حكايتي مع محمد عصمت يحيى
اشرف سليمان
في سنة 1998، كنت أقوم بتدريس اللغة الالمانية في معهد في قلب الخرطوم، في السوق العربي (عمارة بنك الخرطوم جوار المدرسة الأهلية).
كان اسم المعهد (فوز للمعلومات والأبحاث).. وكان معهدا شاملا.. تدرس فيه لغات متعددة وحاسوب بالإضافة لكورسات الطب والهندسة والقانون لطلاب الجامعات.. وكان المعهد مجهزا بأحدث وسائل التدريس مثل السماعات الصوتية المركزية والهيد بروجيكتر وعروض البوربوينت..الخ.
صاحب المعهد ومديره العام أصبح معروفا لديكم الآن ألا وهو الأستاذ محمد عصمت يحيى، رئيس الحزب الاتحادي الموحد والقيادي في التجمع الاتحادي المعارض.
أذكر أول مرة دخلت عليه في مكتبه الفخم، كان يجلس على كرسي وثير ويلبس بدلة كاملة بربطة عنق أنيقة.. كان مهندما ووسيما وهو يضع نظارات نظر سميكة فتزيده حسنا وبهاء.
كان يتحدث إلي بصوت هاديء وعميق ويمط شفتيه كعادته عند الوصول لنقطة هامة يعقبها صمت قصير ثم يواصل حديثه بنفس النسق الهادئ.
عرفت الأخ محمد عصمت عن كثب، كان مثقفا سياسيا وفكريا… من تصرفاته يعطيك الانطباع بأنه شخص يحب التطور والابتكار والمبادرات الايجابية. وفي أوقات فراغي كنت أجلس معه لساعات لنتحاور في الفكر والسياسة.
سألته ذات مرة لماذا اخترت اسم “فوز” للمعهد؟ سكت برهة ومط شفتيه كعادته ثم أردف قائلا: فوز إمرأة مستنيرة كانت تحضر في دواوين الشعر والأدب في ثلاثينات واربعينات القرن المنصرم.. ولم يعقب بعدها..
في فترة من الفترات، مر المعهد بظروف عصيبة، الأمر الذى أدى لتأخر رواتبنا. وكنت تقريبا “زعيم الأساتذة” أو كما قال عادل امام “رئيس القعدة”.. فنصحت جميع الأساتذة بالإضراب الشامل إلى أن تصرف رواتبنا..
المهم في الموضوع بطريقة أو بأخرى، عرف الأخ محمد عصمت موضوع الإضراب وإنني من وراءه وإنني من حرضت الأساتذة على ذلك. فما كان منه إلا أن دعا لاجتماع طاريء وبدأ الحديث بصوته العميق مع الإكثار هذه المرة من مط الشفاه…
تحدث في البداية عن أمور عامة وشرح للعقبات والظروف الطارئة التي يكابدها المعهد. وفي النهاية نظر الي نظرة مغايرة كانت مشحونة بالغضب والاستياء وتحولت تلك النبرات الهادئة العميقة إلى طبقات صوتية أشبه بزئير الأسد، وصار يوبخني على تحريضي على الإضراب وقال لي في نهاية المطاف بالحرف “لو جينا للاضرابات، أنا ذاتي زول إضراب وبحب الإضرابات، بس ما بالطريقة دي” هههههه
لكن محمد عصمت قطعها لي في راسي.
التحية والتقدير والاحترام للاخ مديري محمد عصمت يحيى، والتحية لجميع الأساتذة والاستاذات زملائي في معهد فوز… الاستاذ الفاتح البنا ونمر وعصام شلال ووليد ومهلب والاستاذة أماني امين وسبنا ونجاة وبثينة مدكور والأستاذة سحر المدير الاكاديمي والاستاذتين سماح محمد عثمان وسارة إبراهيم في قسم الكمبيوتر وهما من درسوني الحاسوب واخيرا الأخ الباشمهندس ياسر عوض مسؤول الأجهزة السمعية والمرئية ورفيقي في هواية الصيد.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …