هواء طلق … لماذا يصر حمدوك إصرارا ً شديداً هكذا على الكيزان والفساد؟
فتحي البحيري
جاءت ثورة ديسمبر تتوجيا لنضالات مريرة غاضبة ومبصرة تراكمت طيلة 30 عاما على الأقل .. هذه النضالات لا يمكن أن تفطر على وضع مشابه للإنقاذ بعد هذا الصيام المقاوم الطويل .. ولقد كانت أبرز ملامح زمن الإنقاذ الملعون هي الفساد الذي أزكم كل الأنوف … وجعل السودان يتزيل باستمرار قوائم التقارير السنوية العالمية للشفافية .. ومهما كان الاتجاه الذي “تشوت” عليه حكومة حمدوك فإن أدنى درجات الحصافة السياسية تحملها على إظهار وجه مخالف لوجه الانقاذ القبيح من هذه الناحية على الأقل من حيث الخطاب والسلوك معا .. ولكن وللدهشة والأسف الشديدين فإن هذه الحكومة العجيبة قد أبدت لا مبالاة منقطعة النظير حيال حالات الفساد الموثقة الكثيرة التي شابت عملها طيلة العامين الماضيين وبدت وكأنها تقول “طز” لأي معايير موضوعية للشفافية على الرغم من ادعاءاتها الفخمة والضخمة أنها تمثل التيارات الثورية التي يفترض فيها أن تكون مقاتلة ومنافحة لأجل هذه الشفافية التي طال شوق الشعب لها وأنها تسعى للاندماج في الاقتصاد العالمي و… و…. الخ .
لم يخضع مسؤول واحد لمحاسبة ولو شكلية على الرغم من أن تقارير تم نشرها حيال حالات فساد محتملة تورط فيها الوزير السابق مانيس أو ما عرف بفضيحة الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس وشحنة الملابس المستعملة وحالات أخرى تطال جميع وزراء المالية الثلاثة الذين تعاقبوا خلال فترة حكم حمدوك القصيرة إضافة للحالات الكثيرة للفساد المحتمل للشركة السودانية للموارد المعدنية وأخيرا وليس آخرا …. الفساد الفاقع لونه يسوء الناظرين فيما يلي عك شركة ثمرات وتبديدها لأموال عزيزة لهؤلاء المواطنين الذين تصر حكومة حمدوك العجيبة على سومهم سوء عذاب غلاء الأسعار المتصاعد بلا هوادة ولا رحمة وخفض قيمة العملة المحلية وبالتالي خفض قيمة عرقهم ودمهم مزيدا مزيدا حتى الهلاك والذوبان وغير ذلك من فنون العسف الذي لا يشبه إلا عهد الانقاذ الذي لا يبدو أنه انقضى أبدا … وكأنك يا ابوزيد ما غزيت … وكأنك يا عم البشير ما سقطت وكأنكم يا شهداء يا كرام لم تبذلوا النفس والنفيس لأجل غد أعز وأكرم لهذا الشعب الثائر الأبي!!
وإضافة إلى إصرار حمدوك العجيب الشديد على معانقة الفساد ومضاجعته بهذه الصورة الخليعة المقززة فإننا نلمس إصرارا آخرا لا يقل استفزازا وعهرا وذلك بالجرأة غير المفهومة على تعيين المزيد من الكيزان والقتلة والأمنيين المنتمين لنظام الانقاذ المندحر أو الذي يفترض أن يكون مندحرا في مواقع مهمة وحساسة ولا يمثل تعيينه لسيء السيط والسيرة المدعو حمدين مؤخرا مديرا للمركز القومي للمعلومات إلا قمة جبل جليد الفضيحة التي لا يجب لأحرار الثورة ورفاق الشهداء السكوت عليها أبدا .. ويبدو أنك يا حمدوك لا تعي خطورة النار التي تلعب بها والتي لن ينجيك من الاحتراق بها كل سفهاء الكوكب وان اجتمعوا لذلك وهيهات.
إنها لثورة عظيمة مجيدة ظافرة وعلامة فارقة في تاريخ هذا الوطن وهذه البشرية وإنها لنور كاشف مضيء لمن آمن بها وانخرط سيلها الجارف العرمرم الذي لن يتوقف أبدا بأخوي وأخوك … وإنها لنار محرقة لمن ظن أن بوسعه التلاعب بها وبمصيرها وأهدافها وشعاراتها كائنا من كان.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …