‫الرئيسية‬ رأي العلمانية، و المريسة
رأي - سبتمبر 5, 2020

العلمانية، و المريسة

خليل محمد سليمان

كمدخل بمناسبة توقيع حمدوك، و الحلو إعلان المبادئ لفصل الدين عن الدولة، احكي ليكم قصة حصلت لي حكاها لي واحد..

في عطلة نهاية الإسبوع الماضي وصلت درجة الحرارة في ميتشغان 95 درجة، فهربت مع بعض الاصدقاء إلي شاطئ البحيرة عند جراند هيفن ” البيتش”.

و نحن جلوس إذا بمسؤلي الامن توقفوا عند خيمة لفتاتين بجوارنا كانت بحوزتهن علب بيرة، بدون مقدمات امسك رجل الامن بعلب البيرة من اياديهن، و اراقها، حتي العلب المغلقة اخذها لأن القانون يمنع وجودها البتة في هذا المكان.

الغريب في الامر تجاذبوا اطراف الحديث في مواضيع لا علاقة لها بالموضوع الاساسي، و تبادلوا الإبتسامات، و مضى رجال الامن حال سبيلهم، و جلسن الفتاتين، و كأنه لم يحدث شيئ.

جميعهم يعرف القانون، و قدسيته، فطبقوه بكل ادب، و إحترام، و يا دار ما دخلك شر.

قلت لصديقي ممازحاً ” والله المشهد دا لو حصل عندنا في السودان كانت “البونية” دورت، و إحتمال تجيب ليها حرب اهلية، لأن الموضوع فيهو “حقارات”.

امريكا ام العلمانية تمنع بالقانون شرب الخمر في الشوارع، و الاماكن العامة، و المنتزهات، و لا يجوز حملها و هي مفتوحة حتي داخل السيارة، فبالقانون لها اماكن مخصصة في البارات، و المطاعم، و صالات الديسكو، و في منزلك لك الحرية المطلقة.

في امريكا تُعتبر قيادة السيارة تحت تأثير الكحول جريمة عقوبتها صارمة.

امريكا ام العلمانية تمنع بالقانون الدعارة، و ممارسة الجنس في الاماكن العامة، و الشوارع، و الحدائق، و المنتزهات، و حتي في السيارات بالمواقف.

في ام العلمانية امريكا الاديان محل إحترام، و تقديس من الجميع، فالمجتمع الامريكي هو الاكثر تديناً في كل الغرب.

العلمانية لم تمنع احد ان يذهب الي الكنيسة، او المسجد، او ايّ معبد لأيّ معتقد.

فالمسيحية دين الاغلبية، تجدها روحاً، و إيمان، و ثقافة غالبة، في تفاصيل كثيرة دون ان تحمل وصاية علي الآخرين.

في عملة امريكا ام العلمانية توجد عبارة دينية..

IN GOD WE TRUST.

فالعلمانية تعني الدولة المدنية التي تُعلي قيّم القانون فقط.

و لأننا شعوب، و امم من ثقافات، و اديان مختلفة فلابد ان نتراضى، و نتوافق، و نتواثق علي قوانين تحكم حياتنا لنعيش في سلام، و طمأنينة لطالما نعيش كشركاء بالتساوي في الحقوق، و الواجبات، لا وصاية لاحد، او جماعة علي الآخرين.

إذن العلمانية هي من إصول الدين الإسلامي نصاً، و روحاً، و الذي جاء في الآية الكريمة “لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ”. اما الوطن فهو لنا جميعاً.

من اجل السلطة و صراع الايديولوجيا، و فرض النفوذ بالحق، او بالباطل كان لابد من التغبيش، و الإستثمار في تجهيل الناس، و قيادتهم بالعواطف، و الاشواق، كالقطعان، و توزيع صكوك الغفران، و ضمان الآخرة، ليتمتع السفلة بالسلطة، و نهب مقدرات الغلابة.

العلمانية لا تعني الفوضى، و لا تعني التسكع، و لا تعني الفساد، و لا تعني الكفر، و لم تكن ايديولوجيا في مواجهة الاديان، او الثقافات.

العلمانية تعني صياغة قوانين، و إسلوب حياة يحترم العام، و يصونه، و يضمن حرية الفرد، و خصوصيته في الدين، و المعتقد، و الممارسة.

العلمانية لا تعني هزيمة طرف امام طرف، و لا إنتصار لطرف علي طرف، فهي إنتصار لتنوعنا، و إختلاف ثقافاتنا، و ادياننا، لنعيش في ارض واحدة، تحت علم واحد شركاء اعزاء نشد بعضنا البعض، لنصنع ما نستحق من حياة.

كتبت هذه السطور تحت تأثير الشربوت، الذي إستمرأت صناعته بعد عيد الاضحى، و الذي لم تعدي عليه ثلاث ليالي، فسمعت فتوى من احد الشيوخ يقول” إن لم يتجاوز الثلاث ليالي فهو نبيذٌ طاهرٌ حلال” وهذا الشيخ يمثلني.

تخريمة..

السادة الكيزان الذين يتباكون علي حرية التعبير، و التظاهر السلمي، و القمع.. إختشوااااا..

علي الحكومة ان تشترى الف علبة بمبان قصاد ايّ كوز، و ان يُحرموا من التظاهر، و حرية التعبير، كجماعة، او حزب إرهابي، كما حرموا الشعب السوداني، و قمعوه لثلاثة عقود.

يجب ان يتمتعوا بالحرية كأفراد، داخل منظومة الشعب،و المجتمع، و الجماهير، و إلا البل من الشعب، و اجهزة الدولة.

احمدوا الله علي هذه الحكومة التي يسيطر عليها تيار الهبوط الناعم، و العواطلية، و المتسكعين، و عُضوا عليها بالنواجذ، فبديلها ستتخطفكم حبال المشانق، و النفي من علي الارض.

” لدينا شعب، و ثوار تعرفونهم جيداً.. يكرهون سيرتكم حد الكفر”.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …