نيوزيلندا والسودان الحلقة (4) والأخيرة
د. محمد صديق العربي
في هذه المقال الأخير من الحلقات سوف نحاول ذكر جزء من أسباب تعطيل حركة التنمية في السودان طوال الحقبة السابقة منذ الاستقلال والى يومنا هذا وإضافة بعض التوصيات المتعلقة بمجال الثروة الحيوانية:
1. الفساد بأشكاله الإدارية والمالية وقدمنا الإدارية على المالية اذ هو الأكثر انتشارا في مجتمعنا.
2. غياب الرؤية الاستراتيجية التي تحدد اين نحن الان وماذا نريد في المستقبل لنا ولأجيالنا وكيف تحقيق ذلك.
3. غياب القائد الملهم ذو النظرة بعيدة المدى طوال فترات حكمنا الذاتي بعد الاستقلال.
4. إنهيار الخدمة المدنية وتدهورها بشكل كبير في السودان، كما ساهم بما يعرف بالتمكين بإزاحة العناصر الفعالة والمؤهلة والمدربة واستبدالها بأخرى غير مدربة او مؤهلة في قيادة دفة الدولة مما أدى الى هشاشة في الأداء العام.
5. غياب البحث العلمي وغياب التمويل وموجهات البحث العلمي لحل المشكلات في كافة مجالات الزراعة والثروة الحيوانية.
6. الحروب الاهلية العبثية والنزاعات القبلية.
7. الحصار الاقتصادي لمدة الثلاثون عام أوقف كثير من التعاون بين الجامعات الدولية ومراكز البحوث المتقدمة.
أسباب تأخير السودان في هذا المجال كثيرة ويمكن لكل المهتمين بهذا الشأن ان يكتبوا عنها عشرات النقاط، ذكرنا انفا نقاط منها فقط على سبيل المثال لا الحصر، سوف نحاول وضع مقترحات أو يمكن تسميتها توصيات وكما ذكرت انفا هي بمثابة عصف ذهني وقابلة للتعديل والاضافة من كل اهل الاختصاص لنرفع من هذا الشأن:
1. انشاء المربعات الصحية Comportment Health
لا يوجد في كل المنطقة العربية مربع صحي عدا في الأردن، وكذلك محاولة شركة الاتجاهات المتعددة بإنشاء مربع صحي غرب ام درمان في مساحة 200 فدان رغما عن تحفظاتنا على نشاط الشركة بالمجال وتساؤلاتنا هل يمكن ان تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطنى؟، إن مبدأ إنشاء المربعات الصحية ليس جديدا ً بالنسبة للمصالح البيطرية، وقد طبق عمليا ً لمدة طويلة ضمن إطار برامج مكافحة بعض الأمراض استناداً لمبدأ خلو القطعان من أمراض محددة.
المطلب الاساسي للمربع الصحي هو تنفيذ إجراءات السلامة الصحية وصياغة طرق إدارتها لإتمام عزل عملي لبعض القطعان عن غيرها.
يمكن أن يتضمن برنامج الانتاج الحيواني مثلا ً في بلد ٍ أو منطقة موبوءة إجراءات للأمن البيولوجي وإدارتها بحيث تصبح مخاطر بعض الأمراض أو مسبباتها لا تأثير لها تقريباً. وإن مبدأ إنشاء المربعات الصحية يتوسع في عملية تطبيق مكافحة “المخاطر الحدودية” إلى مدى أبعد من الحدود الجغرافية، كما يأخذ بعين الاعتبار جميع العناصر الوبائية التي تساعد في ايجاد فصل فعلي بين القطعان منعا ً لانتقال مرض محدد بينها وفقا ً للشروط الخاصة بالمرض المعني.
يفضل إنشاء المربعات الصحية ورسم حدودها قبل حدوث تفش ٍ لمرض ٍ ما وذلك في البلدان أو المناطق أو المربعات الصحية الخالية من المرض، وفي حال وجود أحد التفشيات أو بلدان أو مناطق موبوءة يمكن إنشاء المربعات الصحية واستخدامها لتسهيل التجارة الدولية وذلك بإعلان خلوه من مرض أو أمراض محددة والأخذ بعين الاعتبار العناصر الواردة او المرتبطة بإجراءات السلامة الصحية والتي يمكن في بعض الحالات أن تؤثر في درجة الثقة التي حققتها إجراءات السلامة الصحية العامة وأعمال الرصد والوضع الوبائي في المناطق المجاورة والمناطق الأخرى المرتبطة وبائيا ً بالمربع الصحي كما يجب توفير البنية التحتية التي تشمل:
• السياج العازل أو آية عناصر مادية تؤمن العزل الفعال.
• التجهيزات الضرورية لتنظيم دخول الأفراد: مراقبة المداخل وغرف تبديل الثياب والاستحمام.
• دخول وسائل النقل بما فيها إجراءات الغسيل والتعقيم.
• تجهيزات إنزال البضائع وتحميلها.
• اماكن العزل للحيوانات الداخلة إلى المنشآت.
• المختبر المكتمل والمجهز بالمعدات والطواقم الفنية.
• المسالخ المكتملة والمجهزة بوحدات التبريد ووسائل النقل.
• كما يمكن ان يحتوي على مصانع تجهيز وتغليف المنتجات الحيوانية.
• العمليات المرتبطة لدخول المواد والتجهيزات.
• مخازن حفظ الأعلاف والمواد البيطرية.
• التخلص من الجثث والزبل(السماد) وباقي النفايات.
• مصادر امداد مياه منفصلة.
• الإجراءات التي تمنع التعرض لناقلات الأمراض الميكانيكية والبيولوجية كالحشرات والقوارض والطيور البرية.
• التمون بالعلف ومصادره.
الحديث عن المربع الصحي بشكل مفصل قد يطول الحديث عنه ولكن بشكل عام هي بمثابة دولة داخل دولة لا يوقف الصادر عن المربع الصحي إذا ما تفشى مرض في البلد ككل ومعترف به من قبل (Oie) مكتب الأوبئة الدولي لتنظيم التجارة الدولية كما انه يشتمل على خطة للأمن البيولوجي ونظام تعقب ورصد لمسببات الامراض وتوثيق وفيه من المهم تحقيق اكتشاف وتشخيص وإبلاغ مبكر للمرض من أجل التخفيف من نتائج التفشيات.
ولعل انسب منطقة لإنشاء المربع الصحي في السودان هي المنطقة الواقعة شرق نهر عطبرة الى داخل مناطق البطانة وذلك لقربها من مناطق انتاج المحاصيل في ولاية القضارف كما ان سهول البطانة غنية بالحيوان وسهولة نقل الحيوانات من الولايات الأخرى وقربها الى حد ما من ثقر السودان بورتسودان وكذلك قربها من الخرطوم وكما يمكن إعادة تأهيل مطار مدينة عطبرة وجعله مطار دولي والاستفادة من كهرباء سد النهضة في المنطقة الشرقية لها دور فعال والعمل على شق مزيد من الطرق مثل طريق يربط منطقة البطانة بنهر النيل وكذلك ولاية القضارف دون الحاجة بعبور الخرطوم، وتأهيل خط السكة حديد من نيالا الى عطبرة وانشاء محطات شحن وانزال الحيوانات وتخصيص ميناء خاص بصادرات الزراعة والثروة الحيوانية ويكون حديث وجهز بأحدث التقنيات كما ان المنطقة من المناطق الخالية من الامراض لذا هي الأنسب والاصلح.
2. إعادة هيكلة بنكي الثروة الحيوانية والزراعي وجعلهما في بنك واحد وإعادة كل الأسهم الغير حكومية وتسميتهما (بنك الزراعة والثروة الحيوانية) وتفعيل دورهما في النهوض بالمجال فقط والترويج للاستثمار في المجال بالشراكات الدولية المثمرة وتمويل العاملين في المجالين وتمويل الدراسات النوعية وعمل المسوحات.
3. تولى الدولة اهتماما فعليا بالمجال.
4. ارسال الوفود الى الخارج للترويج وفتح أسواق عالمية جديدة وعدم الاعتماد على سوق واحدة وبشكل واحد.
5. اعفاء المجال الزراعي الحيواني من أي ضرائب أو أي رسوم عبر الولايات لتوفير الامن الغذائي أولا داخل البلاد بالسعر المناسب للمواطن ومن ثم السوق الخارجي.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …