كان عليكم أن تعرفوا أن الحياة هي لحظة الحب هذه
إبراهيم البكري
في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ البشرية، أعني لحظة الهَوَان والعَجز الكليّ المُتكامل أمام كائنٍ مجهريٍّ يُهَدِّد من يظنون أنهم أعتَى عتاة الوجود، وأنهم المتصرّفون في مصائر الكوكب الأرضي، بل والكون كله؛
في هذه اللحظة، تمنّيت أن يُجاء بكل دكتاتوريي الحياة قَتَلة الناس وصُنَّاع الدمار؛ تجار الأسلحة النخاسين المنفوخين بهباء تجبّرهم، المتسلِّطين السفَّاكين سفاحي الأحلام، دائسي قلوب الأمهات في فلذاتهنَّ والأمهات ذاتهنّ، سالبي طالبي الحقوقِ حياتَهَم قبل حقوقهم؛
تمنيت أن تُحَنَّط لهم لحظةُ فعلهم الذي اقترفوه في حقّ ضعفاء مثلهم، إلا من المحبة والجمال
لنأتي مثلاً بنيرون، وتُنفخ روحه في جيفته قبيل أن يَحرِقَ روما بلحظة، ثم يُجَابَه بذُلِّه وقلة حيلته أمام هذه الكورونا.
هل كان سيقدِم على فعلته تلك؟
هل كان هابيل سيقتل قابيلا؟ وهل سيسفك القتلة دم قتلاهم؟ هل سيسبقون الكورونا عليهم؟.
أما رأيتم سهلي العريكة ،من الناس والشعراء والفنانين، وهم يدعونكم إلى الدخول إلى الحياة من باب المحبة والجمال؟
أما سمعتم موسيقاهم التي بحَّ صوتها وتشقَّقت حناجرها وهي تدعوكم إلى السلام؟
أيها القتلة، عليكم أن تعلموا الآن أنكم أنتم المجهريون، مثل هذا الفيروس، بل أنتم أكثر حطّة منه لأن هذه هي طبيعته، أما أنتم فقد كان بإمكانكم أن تُقَدِّموا المحبة للناس ولكنكم لم تفعلوا، كان بإمكانكم تطبعوا قبلات على ذات الجبين أو تُدخِلُوا فرحةً على ذات القلب الذي شككتم فيه رمحاً أو خرقتموه بطلقة.
كان عليكم أن تعرفوا أن الحياة هي لحظة الحب هذه لا سواها، وأنكم حين ضننتم بها إنما ضننتم بها على أنفسكم بالذات.
كان بإمكانكم أن تشعروا بأن الحياة هيِّنة، وأنكم ومن قتلتموهم أهون وأضعف من رعشة أخيرة في جسدٍ يتعرَّق محموماً وهو يُوَدِّع الحياة مفتوكاً به من قبل كائن فقاعيّ ذي أهداب لا يُرى بالعين المجردة.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …