز للعشق المؤسس للحياة)..
• خطوات رئيس الوزراء بابتعاث بعثة سياسية وتوقيعه مع الحلو، واعلانه بأن 85 %من موارد البلاد خارج مؤسساتها، ورفضه لسيناريو مجلس الشركاء.. الا يعني أن العدو واحد.. وهو ذاك الممسك بخناق بلادنا 52 عاما، وحمى خلالها في 30 عاما نظاما سياسيا هتك السيادة والشرف وقدسية الدين واستهان بحياة الانسان..
• ان الشريك مطالب بالعودة الى جادة الصواب، فقسمه الذي اقسمه كان على حماية البلاد لا حكمها.. او ستظل المعركة قائمة الى يوم يبعثون، فالسودان لا ولن يحكم بإسلاميين أو عسكر مرة اخرى، هذا او الطوفان.
• ليس لدينا ما نخسره سوى حيواتنا لكنهم يخسرون الامتيازات الـ(ممصوصة) من عرق الجباه الشم ودم المستضعفين..

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …