‫الرئيسية‬ رأي هل أنت صِحافيّ؟
رأي - يوليو 11, 2020

هل أنت صِحافيّ؟

ايمن مستور

* ذات يوم كان الصحافيون هم مصدر المعلومات الموثوقة والمهنية، وكان الآخرون يتابعونهم وينقلون عنهم، ولكن الآن أصبح صانعو الإشاعات والأخباز الزائفة هم مصدر المعلومات وبعض الزملاء للأسف يتبعونهم وينقلون عنهم لتتغير الأدوار بطريقة مخجلة، حيث تحول ناشطون لصحافيين رغم أنف الصحافة، وتحول بعض الصحافيين لناشطين يجيدون النسخ واللصق، ونتيجة لذلك لم يعد هناك نقص في الصحافيين المهرجين الذين يرددون الإشاعات والكلام الذي يحض على الكراهية، ويشاركون في حملات قتل الشخصية والتضليل، بدلاً عن أداء واجباتهم المهنية والتعبير عن آرائهم بالأدوات والقوالب الصحفية.

* الصحافيون هم من يصنعون الأخبار والمواضيع ويكتبون التقارير ويواجهون المخاطر من أجل التحقيقات، ويملكون أدوات التحقق من المعلومات والوصول إلى المصادر المختلفة، وهم من يواجهون المرض والتعب والفقر وهضم الحقوق والموت، وهذا العمل لا يمكن الاستهانة به، فقد سميت الصحافة بمهنة البحث عن المتاعب لأنها ليست عملاً سهلاً يمكن أن يقوم به أي شخص، فهي تضحية ومغامرة وألم وأخلاق، ولأنها كذلك ينبغي حمايتها من المتطفلين والمقتحمين.

* ينبغي أن يستعيد الصحافيون دورهم ويتربعوا على مقاعدهم بكل قوة بدل تركها لجيوش الحمقى، لأنهم أهل المهنة وعليهم استعادة وقارها وتحمل مسؤوليتهم والاجتهاد رغم البؤس الذي يعتري الواقع الصحفي، فالصحافة مسؤولية مبنية على الأخلاق، وإذا أردت أن تكون صحفياً فعليك تحمل المسؤولية ونقل الحقيقة كما هي، لا كما تريدها، وهناك الكثير من الزملاء يمتازون بالمهنية والحياد في نقل المعلومة دون إضافة أو تحريف أو تغيير في المضمون، وهذه هي الميزة الأساسية للصحفي المحترم.

* من المعلوم أن الصحافة السودانية تواجه أزمات متعددة مهنية واقتصادية بسبب السيطرة عليها من تجار لا علاقة لهم بالمهنة، وحتى المحتوى أصبح في تردٍ مستمر، وتغيرت اللغة الصحافية وتم حشوها بكلمات ومصطلحات فارغة، وأقل دليل هو أن بعض الصحف أصبحت تستخدم ما يمكن أن نسميه لغة الشارع، وتركت اللغة السليمة والمصطلحات الملتزمة بأدب المهنة، وإلا كيف نفسر استخدام كلمات مثل (ماسورة، فتيل، بل.. إلخ)، هذا ليس تماشياً مع الواقع، وإنما نزولاً للغة غير لغة الصحافة، فأنت صحافي يجب أن تكتب كصحافي وتتحدث كرسول للمعرفة، وعلى من يريد لغة الشارع أن يبحث عنها في الشارع.

* مثل مهندس أو طبيب غير مدرب، فإن الصحافيين الذين يفتقرون للمهنية يمكن أن يسببوا ضرراً بليغاً، إذ يمكن أن يقوموا دون قصد بإشانة سمعة شخص ما أو ينشروا الأكاذيب، أو يحرضوا على العنف -من كتاب دليل الصحفيين السودانيين- وأخيراً هذا الحديث ليس درساً أو محاضرة للزملاء، وإنما تذكيراً لنا جميعاً بأن لا نترك مهنتنا تُختطف من قبل الآخرين، وأن لا نتماهى مع أصحاب الأجندات غير الأخلاقية، وإنما يجب علينا التمسك بالمبادئ والقيم المهنية، فالصحافي يجب أن يقود الناس إلى حيث الحقيقة والمعرفة والوعي والنقد البناء لإصلاح الأخطاء، لا أن يسمح بأن يُقاد هو في اتجاه مغاير.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …