حين اكتشف البعض أن جيوبهم تتسع لمفاتيح سياراتهم
الطيب بشير
حين اكتشف البعض أن جيوبهم تتسع لمفاتيح سياراتهم..و..انتهت ظاهرة “دلاية” المفاتيح الأنيقة!!
الزمان: منتصف ثمانينات القرن الماضي
المكان: الخرطوم..جامعاتها..منتدياتها الثقافية..الحيشان التلاتة..و كل مكان ينبت العز
كان مرتادو تلك الأماكن في غالبهم، أبناء رواتب.. ..تتراوح خياراتهم بين الفول و البرنجي و بص/ حافلة بحسب السكن..و بين كل خمسين أو ستين واحد تجد صديق لصاحب زميلك يمتلك سيارة..غير أن معظم هؤلاء الشباب كانوا يحرصون على سلسلة أنيقة تتدلى منها مجموعة مفاتيح يعتبر مفتاح السيارة أهمها..و كان في ذاك الزمن إما فضي أو ذهبي قبل أن تلحق بنهايته تلكم الكتلة البلاستيكية السوداء السميكة التي زادت في تمييزه بعد أن زاد هو في تمييز حامله على سائر الفقراء من وجهاء البلد وقتها.
“دلاية” المفاتيح نفسها كانت مجال للفنون و الإبداع..فمنها الخشبي المشغول بحروف أجنبية/عربية ..و فيها رسالة محددة..كأغنيات الراحل مصطفى سيد أحمد..أو حرف يرمز للمستهدفة يكون بالإنكليزية و بحجم بارز..و بعضها من الخليج فيه أجراس ترد عليك إن أطلقت صافرة، يدعي أصحابه ان مفاتيحهم تضيع منهم و الأرجح بين جمهور الفقراء أنها “حركة في شكل وردة” يقصد بها الدهش التقني المصحوب بخلعة تستحسن ما ترى.
“دلاية” المفاتيح ممكن تكون من الجلد.. و برضــو فيها أغنيات الراحل العظيم مصطفى..و غير ذلك الكثير..
يستفيد صاحب المفتاح/الدلاية من الرهبة التي تصيب جمهور الفقراء حين سماع “الكشكشة” المنفـّـرة للرجال المجـفـّـلة لقلوب الصبايا، و يزيد هذا من درجاته في المنافسة في قلوب المستهدفات و ودادهن..و يعرف طرفا المنافسة تلك الميزة، فتجد صاحب المفتاح يتقدم بجسارة من يملك نيران كثيفة لحسم المعركة، فيما يتراجع أخُ الحافلات كدولة تردد عقب الهجوم عليها (نحتفظ بحق الرد)..و هي عبارة مهذّبة لمقولة (أحي الروووووب) عند عامة الناس غير أنها لا تليق بالديبلوماسية.
و لأن الزمان من شأنه التغيير و التقلـّـُـب..
فقد دخلت البلاد في الفترة الأخيرة سيارات كورية و بنوك تجعل من ركوب السيارة أمرآ ميسورآ، هذا عدا سيارات الحكومة التي شملت بــ”عطفها” الكثيرين من ركاب المواصلات العامة بالميلاد..لذا تراجع الإعلان عن ملكية العربية في الونسة تراجع أسهم بوش عقب ضربة الحذاء..و أصبح مالك السيارة شخصآ عاديآ لا تضيف له السيارة مزايا..لذا إختفت ظاهرة كشكشة المفاتيح في الونسة و الإعلان بها للزوجة للخروج كأنسب صافرة لإنهاء الزيارة و تذكير من زرناهم بأن الذين تفضلوا عليهم بالزيارة من ملاك السيارات!!
واتسعت الجيوب للمفاتيح و ضمـّــــتها بالأحضان .
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …