نيوزيلندا والسودان الحلقة (3)
د. محمد صديق العربي
في المقالين السابقين تناولنا ملامح من ماضي وحاضر نيوزيلندا وتسخير مواردها وواقع السودان الآني وفى هذا المقال سوف نواصل بعض العوامل التي يمكن ان تساهم في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بشكل مباشر ولكنها الأصعب تناولا في الامر اذ انها ترتبط بعوامل أخرى وفيها تداخل سياسي وقد نتطرق له بصورة مباشرة لذا عزيزي القارئ ان كنت من الذين يمتنعون عن هذا الشأن فأنصحك بالاكتفاء بهذا القدر.
كما ذكرنا انفا الفساد بشقيه المالي والإداري هو المقوض الاساسي الذي يهدد سفينة التنمية، الفساد المالي فأشكاله معروفة كالرشوة والاختلاس وخلافه اما الفساد الإداري فأشكاله متعددة ومتجددة وامثلته كثيرة كالواسطة وتأخير انجاز المعاملات والشفافية وإساءة إستغلال السلطة والفساد الناتج عن استخدام الموارد العامة لتحقيق أهداف شخصية والتدخل في مجرى العدالة قد نجد في بعض الشعوب يتم كسر القوانين وعدم التقيد بها من المشرع نفسه سواء كان وزير او موظف عادى وفى مجملها ناتجة عن غياب هيبة الدولة.
نتائج الفساد باي من اشكاله المختلفة كارثية وبالأخص في الشعوب النامية اذ يؤدى الى فقدان هيبة القانون في المجتمع بتعطيل القانون وقتل القرارات والتوجيهات الصادرة ويفقد المواطن العادي ثقته بهيبة القانون وتصبح حالة التجاوز على القانون هي الأصل واحترامه هو الاستثناء، لذا الاقتصاد النيوزلندي ظل يتمتع بقوة جذب كبيرة لأرباب العمل والشركات ويتمتع بأجواء عمل شفافة ومستقرة مما يجعل قوة الجذب للمستثمر هائلة لأنها ببساطة الأولى عالميا في الدول الأقل فسادا.
كنا قد توقفنا عند سد النهضة وتأثيره على المنطقة ككل سوف ابدا بما كتبه د. سلمان محمد أحمد سلمان وهو أحد الخبراء ومستشار قوانين المياه بالإدارة القانونية للبنك الدولي بواشنطن العاصمة، قال فوائدُ سدِّ النهضة على السودان هي:
1. وقف الفيضانات المدمّرة من مياه النيل الأزرق.
2. تعدّد الدورات الزراعية (من دورة واحدة إلى دورتين، أو حتى ثلاث دورات في العام
3. انتظام وزيادة توليد الكهرباء من سدود السودان.
4. التغذية المتواصلة للمياه الجوفية المرتبطة بالنيل الأزرق (ونهر النيل نفسه) وانتظام الملاحة على النيل الأزرق ونهر النيل طوال العام.
5. حبس الجزء الأكبر من الطمي الوارد من الهضبة الإثيوبية وراء سد النهضة.
6. إمكانية شراء الكهرباء الإثيوبية والتي تقلُّ تكلفة توليدها كثيراً عن تكلفة التوليد في السودان، بدلاً من مواصلة سياسة بناء السدود المُكلّفة مالياً واجتماعياً وبيئياً للسودان وشعبه.
7. سد النهضة سوف يساعد السودان كثيراً في استخدام نصيبه من مياه النيل بموجب اتفاقية عام 1959م.
لن نحاول سرد أي تفاصيل مما ذكر أعلاه، ولكن لابد من توضيح موقع كل من السدين عن الخرطوم العاصمة اذ يبعد سد النهضة عن العاصمة الخرطوم حوالي 450 كلم بينما يبعد السد العالي حوالي 1200 كلم مما يعنى اقل تكلفة في خطوط النقل، وتشكل الكهرباء اهم عامل في النهضة بالقطاع وهي العمود الفقري للبنية التحتية للعمل على تصنيع وتسويق المنتجات وتشغيل المطارات والمسالخ وحفظ المنتجات المصنعة وعمليات الشحن الجوي والبري فهي اهم عنصر فيها. نجد إجمالي إنتاج السد العالي من الطاقة الكهربائية هو 1600 ميجاوات بينما المتوقع من إنتاج كهرباء سد النهضة هي 6450 ميجاوات وكما هو من اساسيات علم الاقتصاد اقل تكلفة انتاج تعنى اعلى قيمة ربحية وتعتبر الكهرباء الناتجة عن التوليد المائي هي الأقل تكلفة على الاطلاق.
والمتابع للشأن العام والخط السياسي لمصر في الأيام الفائتة رشح في الاعلام، شحن 10 مخابز آلية ضخمة تنتج 2 مليون قطعة خبز يومياً من مصر وفى لقاء مع قنصل مصر بالسودان أكد مصر دعمها الكامل للفترة الانتقالية في السودان، وكشف القنصل المصري عن وجود أكثر من 4 ملايين سوداني مقيمين بوطنهم الثاني مصر حسب التقارير الرسمية ونفى “عدلي” عما رشح من معلومات عن سعي مصر لإقامة قاعدة عسكرية بدولة جنوب السودان.
نجد في الثلاث معلومات السابقة أعلاه ثلاث رسائل مبطنة الأولى هل فكرت فعليا الجارة في تغيير سياساتها تجاه السودان وأدركت ان جيل الثورة خرج على كل شى قديم، التبعية والانقياد الاعمى وان لاشي يعلو المصلحة العامة؟، والثانية لا تنسوا شعبكم يحتاج الينا كثيرا فأعدادهم بمصر تقارب اعداد سأكنى ولاية الخرطوم، والثالثة بإمكاننا صنع خميرة عكننة بافتعال الحروب العبثية على الحدود ،عموما ينظر جيلنا الحالي الى العلاقة المصروسودانية بعين الريبة ونجد ذلك في الخط العام في شبكات التواصل الاجتماعي الى النداء بالتوجه الإفريقي ومناهضة الارتباطات التاريخية بالجارة الشمالية، وتظل حوجتنا الى الطاقة الكهربائية أكثر من حوجتنا لقطعة خبز.
منظومة الدفاعات الصناعية
منظومة الدفاعات الصناعية هي مجموعة الشركات التي تتبع للجهات الأمنية وقدر عددها بحوالي 200 شركة ورشح في الاعلام التزام هذه المنظومة بدعم خزينة الدولة بمقدار 2 مليار دولار (مقاولة) عموما هذه الشركات هي الشركات التي تسيطر على كل ما يمكن ان يرفد اقتصاد السودان بمورد مالي محترم يمكن ان يخدم كافة شعب السودان بدلا عن فئة او جهة معينة من فئات الشعب وهذا ما عرفناه انفا بانه أحد ازرع الفساد الإداري.
تمتلك منظومة الدفاعات الصناعية احدى شركاتها المسماة بشركة الاتجاهات المتعددة وهي بدورها مالكة لمسلخ الكدرو ووحدة تسمين عجول، وتقوم الشركة بتصدير الحيوانات المذبوحة وهذه خطوة ممتازة في تغير صادر الحي وكما ندعو الى التوسعة في التسويق وكسب المزيد من الأسواق العالمية كما ان أكبر مستورد للحوم السودانية هو المملكة العربية السعودية هي بصدد تغير سياساتها باستيراد الحيوان الحي عدا موسم الهدي ،لأنه يزيد من التكلفة بالتسمين داخل المملكة العربية السعودية وخاصة ان علف الحيوان فيها مدعوم بنسبة 50% وكما ان السعودية منعت زراعة الاعلاف بالداخل.
ويظل السؤال قائما كيف دفع الاقتصاد الكلي للسودان بشركات تحدد سقف دفوعات محددة سلفا للدولة؟
ونواصل
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …