البرهان قاعد في الصقيعة
عمر عثمان :
ما إن أعلن رئيس الوزراء حمدوك حكومته المدنية على مستواها الولائي وتعيين الدكتورة آمنة المكي واليا لنهر النيل وجد البرهان ضالته في كسب ود وتكوين حاشية ممن تقطعت بهم السبل من أبناء جلدته وأولئك الذين تطادرهم لجنة التفكيك من فاسدي النظام البائد ولما كان الحديث عن القبيلة صعب الخوض فيه نسبة لدعم ناظرها الشرعي للثورة وحكومتها المدنية ولم يجد الرجل بدا من تأجيج الصراع داخل بيت النظارة وان أدى ذلك لتقسيمها فقط انصب همه في دعم من يصفق له تحت أي مسمى، شاركه في ذلك جريح آخر إصابته سهام الدكتورة آمنة المكي بعد أداء القسم مباشرة فتحرك هو الآخر بتنسيق مع قائده هناك لقيادة أكبر وأول عملية استهداف تطال الثورة ليس في شخص آمنة المكي بل للنيل من المدنية التي صوروها للعامة والسابلة بأنها كفر وليس هناك كفر أكثر من (تولى المرأة) شأن ولاية دار جعل وهي فرية أطلقتها الابواق النتنة والحلاقيم الجائعة والقلوب الواجفة.
دقت الطبول والبرهان يبحث عن حاضنته المفقودة وسط أهله وعشيرته في حين أن جنرالات الحروب من حوله تحيط بهم المرتزقة من قبائلهم إحاطة السوار بالمعصم، فبدأ الرجل الذي يتبع لمؤسسة يفترض فيها الحيادية والبعد عن كل ماهو عنصري خلاف أمراء الحروب أولئك، عاري الصدر مكشوف الظهر فلا هو يستند على المؤسسة التي ينتمي إليها ورجالاتها ولا هو قادر على استقطاب حاضنة شعبية، تحرك مناصروه الذين يبدون كالمصابين بالجرب ومن لفظتهم مجتمعاتهم المحلية من الفسدة وبقايا النظام البائد، تحركاتهم الخجولة البائسة لدعمه وفشلوا حتى في استقطاب أهل قريته لدعمه الذين تبرأوا منه.
نظم الانقلابيون صفوفهم ورتبوها مع بعضهم البعض تسندهم مليشيات الرجل الواحد، خلاف البرهان الذي لا يضمن أن كل مؤسستة تؤتمر بأمره أو موافقة على ما يفعله، فجبريل الكوز ومناوي وحتى عقار وقبلهم حميدتي يستطيعون أن يملوا على قواتهم إلى قرار وان كان اجتياح الخرطوم نفسها ولن يجدوا غير سمعا وطاعة يا جنرال، بينما القائد العظيم لا يستطيع، إذ أصبح في جزيرة معزولة فلا هو يمثل مؤسسته ولا هو واجد للسند الشعبي الذي يمكن أن يعطي (معادلة السلاح) اتزانها.
فالخاسر الاوحد من اعتصام الموز هو البرهان كما الخاسر الأعظم من إغلاق الشرق هو الرجل نفسه فترك الان بيد حميدتي وكذلك ترس الشمال خارج سيطرة صديقه البوذي الشرهه للسلطة بلا وعي، ومصر التي يستند عليها في دعمه ضد خصومه العسكريين قبل المدنيين لن تعصي أمر لإسرائيل ولا الإمارات ولا روسيا أن طلبت والسعودية تسارع لافتتاح قنصليتها بالشرق قبل وصول حميدتي لروسيا والإمارات الذي أصبح أمر استلام الميناء مسألة وقت بالنسبة إليها ومعلوم من هو الذي يتحرك الان بين الإمارات وروسيا التي تقف شركات تعدينها شامخة في فيافي ووهاد وجبال البحر الأحمر بلا حسيب.
يبقى الحديث عن وجود حركة مسلحة في الشمال رجز من عمل البرهان، في محاولته الآخيرة لإنقاذ مايمكن إنقاذه من سلطة بدت تتسرب من بين يديه، بحيث لن يفيده وجود الفلول ضمن هذه القوات لأنهم اعتادوا على الموز قبل كل شئ والموز مابين ايادي اردول وخيام جبريل وأوامر حميدتي، لحركة ولدت ميتة لن تستطيع أن تحشد أكثر ممن انفض سامرهم من فلول الأمس ولن يعودوا الا كما اعتادوا في اعتصام الموز وقطار الزهور، ونهر النيل لن تكون الكتف التي تؤكل منها وحدة السودان وتماسكه.
فالبرهان الان اصبح وحيدا بلا صديق أو داعم يمكن يمد له يديه، حتى من وثق فيهم وحركهم لكسب حشد وسند شعبي، بامتيازات ومناصب كبيرة، كانوا قد خدعوه بالا وجود لهم في الولاية ولن يكسبوه سندا هم فاقدوه، انتقلوا للمعسكر الآخر واغرقوه بالهدايا والأراضي والمناجم، بل قاسموه حتى الذي منحهم له الرجل تقربا.
* غريب وحيد في غربته..
حيران يكفكف دمعته..
حزنان يغالب لوعته
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …