السودان اغنى من الخليج وبما لا مجال للمقارنة
أنور سليمان
ليس علي سبيل تعزية النفس بالنسبة الينا كسودانيين في ازمتنا الوطنية الراهنة ولا الاثارة الرخيصة او حتي التقليل من مقدرات الخليجيين لكن للحقيقة فان السودان اغني من دول مجلس الخليج مجتمعة ولجهلنا بهذه الحقيقة طفقنا نبحث عن الثراء في الخليج فكان السودان هو الخاسر الاكبر من هذه الصلة ‘حالة الاغتراب للعمل في الخليج’.
تاريخيا معروف انه قبل انتاج النفط وطفراته في الخليج كان السودان يتمتع بحالة رفاهية معيشية ممتازة واقتصاد زراعي وصناعي ومعرفي ناهض.
كانت نسب فوائض ميزانية الدولة في ارتفاع مضطرد والميزان التجاري تميل كفته لصالح البلد، كان التعليم العام والعالي يقدم خدمة مجانية بالكامل ووفق المقاييس الدولية، وكذلك خدمات الصحة العلاجية، ومعدلات البطالة في ادني مستوياتها ولكل المجتمع اذ كانت المرأة تتقدم في كل المجالات حذو الرجل؛ في القطاعين العام والخاص وفي صفوف الجيش والبوليس وسلك القضاء والبرلمان ووو.
كان السودان بمورده البشري فقط ‘كادر جيد التعليم وكادر عالي التدريب والتأهيل’ ينافس علي مركز بين الامم المتقدمة.
كانت المسارح ودور السينما تعج بالرواد والعروض وكليات الفنون والموسيقي والمسرح والسينما والنقد تزخر بالباحثين والدارسين.
كانت محطات القطارات والمطارات تشاد وشبكة الطرق والاتصالات تمتد لتربط مليون ميل مربع 2.2 مليون كيلومتر مربع هي مساحة القطر وتخدم ما يناهز ال 20 مليون نسمة هو عدد السكان حينها.
من علامات فيض خير السودان كانت الخبرات الفنية والادارية تعار وتنتدب لمساعدة دول الخليج علي بناء اجهزتها وهيئاتها وهيكل دولها.
لا اعلم متي بالضبط بدأ التراجع في السودان او اسبابه لكن تزامن ذلك مع صعود نجم سعد الخليج
فكل الكوادر التي ابتعثت الي الخليج في عقد الستينات وما تلاها ذهبت بوعي ثقافي عالي واغلبها عاد بمستوي بدوي علي النمط السلفي، وفيما لم يكن للحكومات السودانية توجه للتأثير السياسي علي شعوب الخليج استخدمت الحكومات الخليجية نفوذها المالي لدعم تيارات واسقاط حكومات في السودان، فجماعة الاخوان المسلمين وجماعة انصار السنة و الجماعات السلفية كلها نالت وبعضها لا يزال ينال تمويلا خليجيا و ترفدها ايضا فكريا ( فقهيا ) وتسندها سياسيا.
ان السودان خسر كثيرا من حالة اغتراب السودانيين وعملهم في الخليج فاغلبهم اسهم في تغيير عادات وسلوك المجتمع السوداني ودفعوه دفعا نحو التزمت والتشدد والتطرف وكان من قبل مجتمع منفتح ومنعتق من اسار الاحكام المسبقة ومن سيطرة رجال الكهنوت.
ان السودان بموارده التي سبق الاشارة اليها وبما يمتاز من خصائص طبيعية وجغرافية ‘ اطول انهار الأرض، اضافة لمئات الانهار والصغيرة والوديان والخيران، ومليارات الامتار المكعبة من المياه الجوفية، وملايين الأفدنة من الغابات والمراعي.. هو الاغني بما لا مجال للمقارنة وما كان ليحتاج للتأثر بالخليج! لكن للأسف غياب الرؤية السياسية والارادة كذلك لعقود، وصعود تيارات للحكم عن طريق الصدفة المحضة وبفضل التدخلات الاقليمية ‘الخليج ومصر ايضا’ وضع موارد البلد وسلم مقاليد ادارته لأيادي لا تحسن ادارة ولا تري من الثروات الا ما تشكل ماديا امام عينيها المريضة بالرمد والعشي وعمي الالوان جعل السودان يخسر في كل يوم من رصيده الحاضر والمستقبلي.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …